“طوفان الأقصى” عمليةٌ استثنائيةٌ تجاوزت كُـلَّ الحسابات والاحتمالات
المسيرة – خاص
صنع أبطال المقاومة الفلسطينية، يوم أمس، تاريخاً جديدًا في ملحمة المواجهة مع الكيان الصهيوني المؤقت، مفجرين معركة هي أشبه بالخيال، ومعززين ثقة الشعوب العربية والإسلامية بمقاومتها، وأنها هي التي تصنع النصر، والشموخ، والعزة والكرامة.
وسادت فرحة عارمة كُـلّ أرجاء اليمن استبشاراً بما حدث؛ باعتباره يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الانتصار على الغطرسة العالمية الأمريكية والصهيونية.
ويرى الناشط السياسي عبد الوهَّـاب الحدي، أن عملية طوفان الأقصى هي تغيير في موازين القوى ورسائل قوية للعدو والمطبعين، مُشيراً إلى أن هذه العملية المباركة التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في هذا الوقت بالتحديد وفي الذكرى الـ 50 لحرب أُكتوبر قد بعثت برسالتين إحداها للكيان الصهيوني والأُخرى للدول العربية المطبعة ومن تهرع للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويوضح الناشط الحدي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن مفاد الرسالة الأولى أن المقاومة بعد نصف قرن قد غيرت استراتيجيتها من الدفاع إلى الهجوم ومن الرد إلى استباق الهجوم، فيما أن الرسالة الأُخرى الموجهة للدول العربية المطبعة والتي طعنت المقاومة في خاصرتها؛ أن الرسالة مفادها أننا بكم أَو بدونكم سنستمر ونحن قادرون على تحرير أرضنا بشبابنا وبقدراتنا وبالدعم المقدم لنا من أحرار محور المقاومة وأن هذا الجيش الذي تهرعون للتقرب منه لحمايتكم أوهن من بيت العنكبوت.
ويقول: إن ما حدث اليوم هو تغيير في الاستراتيجية الفلسطينية للمقاومة والتي ستأتي بثمارها وستبث الرعب والقلق والخوف في أعماق الكيان وجنوده ويزعزع من استقرارهم النفسي والمعنوي، ما سيجعل أية مواجهات قادمة أكثر نصراً وتمكيناً للمقاومة الفلسطينية وأشد رعباً وفزعاً للكيان الصهيوني وأقرب من أي وقت مضى نحو التحرير والنصر المبين.
توازُنُ رُعب وردع:
بدوره يشير الدكتور يوسف الحاضري بالقول: “عندما كان الفلسطينيون مرتمِين في أحضان الجامعة العربية وأنظمتها الهشة الضعيفة كأنظمة السعوديّة والإمارات وقطر وتركيا وغيرها من دول عربية وإسلامية، كانوا يعيشون وضعاً مزرياً من الهوان والقتل والأسر والذل اليومي على أيدي الصهاينة، وأكثر ما قدموه لهم قليلًا من المال وكَثيراً من الأحجار وزينوّها لهم بالمديح المخادع المسمى (أطفال الحجارة) وقدموها بصورة راقية وقوة ورفعة، وهي الذل كُـلّ الذل، فكيف تواجه دبابة وطائرة وصاروخ بحجرة!”.
ويضيف الحاضري في تصريح لصحيفة المسيرة، أنه “ولما عاد الفلسطينيون إلى مكانهم الطبيعي وهو محور المقاومة وارتبطت بـإيران ولبنان واليمن وسوريا والعراق وبقية محور المقاومة تلاشى مسمى أطفال وأحجار، وحل محلها طوفان الأقصى وتوازن ردع ورعب وصواريخ وطيران مسيَّر وجيش مدرب، وهنا مكمن العزة والحرية والانتصار، مع أن فارق الفترتين كبير جِـدًّا، فقد كانت المرحلة ممتدة لسبعين عاماً دون فائدة، بل انكسارات تتلو انكسارات، والفترة الثانية لم يمض عليها سوى سنوات معدودة وهذه النتائج العظيمة الربانية”.
