المقاوَمةُ الفلسطينية تحشُرُ “نتنياهو” في الزاوية وتُحَطِّمُ نظريةَ “الجيشُ الذي لا يُقهَر”!
المسيرة | متابعات
أعلن الناطِقُ العسكري باسم كتائب “القسام” أبو عبيدة، أن مجاهدِي “القسام” وفي إطار معركة “طوفان الأقصى” المتواصلة يخوضون اشتباكاتٍ ضاريةً، ويواصلون القتال على محاور عدة، “مثخنين الجراح في صفوف العدو”، في وقت أكّـدت “سرايا القدس” أن مقاتليها يخوضون الاشتباكاتِ برفقة إخوانهم في “كتائب القسام”، وأنّ “العدوّ يقاتل من وراء الجُدُرِ ويخشى التقدم”، جميع الفصائل الفلسطينية تقريبًا تدخُلُ المعركة وتحجزُ مقعدَها في قائمة الشرف البطولية على طريق تحرير فلسطين.
هي لحظاتٌ ومشاهدُ تاريخيةٌ سطّرتها المقاومة الفلسطينية في عملية “طوفان الأقصى”؛ لترسم لنا صورةَ نصر جديدةً، ومعادلة عسكرية قوية خالفت كُـلّ التوقعات، رَدًّا على الاعتداءات الوحشية التي تستهدف الفلسطينيين والمسجد الأقصى، ورسالة للقاصي والداني مفادها “لن نرضخ للظلم ولن نركع للقمع”، ووفق آخر إحصائية العدوّ يعترف بارتفاع “عدد القتلى إلى أكثر من 650 وإصابة أكثر من 2150 آخرين منذ بدء معركة طوفان الأقصى”.
الموقفُ العسكريُّ الميداني للمقاومة:
المقاوَمةُ الفلسطينية في سرايا القدس وكتائب القسام، جنبًا إلى جنب مع باقي الفصائل أثبتوا مجدّدًا أن الإرادَة الفلسطينية حديدية في وجه المستعمر الزائل، بخطف العشرات من المستوطنين والجنود والضباط “الإسرائيليين” من جحورهم في مستوطنات غلاف غزة.
فبعد إعلان القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، عن بدء عملية “طوفان الأقصى” ضد الاحتلال، وأسر المئات من “الإسرائيليين”، جاء المتحدث باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أبو حمزة، ليؤكّـد، أنهم إلى جانب كتائب القسام، ويكشف عن تمكّن السرايا من أسر جنود صهاينة.
وفي تصريحٍ له قال أبو عبيدة، في بيان، الأحد: “لقد تمكّنت قيادة “القسام” منذ ليلة، أمس باستبدال بعض قوات القتال بقوات أُخرى وإرسال قوات أُخرى، كما تقوم مدفعية “القسام” بالدعم الناري بقذائف الهاون والصواريخ، وكان آخرها إسناد المجاهدين بمغتصَبة “اسديروت”.
في السياق، أكّـدت “سرايا القدس” أن مقاتلِيها “في قوات النخبة يواصلون برفقةِ إخوانهم في كتائب “القسام” اشتباكاتٍ متواصلةً منذ أكثر من 30 ساعة في عديد المحاور ضمن ما يُسمّى “مستوطنات غلاف غزة، ونؤكّـد أن العدوّ يقاتل من وراء الجدر ويخشى التقدم، وما نحتاجُه هو دعاء أبناء شعبنا البطل المغوار”.
بدورها، أصدرت كتائبُ الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأحد، البلاغ العسكري رقم (6)، في معركة “طوفان الأقصى”، وقالت كتائب القسام في البلاغ العسكري: إن “سلاح الجو التابع لكتائب القسام شارك في اللحظات الأولى لمعركة طوفان الأقصى بالانقضاض على مواقع العدوّ وأهدافه بـ 35 مسيَّرة انتحارية من طراز “الزواري” في جميع محاور القتال“.
