ذكرى المولد.. حضورٌ بعدَ غُربة
د. مهيوب الحسام
إنه نبينا ورسولنا وسيدنا وقائدنا وقدوتنا ومنقذنا من الضلال وهادينا إلى صراط الله المستقيم وهو رحمة الله للعالمين محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.
وحبه والفرح به هو أمر من الله لنا بقوله سبحانه “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”، وابتهاجنا به وبمولده وما جاءنا به من الهدى والفرقان شكرٌ وحمدٌ لله أن مَنَّ علينا به وندعوه أن يرزقنا اتِّباعه ويهديَنا بهديه؛ لذا يجب علينا أن ندرك أن بالله وبرسول الله عزتنا وكرامتنا وبه قوتنا ونصرنا على أعدائنا، وهنا يحضرني سؤال مهم: ما الذي أبعدنا حينًا من الدهر عن الاحتفال بذكرى مولده؟ ولمصلحة من? علَّنا من خلال الوصول للإجَابَة عليه نعي وندركُ خطورةَ ما حدث وقيمةَ عودة هذا الشعب لرسول الله من جديد.
لقد وجّهنا السؤال لآبائنا فأجابوا بأنهم وآباؤهم من قبلهم كانوا يحتفلون بذكرى مولد رسول الله كُـلّ عام ويبتهجون ويفرحون بقدومه ويعتبرونها أهم أعيادهم فكانوا يجتمعون لإقامة الاحتفالات بذكرى الموالد في كُـلّ مكان وتستمر أيامًا، وعندما سألنا: لماذا انقطعت تلك الاحتفالات لعشرات أعوام خلت? أجمعت الإجابات، على أنه بعد عام 1965م وإنشاء جماعة الأنجلوماسونية “الإخوانج” في اليمن كفرع من الجماعة في مصر التي صنعها المستعمر البريطاني والتي أنشئت ضد ثورة الـ26 من سبتمبر كما أكّـد ذلك أحد مؤسِّسيها، عبدالله العديني، مؤخّراً والتقت مع جماعة الوهَّـابية في نهي الناس عن الاحتفال بذكرى المولد بحجّـة أن ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فابتعد الناس عن الاحتفال بالمولد وهم المؤمنون المحبون لرسول الله لكن غلب عليهم خوفُ النار التي بَشّرهم بها حمران الذقون.
فعملوا على تدمير المقابر والأضرحة والقباب والمباني الأثرية؛ بزعم محاربة البدعة والشرك، وأنشئت المعاهد والمدارس والجامعات الخَاصَّة بها لنشر أفكارِها الضلاليةَ الظلاميةَ التكفيريةَ وبمساعدة ودعم من سلطة نظام العهد الوصائي وبتوجيه دول عدوان اليوم فتلاقى معها لتدمير الدين ومحو الهُــوِيَّة الإيمانية للشعب اليمني المؤمن المجاهد وتدمير الروح الوطنية أَيْـضاً بدعوى الجماعة أنها دينية عالمية لا تؤمن بوطن وهي صهيوماسونية خالصة.
وأخيرًا هذا هو بعض من محاولات أعداء الله ورسوله لإبعاد هذا الشعب عن رسوله وعن هُــوِيَّته الإيمانية بأفكار دخيلة منافية للدين ولكلام الله القائل: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، ولو لم يكن إلا هذه الآية في القرآن الكريم لكفتنا لنفهمَ كيف تم تدمير وعينا وتحريف مفاهيم ديننا وقرآننا وإفراغها من مضامينها ولكننا نحمد الله على نعمته برسول الله وفضله بهديه وعلى نعمة القيادة التي بها أعادنا الله إليه ولرسوله وحضوره فينا وفي جبهاتنا وساحاتنا بعد غِيابٍ وغربة.