وكيل وزارة المالية الدكتور أحمد حجر في حوارٍ خاص لـ “المسيرة”: المرتزقة لا يريدون توحيد البنك المركزي والسياسةُ الاقتصادية اليمنية تتحكّمُ بها أمريكا وبريطانيا
المسيرة- حاوره إبراهيم العنسي:
أكّـد وكيلُ وزارة المالية الدكتور أحمد حجر، أنَّ نقلَ مهام واختصاصات البنك المركزي إلى أي مكان خارج الأراضي اليمنية مخالفٌ لكل القوانين والأعراف الدولية، وهو عملٌ من أعمال سلب السيادة.
وقال في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: إنَّ المرتزِقة لا يحبذون توحيد البنك المركزي؛ كون النهب والفساد بمقدرات المجتمع اليمني سَينتهي أَو على الأقل سيتم الحد منه وهذا ضد مصالحهم الشخصية.
إلى نص الحوار:
– بدايةً دكتور أحمد، دار حديث مؤخّراً عن تقارب في المفاوضات مع العدوّ السعوديّ قد يفضي إلى توحيد البنك المركزي وصرف رواتب الموظفين.. ألا يشير ذلك إلى بعض التعقيدات لاستكمال هذه المهمة؟
لا توجد أية تعقيدات مالية، أَو إدارية أَو فنية، لتوحيد وإعادة اختصاصات البنك المركزي إلى مركزه الرئيسي بصنعاء؛ كون البنك حافظ على كوادره الإدارية والفنية، بل تم تطوير العديد من أنظمة المعلومات كما أن كشوفَ الرواتب واضحة ومسلمة للطرف الآخر، وعليه فَــإنَّ ما يطرحه الطرف بوجود تعقيدات ليس سوى أُسلُـوب للمماطلة والابتزاز.
– ما الضمانات التي يمكن أن تكفلَ عدمَ قطع صرف المرتبات إذَا ما اتُّفِقَ على صرفها؟
الضماناتُ تتمثل في تحديد آلية الصرف والجهات المعنية بذلك وإشراك منظمات دولية في الاتّفاقيات بخصوص الموضوع وفتح حسابات في البنك المركزي بصنعاء، أَو بنك في دوله محايدة وتوريد المستحقات المالية آلياً، كما يجب أن تصدُقَ النيات أولاً وتصدق النيات لحل الإشكاليات الممكن بروزها، وما بَقِيَ من تكهنات ليست سوى تعقيدات مخطّطه للابتزاز والمماطلة.
– كيف تنظرون إلى تسريباتِ نقل البنك المركزي الذي يمثل سيادة دولة إلى عاصمة أُخرى كعمّان مثلاً حتى تتم معالجة الأمور والتي من الواضح أنها قد تطول طالما ربطت بالحل الشامل؟
نقلُ مهام واختصاصات البنك المركزي إلى أي مكان خارج الأراضي اليمنية مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية وهو عمل من أعمال سلب السيادة والتحكم بإدارة السياستين المالية والنقدية عامة، وصرف المرتبات من ناحيةٍ أخرى من قبل دول العدوان يجعلها عصًا غليظة تستخدمُها دولُ العدوان ضد الشعب في وقت ما تشاء، خَاصَّة أن الأردن من دول تحالف العدوان.
– ألا ترون أن نقلَ البنك أفضلُ من بقائه بيد فاسدي ولصوص مجلسَي العليمي والزبيدي؟
لا فَرْقَ كبيرًا من بقاء مهامه في فروع المناطق المحتلّة أَو نقلها لمناطق أُخرى؛ كون المتصرِّف في موارد البلاد وإدارة البنك المركزي خاصةً والسياسة الاقتصادية هي واحدة، أمريكا وبريطانيا، عدا بعض الإجراءات الصورية لحفظ ماء الوجه المترتبة عن اتّفاقات إنهاء العدوان.
– من يضمن تدفُّقَ الأموال إلى بنك صنعاء في ظل استحواذ المليشيات على إيرادات البلاد؟
ضمانات تدفق الموارد إلى البنك يتم من خلال دول العدوان والمنظمات الدولية وبالتنسيق مع الجهات الرقابية المحلية.
– باختصار دكتور أحمد، يقال إن توحيد البنك وإعادة قنواته الإيرادية بعد أكثر من ثماني سنوات من العدوان لم يعد ممكناً ويحتاج دولة موحدة.. ما تعليقكم؟
كلّ الموارد لدى حكومة العملاء تحت إدارة وإشراف ورقابة دول العدوان، وليس لحكومة العملاء سوى تنفيذ ما تؤتمر به من قبل تلك الدول وبما يخدم أجندتها، وبالأخص موارد الدولة من النقد الأجنبي: (عائدات، صادرات النفط والغاز والقروض والمساعدات)، والتي تودع لدى البنك الأهلي السعوديّ، ولا يتمُّ الصرفُ إلا عبرَ السلطات السعوديّة.
– لكن الأموال المتداولة خارج البنوك والدورة المصرفية تتجاوز 90 %، وهو ما يحتم التوصل إلى اتّفاق لإعادة توحيد المؤسّسات النقدية والنظام المصرفي في اليمن؟
المرتزِقة لا يحبذون توحيد البنك المركزي؛ كون النهب والفساد بمقدرات المجتمع اليمني سوف ينتهي أَو على الأقل سيتم الحد منه، وهذا ضد مصالحهم الشخصية.