وتواصل كتائبُ الشهيد عز الدين القسام وبقية الفصائل الملتحمة بها دَكَّ مغتصبات ومواقع الاحتلال العسكرية بالصواريخ في إطار عمليات معركة طوفان الأقصى والتي بدأت باقتحام المجاهدين للمغتصَبات والمواقع العسكرية في غلاف غزة وقتل وأسر عدد كبير من جنود الاحتلال، وخلال الساعات الأولى من اليوم الثاني للمعركة، أعلنت كتائب القسام قصف مدينة عسقلان المحتلّة بـ 100 صاروخ؛ رَدًّا على استهداف الاحتلال لبيوت المواطنين الآمنة في قطاع غزة.
في غضون ذلك، أعلنت كتائبُ القسام أنّ 5 زوارق محمّلة بمقاتلي الكوماندوز البحري التابع لها شاركت في اللحظات الأولى من معركة “طوفان الأقصى”، وتمكّن المقاومون من “تنفيذ عملية إبرار [عملية إنزال قوات من البحر إلى البر] ناجحة على شواطئ جنوبي عسقلان”، بالإضافة إلى السيطرة على عدة مناطق.
قضيةُ الأسرى الصهاينة والتعامُلُ الحَذِر:
لقد وضعت المقاومةُ الفلسطينية قضيةَ الأسرى على رأس أولوياتها؛ باعتبار أن هذا المِلف أحدَ المِلفات والمكتسبات التي جرى الاستحواذ عليها خلال عملية “طوفان الأقصى”، وأوصلت رسالة أنه لا فرقَ بين “الإسرائيليين” المأسورين في غزة، وبين المواطنين الفلسطينيين داخل القطاع، وأن المحافظةَ عليهم ليست مسؤولية المقاومة فقط، بل هي مسؤولية الاحتلال أَيْـضاً، والذي يتحمل مسؤولية بقائهم على قيد الحياة خلال العمليات العسكرية التي ينفذها داخل قطاع غزة.
رَدُّ الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة على تهديدات نتنياهو، وضع النقاطَ على الحروف بعد تصريحات الأخير، وكَبَّلَ جيش وحكومة الاحتلال، إذ إن المقاومة حمّلت نتنياهو بشكل مسبق مسؤولية المحافظة على حياة هؤلاء الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
وبالتالي وخلال الفترة المقبلة سيكون تعامل نتنياهو بشكل حذر مع هذا الملف، وسيمثل حرجاً له أمام المجتمع “الإسرائيلي”، إذ ليس بالوارد أن يتخلَّى الاحتلال عن جنوده وأسراه بين أيدي المقاومة، التي وضعت نتنياهو في الزاوية، وكبَّلت التحَرُّكاتِ “الإسرائيلية” بشكلٍ أكبر، وهذا ما تحدَّثَ عنه متحدِّثُ جيش الاحتلال أن عددَ الأسرى ونوعية الأسرى لدى المقاومة سيحدّد طبيعةَ المعركة داخل قطاع غزة.
وعودُ “بايدن” وغرورُ “نتنياهو”:
الرئيس الأمريكي جو بايدن قال مساء السبت: إن “الولايات المتحدة مستعِدَّةٌ لتوفير جميع سبل الدعم المناسبة”، محذرًا “أَيَّ طرفٍ آخرَ مُعادٍ لإسرائيل من انتهاز الفرصة”، وأردف في تعليقات مندّدة بالطوفان وبثها التلفزيون “لن نتقاعسَ أبداً عن مساندتها”، مُشيراً إلى “إسرائيل”.
وتحدث بايدن هاتفيًّا مع نتنياهو لعرض الدعم الأمريكي بينما كانت الشبكات الإخبارية الأمريكية تبث مشاهد ما أسمته العنف، وكانت العلاقات بين بايدن ونتنياهو في السابق متوترة لكنهما التقيا في نيويورك الشهر الماضي، وذكر بايدن في بيان بعد تحدثه مع نتنياهو: “أوضحت لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أننا على استعدادٍ لتوفير جميع سبل الدعم المناسبة لحكومة إسرائيل وشعبها”.
