الحشدُ الجماهيري والتغيير الجذري
خــديـجـة الـمـرّي
في يومٍ مُحمدي، ومشهدٍ غير مسبوقٍ ارتقبه الملايين من جماهير هذا الشعب اليمنيّ، بل ارتقبهُ العالم بأسره، في يوم تاريخي ومفصلي مشهود احتشد الشعب اليمني العظيم احتشاداً ليس لهُ مثيل في الدُّنيا بأكملها، احتشاد يفوق الخيال، بكل زخم وإبداع.
حيثُ شهدت عاصمة اليمن “صنعاء” الأبية تدفق السيول البشرية من كُـلّ حدبٍ وصوب رجالاً، ونساءً، كباراً، وصغاراً، كما شهدت مُعظم المحافظات اليمنية توافد الحشود المليونية، هُنا في يمن الرسول، في يمن الأنصار، في يمن الفاتحين، هُنا في يمن الإيمان والحكمة، وكلهم يُردّدون بأعلى هُتافاتهم: (لبيك يا رسـول).
تزينت يمن الصمود بأبهى الُحلل، وجمال المنظر، فما كان أجملها وأروعها، والعالم يُشاهدها، والعدوّ ينزعج منها، وترى الوفود من كُـلّ اتّجاه وجانب مُهرولين إلى الساحات فيها، وكلهم على قلب رجلٍ واحد، مُتيمون في حُب مُحمد، لم يثنهم هذا العدوان الغاشم على الإطلاق، وكأن مُحمداً قد بُعث بين أوساطهم من جديد، فقد كان الشعبُ اليمني هو من أكثر شعوب العالم تميزاً في احتفائه، كيف لا؟ فنحنُ أنصار رسول الله وأحبابه، فكما كان أجدادنا في السابق مع رسول الله، ها نحنُ اليوم بحاضرنا مع رسول الله، ومع حفيده أبي جبريل لن نتراجع أَو نميل.
وبحمدِ الله كان هُناك نجاحٌ كَبيرٌ في جميع المجالات التنظيمية وجهودٍ جبارة، جديرة بالذكر، لعل أهمها وأبزها: النجاح التنظيمي والأمني الأكبر، في تأمين تلك الحشود الهائلة التي تتدَفّق، وتندفع كالطُّوفان، منذُ بداية الاحتفال وحتى نهايته، والحرص كُـلّ الحرص على عدم التزاحم أثناء السير، إضافة إلى تهيئة الساحة وتجهيزها لضيوف رسول الله على أرقى مستوى، وفيما يتعلق بالجانب الفني فالأنشطة في هذا المجال واسعة وعظيمة جِـدًّا؛ من حَيثُ الأجواء الروحانية، والصلوات المُحمدية، وترتيل الأناشيد العذبة، والفعاليات الواسعة، والقصائد الجذابة، والمسرح الذي بِه كافة الجماهير تفرح، والتأثير بجميع المُشاركات الهادفة، كالتميز في: (الخطابة -والبرع الشعبي، والتواشيح الدينية –والإنشاد -والمسرحية،…إلخ) فكان التفاعل بكل وعي، وكان له التأثير القوي، كما كان للدور الإعلامي الانطلاقة الهامة في شتى المجالات، لا سِـيَّـما في مواجهة الغزو الفكري الشيطاني الذي يُروج له العدوّ، فالجميع يُسارع لينقل المشهد، بدلاً عن تسارع العدوّ في نشر المفاسد والرذائل لإسقاط الناس والسيطرة عليهم، فمن الإعلاميين من يُبادر بالكتابة والنشر والطباعة، ومنهم من يُواجه دعايات الحرب الناعمة ويتصدى لها، ساعياً بكل جهد في إظهار النموذج الحضاري الإسلامي المُحمدي الذي سعى الأعداء في تغيب شخصية الرسول الأعظم محمد -صلوات الله عليه وآله وسلم-، وغيبوه في مناهجنا، فبرز الإعلام الحر سلاح ذو حدين في مواجهة الأعداء، وبوصلة عدائية ضدهم تكشف حقائقهم، وتفضح أكاذيبهم الزائفة.
وهذا الحضور إن دل على شيء؛ فَــإنَّما يدلُّ على الحب والولاء الصادق لرسول الله، والتمسك بهُــوِيَّته الإيمانية، والسير في المنهجية القرآنية، كما يُعبر أَيْـضاً عن أصالة وعظمة هذا الشعب على وجهه الخصوص، وكان أجمل ما فيه هو تفويض الشعب للقيادة الحكيمة بعزمٍ وإرادَة قوية، ورسالة للأعداء نقول لهم: أنتم أمام شعب قوي بالله، يمتلك العزم والقوة والإرادَة الصلبة التي لا تُقهر، ويعرف كيفية طريقة التغيير الجذري والتطلع الذي يسعى إليه قائد الثورة السيد/ عبدالملك -حفظه الله ورعاه- برؤية وثقافة قرآنية صحيحة تهدف إلى إقامة دولة ومجتمع إسلامي مُؤمن جاعلاً من رسول الله القُدوة والأسوة الحسنة، وعدم القبول بالذل والوصاية والهيمنة من أحد، فالقيادة حكيمة سَتنهض بهذا الشعب وبناء حريته واستقلاله، فتجلى تفويض القائد من أبناء هذا الشعب الذي سيكون مسار هذا التغيير؛ بإعادة تشكيل حكومة قادرة على تلبية احتياجاته وتصحيح مساراته بعيدًا عن المطالب الشخصية فكانت الاستجابة الرسمية، التي لم تكن في حُسبان العدوّ وكانت بمثابة ضربة قاصمة ورادعة، كما لم ينسَ السيد القائد في خطابه أن يتوجّـه لدول العدوان برفع الحصار ما لم فَــإنَّ الأيّام القادمة تحمل في طياتها العواقب الوخيمة.
وما يجب على شعبنا هو أن يعي ويدرك أن المرحلة القادمة مرحلة صمود وتَحَـــدٍّ، مرحلة يتطلب فيها اليقظة والإدراك في كيفية مواجهة العدوّ، ولن يستطيع ذلك إلَّا بتوحد الصف، ورص الصفوف، والالتفات حول القيادة، وتنفيذ مطالبها الحكيمة والصادقة، فالنصر حليفنا، والنصر قاب قوسين أَو أدنى، والله ونصر الله معنا، ولن نتراجع عن مبادئنا وقيمتا، والعاقبة للمتقين، والهلاك للظالمين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون، وستدور الدائرة على العدوّ المُتغطرس ولو بعدَ حين.