– هناك حديث عن إقحام البنك الدولي نفسه على خارطة أية توافقات بين صنعاء والرياض، حَيثُ أبدى استعداده لما يقول إنها مساعدة في لعب دور مهم في تعزيز التنسيق والتشجيع على تبني أفضل ممارسات من قبل البنكين المركزيين، إذ يقترح خبراء المؤسّسة المالية الدولية ضرورة استمرار شركاء اليمن في التنمية بتقديم الدعم.. من يثق اليوم بالبنك الدولي في حرب تقودها الإمبريالية؟
البنكُ الدولي وسيطٌ ومستشارٌ غيرُ محايد وغير نزيه، وَإذَا دعت الضرورة لإشراكه فلا بدَّ من إشراك كادر محلي نزيه ومؤهل وفني ممارس في المفاوضات وعقد الاتّفاقيات.
– توقف صرف رواتب الموظفين، وَبلغت مديونية البنك لهم بأثر رجعي حتى الآن أكثر من تريليونَي ريال، إلى جانب ارتفاع الدَّين العام الخارجي من ٦.٧ مليار دولار إلى نحو ١٠ مليارات دولار.. أليست معضلات أمام توحيد البنك؟ كيف تقرأ هذه الأرقام دكتور أحمد؟
الدولةُ مَدينةٌ لموظفيها بأكثرَ من المبلغ المذكور إذَا تم الأخذ في الاعتبار التراجع الكبير في القوة الشرائية للعُملة والتي يجب أخذها في الحسبان، كما يلزم تحميل دول العدوان كامل التكاليف المتعلقة بذلك، وكذلك الوضع في جانب ارتفاع رصيد الدين العام وتكاليفه.
– هناك ما يقارب ١٠٠ ألف يُصَنَّفون من كبار موظفي حكومة المرتزِقة ويتقاضون مرتباتهم بالدولار.
مع كُـلّ العبث والفساد الذي يعيشه أُولئك، لكن في النهاية يخضع الجميع للقوانين النافذة مع الأخذ في الاعتبار تحقيق مبدأ العدالة بين كافة موظفي الدولة مع مراعاة تطبيق أحكام القضاء بحق كُـلّ من خان اليمن.
– هناك من يرى أن أي اتّفاق لصرف مرتبات موظفي الدولة يجب أن يكون عبر لجان وطنية وليس عبر الخارج؟
لا بدَّ أن يكون كذلك مع مراعاة تمثيل المنظمات الدولية في عمل اللجان الوطنية المتفق عليها لإدارة وتنفيذ صرف المرتبات بدلاً عن صرفِ المرتبات عبر تلك المنظمات؛ تجنُّباً لتدخل دول العدوان في عملها وخلق المبرّرات لعدم صرفها.
– ماذا عن العُملات غير القانونية في الجنوب والعملات التالفة في صنعاء.. كيف يمكن معالجة وجودها؟
العملات غير القانونية بحاجة لتشكيل لجنة من الطرفين وتسلَّمُ إليها كافةُ ما بقي من العملات المطبوعة في كافة المصارف وفروع البنك المركزي أَو لدى قيادات المليشيات في المناطق المحتلّة ويتم دراسة البدائل المتاحة لمعالجة الموضوع.
– الإيراداتُ والأموال التي تذهبُ للمليشيات كيف يمكن استعادتُها؟
استعادةُ ما نُهِبُ يتمُّ عبر أجهزة الرقابة والقضاء وبموجبِ أحكام عادلة ومحايدة وليس بدعاوى وارتجال ومكايدة.
– ما هي أبرزُ المعالجات لأية تعقيدات قد تظهر وتتعلق بصرف المرتبات؟
لا بَّد أن نبدأ بأهداف صادقة وتشكيل لجان فنية للمتابعة والتقييم لسير عمليات وإجراءات صرف المرتبات وطرح واقتراح المعالجات لما يبرز منها حال التنفيذ وحلها أولاً بأول من قبل متخذي القرار.
– ختامًا.. ما المحاذير التي يجب الاحتياطُ لها في ظل الحربِ الاقتصادية التي يستغلُّها العدو؟
ما نحذِّرُ منه هو عدمُ إشراك الفنيين والمتخصصين في دراسة ومراجعة ما يتم طرحه من قبل دول العدوان في مختلف مجالات الاقتصاد، كذلك ضعف التنسيق فيما بين الجهات الرسمية حول ما يتم، ومناقشته في المفاوضات بحيث يتم مراعاة التكامل والاتساق وتحديد الأولويات بين كافة الجهات الحكومية، إضافة إلى عدم الاستعجال بالموافقة على أية مقترح إلا بعد خضوعه للدراسة والتحليل الكافي، مع مراعاة توفير مختلف الجهات المعنية بالجانب الاقتصادي لقواعد بياناتٍ واقعية ومتَّسقة وحديثة تتيح للمتخصصين دراستَها دراسةً فنيةً؛ بما يخدم متخذي القرار في مجال المفاوضات، إلى جانب رفع مستوى التنسيق والتعاون بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ بما يعزز موقف المفاوضين.