ووجّه بايدن فريقَ الأمن القومي بالبقاء على اتصال حول الموقف مع دول في المنطقة من بينها “مصر وتركيا وقطر والسعوديّة والأردن وعُمان والإمارات” والحلفاء الأُورُوبيين، وهذه الوعودُ تشجِّعُ نتنياهو لتجاوز الخطوط الحمراء لفتح المعركة على مراحل أُخرى جغرافياً ونوعياً، ترتبط بعوامل عدة، الأول يتمثل في البُعد الشخصي لدى نتنياهو والحكومة اليمينية المتطرفة، وطريقة تعاملها فيما يتعلق بالأزمة التي تمر بها نتيجة عملية “طوفان الأقصى”.
أما العامل الثاني، فهو حالةُ الغرور لدى نتنياهوـ وكيف سيخرج من هذه الأزمة العميقة، والتي من الممكن أن تكونَ محرِّكًا تجاه صَلَفٍ إسرائيلي ومحاولة أخذ صورة تغير صورة الانتصار التي حقّقتها عملية “طوفان الأقصى”، من خلال مجازر كبيرة داخل قطاع غزة، أَو من خلال عملية عسكرية موسعة داخل قطاع غزة، أَو السيطرة على بقعة من داخل قطاع غزة أَو منطقة حدودية، ليظهرَ قدرتَه على ردع المقاومة الفلسطينية، ومحاولة إعادة الأوضاع مع قطاع غزة إلى حالة ردع أشد مما كانت عليه في السابق.
لكن الخيار الأخير سيجلب لنتنياهو الويلات لمغامرته بمستقبله السياسي داخل دولة الاحتلال، ففي توسيع الخيارات والذهاب إلى المواجهة العسكرية الموسعة مع المقاومة في قطاع غزة ستؤدي إلى نتائجَ أكثرَ صعوبة، وتجعل نتنياهو أقربَ من أي وقت مضى إلى نهايته؛ فكل ذلك يأتي ضمن حسابات المقاومة الفلسطينية قبل الذهاب إلى هذه المعركة ودراستها للواقع الميدان وللبيئة السياسية لعملية “طوفان الأقصى”.
صدمةُ الطوفان أفرزت حالةً من التخبط بالبحث عن انتصار وهمي:
إنَّ الردَّ “الإسرائيلي” على عملية طوفان الأقصى بالغارات الجوية وقصف البيوت المدنية فوق رؤوس ساكنيها وارتقاء شهداء وإصابة مئات المواطنين، يؤكّـد حالة التخبط “الإسرائيلي” بشكلٍ واضح، فذلك هو كُـلّ ما يمكن أن تستطيع حكومة نتنياهو فعله؛ لأَنَّها تريد البحث عن صورة الانتقام وتقدم للمجتمع “الإسرائيلي” أكبرَ عدد من المذابح والمجازر في غزة.
تعقيباً على ذلك، أكّـد الناطقُ باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حازم قاسم، أن “جرائم الاحتلال لن تكسر إرادَة شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي ستواصل معركة طوفان الأقصى”.
وقال قاسم، صباح الأحد: “إن الاحتلال الصهيوني المجرم يواصل ارتكاب جرائمه باستهدافه منازل المدنيين الآمنين والأبراج السكنية للمواطنين”، لافتاً إلى أن “الاحتلال يمارس إرهابًا وسلوكًا نازيًّا بامتيَاز، وضد كُـلّ القوانين والقرارات الدولية”، وأشَارَ إلى أن الاحتلال “يمارس سياسة قديمة فاشلة وستتحطم على صخرة صمود شعبنا ومقاومته”.
إعلانُ “إسرائيل” الحربَ على غزة، يوضح أنه جاء مباشرةً بعد الصدمة الكبيرة التي تلقتها حكومة الاحتلال جراء عملية “طوفان الأقصى”، وذهابها إلى أقصى مدة ممكنة، في الوقت الذي أصبحت فيه غزة الآن تختلف عن غزة قبل 10 سنوات، فهناك عشراتُ الآلاف من المسلحين، فضلًا عن القدرات الصاروخية المختلفة، ومدينة الأنفاق تحت غزة.