وفي سياق الحديث عن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، صباح أمس السبت، يقول الخبير في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان: “إن عملية طوفان الأقصى تعد أكبر وأضخم عملية عسكرية للمقاومة الفلسطينية ضد كيان العدوّ الإسرائيلي التي تكاملت فيها أهم عناصر القوى الضاربة وهي القوات البرية والقوات الجوية والقوة الصاروخية وَأَيْـضاً البحرية، والتي شاركت بفاعليةٍ غير مسبوقة منذ تاريخ المواجهة ضد كيان العدوّ”.
ويؤكّـد في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “عملية طوفان الأقصى وفق معطياتها وما قدمته من نتائج عسكرية تعتبر عملية استثنائية تجاوزت كُـلّ الحسابات والاحتمالات التي كان يحتملها كيان العدوّ، ومن في فلكه الأمريكي والبريطاني وغيره من الدول المطبعة والعملية”، مبينًا أن “العملية أتت بطابع جديد في نمط المواجهة، حَيثُ حصلت في توقيت غفلة كيان العدوّ وأخذت عنصر المفاجأة واعتمدت فتح خط ناري ذي نطاق واسع ضم، فتح جبهات متعددة في محيط غلاف غزة وغيرها من المناطق المحتلّة، وتنفيذ عمليات هجومية واقتحاميه للمستوطنات والمواقع والقواعد العسكرية لقوات كيان العدوّ والسيطرة عليها كليًّا وهذه سابقه من نوعها”.
كما يؤكّـد عثمان أن “عملية طوفان الأقصى تميزت بمسائلَ مذهلة، منها الزخم الصاروخي الكثيف الذي تجاوز 5 الآلاف صاروخ استهدفت المستوطنات ومناطق أُخرى في عمق كيان العدوّ وذلك في وقت قياسي، وَأَيْـضاً الفرق الهجومية من مجاهدي المقاومة التي سيطرة على المستوطنات المحيطة بغزة وَعدة مواقع استراتيجية والتي خلفت انهيار خطوط دفاعات قوات العدوّ الصهيوني حول غزة بالكامل، إضافة إلى تلقيه خسائر فادحة في صفوفه تجاوز 100 صهيوني لقي حتفه وأكثر من 1000 إصابة بينها إصابات حرجة، إضافة إلى أسر أكثر من 50 رهينة بينهم قيادات وجنرال إسرائيلي رفيع “نمرود ألوني” قائد فرقة عسكرية في محيط غزة”.
ويضيف أن “ما يمكن تأكيده أن عملية طوفان غزة المباركة قد كشفت بشكل واضح ضعف وركاكة كيان العدوّ وجيشه وقواته على الأرض، كما كشفت فشلاً استخباراتياً سحيقاً لأجهزة مخابرات العدوّ، فلم يكن لها أي إدراك بما سيحصل وما يتم الترتيب له طيلة الفترة الماضية لذلك”، مؤكّـداً أن “كيان العدوّ قد فشل على كُـلّ المستويات عسكريًّا أمنيًّا استخباراتياً ويمر بأسوأ حالة ضعف وانهيار ورعب منذ احتلاله لفلسطين”.
وأكّـد أن “عملية طوفان الأقصى لن تتوقف فقط عند هذا المستوى كما هو واضح فما حصل ليس سوى افتتاحية لمعركة واسعة، متوقعاً أن تتجه الأمور نحو مسار تصاعدي مدمّـر، وقد تخرج إلى المستوى الإقليمي؛ فإذا حاول كيان العدوّ ومعه الأمريكي والبريطاني التصعيد ومواصلة الاعتداءات فسيكون لمحور المقاومة حضوره المباشر في المعركة جنباً إلى جنب مع المقاومة الفلسطينية وبمشاركة مفتوحة جوية وبرية وبحرية وصاروخية، حَيثُ ستفتح جبهات إقليمية تتجاوز غزة وفلسطين وستكون العمليات ذات أبعادٍ مدمّـرة جِـدًّا”.