طوفانُ الأقصى انتصارٌ خارقٌ في زمنِ الاستكبار
منير الشامي
مع بزوغ فجر يوم السبت ٢٢ ربيع أول ١٤٤٥هـ الموافق ٧ أُكتوبر ٢٠٢٣م، فاجأنا أبطالُ المقاومة الفلسطينية من مختلف تكويناتها بأعظمِ وأول عملية عسكرية واسعة ومنظمة وبخطوات تكتيكية محكمة ودقيقة ضد العدوّ الصهيوني في غلاف غزة، وما زالت مُستمرّة حتى هذه اللحظة.
النتائجُ العظيمةُ التي أسفرت عنها العملية المباركة حتى الآن تعكس حجمَ انتصار المقاومة وعظمة الانتصار الذي قطفته على خامس أقوى جيوش العالم، وبه فنَّدت خُرافةَ “الجيش الذي لا يُقهَر”، كما فنَّدتها المقاومة اللبنانية وأبطال حزب الله سابقًا لأكثر من مرة.
من ناحيةٍ أُخرى، فقد عكست المشاهدُ الأوليةُ التي عرضها الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية عن دقة التخطيط العسكري للعملية وبراعة التكتيك لكل خطوة وكفاءة الإعداد المسبق لها كماً ونوعاً والاحترافية المتميزة، من حَيثُ سرية التجهيز والإعداد الذي أثبت تفوق المقاومة الفلسطينية على قدرات جهاز الموساد الإسرائيلي والتفوق على كُـلّ إمْكَانياته مقارنةً بانعدام إمْكَانيات المقاومة في ظل الحصار عليها وعلى قطاع غزة والانتشار العسكري والمخابراتي الكثيف للعدو الصهيوني لدرجة أن موساده لم يكن على علم بأي شيء عن العملية وتفاجأ بها كما تفاجأ العالم.
جانبٌ آخرُ للعملية مهمٌّ جدًّا تمثَّلَ بالأسلحة المستخدمة فيها ودقة التكامل وخطوات الاستخدام المرتب لها ونوعيتها وتنوعها ما بين الأسلحة الخفيفة والمضادة للدروع والطائرات المسيَّرة وَ… إلخ؛ فهي ورغم بساطتها إلا أن كفاءتها والنتائج التي حقّقتها كانت ١٠٠ %، وما يبعث على الدهشة حقاً هو ابتكار المقاومة لقوات مظلية تصعد من الأرض وليس العكس متجاوزة بذلك تحدي عدم إمْكَانية امتلاكها حتى لطيران عمودي؛ بسَببِ حصار العدوّ وقد تولت هذه القوات المظلية مهمة التمشيط لقوات العدوّ لتأمين الطريق لقوات المقاومة البرية، ثم انضمت إليها بعد الانتهاء من مهمتها وشاركتها في اقتحام معسكرات العدوّ وثكناته ومواقعه.
إن كُلَّ ما ذكرته آنفاً يجعل أيَّ محلل عسكري في العالم يصفُ هذه العمليةَ بالبطولية والخارقة كأقل وصف، ويصفُ الانتصارَ الذي حقّقته المقاوَمةُ الفلسطينية بالانتصار الخارق؛ فالمقاومةُ تغلبت على أقوى وأحدث الإمْكَانيات، والفئة القليلة هزمت الجيش الجرار المزود بأحدث الأسلحة والمعدات.
وَإذَا ما استمرت المقاومة في مواجهة العدوّ الصهيوني متوكلة على الله، بهذا الأُسلُـوب المحنك فسوف تحرّر أرضها من دنس الصهيونية في وقت قصير جِـدًّا خارج توقعاتها، خَاصَّةً إذَا ما أدركت حقيقةَ النفسية اليهودية التي بيّنها اللهُ -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز، ويكفيها أنها أثبتت بهذه العملية المباركة عمليًّا أن التحَرُّكَ الجماعي مبارَكٌ من الله، وأن الله لا يخلف وعدَه؛ فهو يَهَبُ النصرَ لمَن وعد، إن تحَرّك كما أمر، وأَخَذَ بالأسباب وأحسن التوكل وصَدَقَ اليقين.