ويرى مراقبون أن إعلانَ نتنياهو للحرب يعني أنه ليس هو الطرفَ الوحيدَ المتحكِّمَ به على الأرض، لا سِـيَّـما جهوزيةَ المقاومة في جنوبي لبنان، واحتمالات فتح جبهة أُخرى في شمال فلسطين المحتلّة؛ فكان إعلان الحرب مُجَـرّد ردة فعل للصدمة وليس أكثر.
ولم يستعبد المراقبون، توغل الاحتلال في بعض المناطق الحدودية في غزة وتنفيذ مجازر، بيدْ أنّه لن يستطيع حسم هذه المعركة على أرض الواقع، خَاصَّة مع وقوع عشرات الأسرى من الجنود والضباط في أيدي المقاومة.
تخوُّفٌ صهيوني من دخول المحور خَطَّ المعركة:
التخوُّفاتُ “الإسرائيلية ” من فتح عدة جبهات، ليست وليدةَ اللحظة، فخلال معركة سيف القدس عام 2021م، تفاجأ الاحتلالُ بإطلاق عشرات الصواريخ والرشقات الصاروخية من جنوب لبنان وسوريا، لأول مرة منذ عام 1967م؛ ما جعل ساحة جنوب لبنان وساحة شمال فلسطين المحتلّة ساحة محتملة للدخول في المعركة.
في بيانٍ مقتضَبٍ، بين حزب الله اللبناني أن المواقع الثلاثة التي تم استهدافها في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة هي: “موقع الرادار وموقع زبدين وموقع رويسات العلم”، حَيثُ “تم استهدافها بأعداد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة وتم إصابة المواقع إصابات مباشرة”.
أعاد حزب الله نصب الخيمة التي هاجمها الجيش الإسرائيلي صباح اليوم كرَدٍّ على استهداف حزب الله مجموعات الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، الأحد، 3 مواقع للاحتلال الصهيوني في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة؛ تضامناً مع المقاومة الفلسطينية.
ومع وجود حالة احتكاك عسكرية وأمنية متصاعدة في العلاقة بين المقاومة اللبنانية وكيان الاحتلال في شمال فلسطين المحتلّة، وعوامل أُخرى تدفع لاشتعال هذه الجبهات، في الوقت الذي سيعجر فيه الاحتلال عن مواجهة جبهة غزة والداخل والضفة المحتلّة وجبهة جنوب لبنان.
فكُلُّ ذلك -كما يرجِّح مراقبون- يؤكّـدُ وجودَ حالة توافق كبيرة بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية في هذه المرحلة؛ فمحور القدس هو الآن أمامَ اختبار عملي وحقيقي، في حال إعلان الاحتلال حربًا حقيقية في غزة، فَــإنَّ التوقعاتِ تُشيرُ لتدخل هذا المحور، وخَاصَّةً من جبهة جنوب لبنان.
ليس هذا فحسب، فقد وجّه الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي رسالةَ تهنئة بمناسبة انتصار المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى، وقال رئيسي مخاطباً الشعب الفلسطيني: إِنَّ “إيران تدعو العالم ليشاهدَ حقيقةَ أن تراكم الظلم وعدم العدالة تجاه الشعب الفلسطيني وإهانة النساء وتدنيس الأقصى أمرٌ غيرُ دائم، مؤكّـداً أن إيرانَ تدعمُ الشعبَ الفلسطيني في دفاعه المشروع”.
وأضافَ أن “الكيانَ الصهيوني وداعميه هم المسؤولون عن تهديد الأمن الإقليمي، ويجب أن يتحملوا مسؤولية ذلك”، وأكّـد أن “المعادلة تغيَّرت وإثارة الحرب ليست لصالحِ الصهاينة، والشعبُ الفلسطيني هو المنتصِرُ في هذه الساحة”.