اليمنُ تحملُ راية أُمَّـة محمد
دينا الرميمة
كعادتهم ومع كُـلّ ربيع محمدي يتبوأ اليمنيون الصدارةَ في إحيَـاء ذكرى ولادة الحبيب المصطفى بقلوبٍ يحدوها التعظيم لهذه المناسبة وَصاحبها، حتى أصبحت ربيعاً محمدياً تكتسي فيه الأرض اليمنية سُنْدُسًا أخضرَ وتمتلئ الساحات بالعاشقين لرسول الله ومنهجيته، والمعبرة عن هُــوِيَّتهم الإيمانية في مشهدٍ نادر رسمه اليمانيون حباً ولهفةً وشغفاً، حتى وكأن بك تشعر أن رسول الله حاضرٌ بينهم بروحه وجسده.
وفي وقتٍ اكتسح الأُمَّــة الإسلامية الصمت والخنوع تجاه الإساءَات التي يتعرض لها نبيها وقرآنها ودينها، وَجبنوا عن مواجهة تلك الحرب العلنية على القيم والمبادئ المحمدية والإنسانية، التي ما بُعث رسولنا الكريم إلا لإتمامها، إلا أن الشعب اليمني تصدوا بكل قوتهم لكل تلك الهجمة الشرسة التي شنت على دينهم، كما هو حال أرضهم التي هي الأُخرى تتعرض لحرب وَحصار، فكان اليمنيون أكثر الشعوب تمسكاً بقيم الدين المحمدي الأصيل الذي يريد الغرب استبداله بجاهليتهم الأُخرى المشحونة بثقافات غربية وظواهر دخيلة علينا كبشر قبل أن نكون مسلمين، كظاهرة الاستكلاب التي انتشرت مؤخّراً، وهي جاهلية أخطر من الجاهلية الأولى التي قضى عليها نبينا الكريم، وبكل حكمة استطاع اليمنيون التغلب على المس الوهَّـابي الذي أصاب بعض أَو لنقل الكثير من أبناء الأُمَّــة، وَالذي جعل من المناسبات الدينية بدعةً وَكفراً تدخل فاعلها النار وعلى رأسها مناسبة المولد النبوي الشريف.
فكانت اليمن الحجابَ الواقيَ والسد المنيع في وجه خزعبلات العالم الكافر وَالمتلبسين بالإسلام زوراً وكذباً وَأعادت للمناسبات الدينية، وعلى رأسها مناسبة المولد النبوي وهجها وَرمزيتها، حتى أصبح اليمانيون موضع اقتدَاء وقُدوة للكثير من الدول الإسلامية في رفع ذكر الحبيب المصطفى وإحيَـاء ذكرى مولده الشريف بعد أن أوشكت على أن تندرِس.
وكيف لا وَصاحب هذه المناسبة هو أعظم من خلقه الله واصطفى وَبه أقسم دوناً عن غيره من بقية الأنبياء فقال: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)، وهو الوحيد الذي لم يخاطبه يوماً قط باسمه، فكان هو النبي وَالرسول في كُـلّ حوار وَخطاب معه، ورفع ذكره فكان قمراً وسراجاً منيراً وجعله تاج كُـلّ فضيلة وباب كُـلّ وسيلة!!
فكان لهذه المناسبة موعدٌ ينتظره الجميع في مشهدٍ أغاظ أعداء الله وأعداء نبيهم، وزلزل الأرض من تحت أقدام من ظنوا أن محمدًا قد مات وقل أتباعه وَمناصريه، وَمن ظن أن الإسلام الذي حطم قوى الشر وَالباطل قد اندثر وَوهن صيته، هم اليمانيون حملوا راية الإسلام عن بقية أُمَّـة محمد بقلوبٍ وأفئدة وألسن تلهج بحب محمد وَتقتفي أثره وَتحيي سنته وترفع ذكره في يوم يطوي الأيّام وَلا يطوى وَيحيي النفوس وَلا يحيا وَيشفي صدور وَقلوب آمنت صدقاً وَيقيناً أن رسالة محمد هي الرسالة الخالدة بخلود الزمان وَأنها باقية في كُـلّ مكان وأنها المنهجية الحية منذ بعثة صاحبها حتى قيام الساعة.
من هنا من أرض اليمن وَعليها توحدت القلوب في حب نبيها وَإعلاء ذكره، فلا أحسابَ وَلا أحزابَ وَلا أنسابَ وَلا قائدَ ولا مقود وَلا رئيس وَمرؤوس وَلا خلاف أَو اختلاف، فالجميع في حب محمد -سواءً اتِّباع وتأسٍّ وَتوقير ونُصرة-؛ فانتحرت البدعة تحت أقدامهم وَتماهت وتلاشت كُـلّ أحلام الحاقدين على محمد وحزبه، في رسالةٍ نسجها اليمنيون لهم بخيوط من ذاك الحب المحمدي جسدت كُـلّ معاني الولاء وَالانتماء الصادق للدين المحمدي الذي لا وَلن يأفل نوره أَو يخفت أَو يزول.