لا عاصمَ اليوم لبني صهيون من “طوفان الأقصى”
علي عبد الرحمن الموشكي
عملية نوعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ المقاومة الفلسطينية، منذ أن احتلت الصهيونية الأراضي الفلسطينية، كان الإعداد والترتيب لها بقوة وعزم رجال الرجال الذين شرفهم الله بهذا الاقتحام، الذي رفع رؤوس قادة المقاومة عاليًا، وكسر حاجز الصمت أمام المقاومين والمناهضين للقضية الفلسطينية شعوباً كانوا أَو مجتمعات أَو أنظمة، لقد أثبت المقاومون للشعوب والأنظمة العربية أن إسرائيل النووية التي أصبحت عظمى في نظر الأذلاء والخانعين والمسارعين بالتطبيع للكيان الصهيوني، أوهن من بيت العنكبوت، وأوقدوا نيراناً تلتهم الإسرائيليين في الشعوب العربية، ولقد كان الشعب اليمني العظيم المتصدر للخروج المليوني المؤيد لعملية طوفان الأقصى، الذي قدم عدداً من الشهداء في هذه العملية العظيمة، التي شردت بالإسرائيليين وجعلتهم يهربون مخلفين ورائهم المستوطنات التي بناها الإسرائيليون في الأراضي الفلسطينية.
وهذه العملية التي أشفت الصدور وأزاحت سحب اليأس أمام المجتمع العربي المناهض والمقاوم للاحتلال الإسرائيلي، من خلال عرض مشاهد الاقتحامات وصور الإذلال لليهود المجرمين، الطغاة، المستكبرين، أعداء البشرية، الأكثر رذيلة والأكثر نشراً للفساد، والغدة السرطانية في جسد الأُمَّــة العربية والإسلامية، التي أشفت القلوب وارتاح ضمير الإنسان المسلم الذي لطالما تقطع ألماً على مشاهد الإذلال والاقتحام والسحب للمواطنين الفلسطينيين والتدمير للبيوت والتهجير للشعب الفلسطيني أمام مرأى ومسمع أنظمة الدول العربية، التي لم تحَرّك ساكناً ولم يتحَرّك الضمير العربي لقيادة الدول العربية، بل كانوا يستذلون من النظام الأمريكي ويهانون، وكم كنا نرى أطفال الحجارة يرشقون الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يستهدفونهم بالسلاح المطور والنوعي والمدرعات والدبابات الأكثر حداثة، تلك المشاهد التي لا تغيب ولن تغيب عن ذاكرة كُـلّ مواطن عربي، الذي لم يعد يتذكر تلك المشاهد ولم يتألم لما ناله الشعب الفلسطيني أرضاً وإنساناً ندعوه لتذكر تلك الصرخات من كبار السن من الرجال والنساء ولتلك الدموع التي ذرفت، ولم تحَرّك ضمير أي نظام عربي سوى اجتماعات وقمم عربية، لم تكن نتاجها سوى التهدئة وتعزيز موقف الكيان الصهيوني وتبرير تصرفاتهم، إلى أن وصلت بهم الجرأة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني علناً أمام العالم ونسوا المبادئ القرآنية التي تعد من يتولاهم بأنه منهم، ولقد شاهدنا عصر يوم السبت، كيف سارعت جامعة الدول العربية (عبرية الولاء)، إلى المطالبة لقيادة المقاومة الفلسطينية بإيقاف العمليات التطهيرية للأراضي الفلسطينية، لقد تناسوا كم كانت النساء العربيات الفلسطينيات يهتك أعراضهن أمام مرأى ومسمع العالم العربي، وكم حدث من اغتصابات ومن تدمير للمنازل الفلسطينية، ونسوا كيف تم التعامل غير الإنساني مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي ظل ينشد السلام في الأمم المتحدة، ويتحَرّك ويلتقي بقيادة الأنظمة العربية، التي وصلت بها الجرأة إلى عدم مقابلته، ووافقت على إبقائه في الإقامة الجبرية، حتى توفي مسموماً على يد الجنود الإسرائيليين، هذا أحد الزعماء العرب الذين استذلوا من قبل الإسرائيليين.