الرؤيةُ الوطنيةُ ستجعلُ من اليمن دولةً عُظمى
إقبال جمال صوفان
تهدفُ الرؤية الوطنية للدولةِ اليمنية إلى بناء دولة حديثة، ديمقراطية، مستقرة، وموحدة، قائمة على إنشاء مؤسّسات قويّة، وتحقيق العدالة فيها، تعزيز التنمية، توفير الحياة الكريمة للمواطنين اليمنيين، والسعي نحو الاستقلال، أغلبنا يريد تحقيق كُـلّ ذلك من خلال دولته ومن خلال عملهِ وتوجّـهه، وبذل جهدهِ الدؤوب في الإصلاح الداخلي والخارجي، ولكن تلك الإجراءات والتحَرّكات لا تخلو من العوائق والعقبات، ربما صعوبات وربما أشخاص وهذا ما يؤثر سلباً على سير مؤسّساتنا الحكوميّة.
لو سلّطنا الضوء فقط على الموانئ البحرية والثروة السمكية لوجدنا اليمن في أرقى المستويات المالية؛ لأَنَّها تمتلك سواحل يبلغ طولها (2000) كيلو متر، ويصل عدد أنواع الأسماك إلى (450) نوعاً، القطاع السمكي في اليمن كنزاً وطنياً ثميناً؛ لكنهُ لم يُستغل بالطريقة المُثلى، ولم يحظَ بالاستثمارات الّتي تساهم في زيادة الإنتاج السمكي وتحافظ على الأحياء البحرية، في الماضي، كان هناك غيابٌ كبيرٌ للرقابة وإهمال أكبر من قِبل الجانب الحكومي.
أما اليوم فـدول الاحتلال الصهيوأمريكي السعوديّ الإماراتي لم تقصر في شيء، بسطت نفوذها في حضرموت، شبوة، سقطرى، وعدن، ثروات هائلة وعائدات ضخمة تذهب لخزينتها وخزينة عُملائها ومرتزِقتها، إنتاج النفط في حضرموت يصل إلى (160) مليون برميل في العام الواحد! كُـلّ ذلك ولا زال (83 %) من النفط الخام في اليمن لم يمس بعد، أَيْـضاً الإمارات في سقطرى أكبر محمية طبيعية في بحرها وبرها، سقطرى التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي تعبث بها دويلة تبلغ مساحتها بضعة أمتار، شبوة كذلك تسيطر عليها السعوديّة وفيها ثروة حيوانية تقدر بمليون وَ(601) ألف وَ(650) رأسًا من الماشية والحيوانات الأُخرى وَ(241) ألفًا من طوائف النحل، لم تكتفِ بذلك فقط، بل أجرت مسحًا جويًّا بواسطة شركات أجنبية عن مكامن النفط والغاز في المهرة ومدت أنبوبًا نفطيًّا عبر المهرة وُصُـولاً إلى بحر العرب، وفي يناير 2013م كشفت محطة “سكاي نيوز” البريطانية أن أكبر منبع نفط في العالم يصل إلى مخزون نفطي تحت الأرض يوجد في اليمن، وهذا يُشير إلى أنه بمقدور اليمن تصدير ما يصل إلى مليوني برميل يوميّاً!
أهداف الرؤية الوطنية بدأت بالتحقّق ولكن ببطء نوعاً ما، والّتي تنص على التالي:
- تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
- تعزيز نظام الحكومة القائم على أسس حديثة وديمقراطية.
- تحقيق تنمية مجتمعية شاملة وعادلة ومتوازنة.
- تعزيز اقتصاد متنوع يقوم على الاستثمار الفعال للموارد الطبيعية والبشرية.
- إنشاء سلطة إدارية مؤهلة وفعالة ومهنية وشفافة، خاضعة للمساءلة.
- تطوير سلطة قضائية عادلة ومستقلة.
- تنمية المهارات الإبداعية والابتكارية للأجيال الشابة.
- توفير تعليم عالي الجودة لجميع أفراد المجتمع.
- إنشاء نظام صحي حديث يلبي احتياجات المجتمع.
- تعزيز الجيش الوطني على أسس حديثة ومعايير وطنية.
- إنشاء نظام للأمن القومي يحمي مصالح اليمن ويضمن السيادة واستقلالية صنع القرار.
كلّ ذلك سيكون له نتائج مُبهرة، إذَا لم يكن هناك محابة في الوظيفة، إذَا لم يكن هناك رشوة، هذان عنصران مهمان، المحابة والرشوة هما أخطر ما يواجه المؤسّسات الحكومية، بعد ذلك ننتقل إلى تفعيل الكفاءة الإدارية التي لا بُـدَّ أن تكون في بيئة مناسبة، ومن ثمّ التعيين الذي يعتمد على النزاهة والتأهيل والخبرة، أي “اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب”، التأكّـد من وجود التربية الدينية والأخلاقية، الإشباع وتحسين مستحقات الموظفين، وتعيين الحقوق والواجبات اللازمة عليهم، هنا ستتمكّن الكفاءات الإدارية من أداء الأعمال على أرقى مستوى، وأخيراً يأتي دور الرقابة والمُحاسبة لكشف أية إدانات قد تُثبت على أي موظف، وبعد كُـلّ ذلك لا بُـدَّ أن يكون فصل كامل بين السلطات الثلاث الرئيسية القضائية، التنفيذية، والتشريعية، ومن ثمّ تأتي الصحافة والإعلام لتغطية كُـلّ ذلك.
المُعالجات والرؤى والإصلاحات كثيرة جِـدًّا ولكن ليس هناك من يُطبقها فعلاً، هناك من يُطبقها قولاً ولوائحاً فقط لا غير، قائد الثورة يقول: “يجب أن نعمل على إحداث تغييرات جذرية، نحن نُخضِع الواقع الرسمي الآن للتقييم، وتشخيص الإشكالات”، وهذا ما يجب أن يُنفذّ وبالحرف الواحد، السيد القائد صرّح بأن الجانب الرسمي حظي بعدة فرص لم يستجب ولم يتفاعل، وقد حان وقت التغيير من الجذور فعلاً، حالة الفوضى أصبحت سائدة، وزراء ومسؤولون نراهم فقط في وسائل الإعلام!
نريد نقلة نوعية نرى الفرق الواضح من خلالها، الفساد الإداري لا بُـدَّ أن يُحارب ويخضع لكل العقوبات كائناً من كان، زمن الناهبين ولّى وأصبح للشعب كلمته وقراره، كفى عبثاً بتضحيات هذا الشعب ودماء شهدائه.
صحيحٌ نحن نعيش في ظلِ عدوانٍ محتلّ ناهب ولكن لا بُـدَّ من السير في اتّجاه إيجاد الحلول والبدائل وقد سرنا في ذلك الاتّجاه، الاكتفاء الذاتي يتصاعد يوماً بعد يوم، الإنتاج المحلي يستعيد حيويته، الابتكارات العلمية تعود من جديد، الجيش يُؤسس بأضخم المعدات والتدريبات، أصبحت قراراتنا مُستقلة، وكلّ ما يتبع ذلك سيكون حتماً ناهضاً بدولتنا، الّتي ستعود الأرض الخضراء السعيدة من جديد.
لقد تحقّق جُزء من أهداف الرؤية الوطنية وَإذَا تحقّقت بأكملها فسوف تجعل من اليمن دولة عُظمى بالفعل.