طوفانُ الأقصى وحتميةُ زوال “إسرائيل”
محمد أحمد البخيتي
إسرائيل إلى زوال، عنوان يؤمن به الفلسطينيون وكلّ الأحرار المسلمين، لكنه لم يكن في حسبان المطبعين ولم يخطر للمستوطنين على بال منذ نكبة عام 1948م، بل وغيب من أذهانهم كليًّا بعد نكسة عام 1967م ليرسم في وجدانهم بعدها عنوان ((حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)) حُلماً طالما ظنه الصهاينة المحتلّون قريباً منهم يرونه رأي العين ماثلاً أمامهم وفي متناولهم لا يفصلهم عنه إلَّا عامل الوقت، بينما غيب وبدأ يتلاشى عن أذهان الفلسطينيين بعدها أمل تحرير أراضيهم واستعادة دولتهم أمام وطن أُصيب بغدة سرطانية تلتهم جسده وتتمدد لتفتك به تحت شعار نجمة سداسية لتوسع سداسي الوجهات.
ليضطر أمامها الكثير من أبناء فلسطين التعايش مع الاحتلال أَو الهجرة؛ بحثاً عن أوطان بديلة، فلا أنظمة عربية تسندهم وتقف إلى جانبهم كما تعمل بريطانيا وأمريكا والغرب مع عدوهم، ولا أقوى الجيوش العربية استطاعت تحرير أرضهم وكسر شوكة قوات عدوهم، بل تم هزيمتها وإحراز تقدُّمٍ كَبير لقوات الكيان الإسرائيلي أتى على أثره احتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس القديمة ومرتفعات الجولان السورية، ليأتي بعدها اتّفاقية 1967م، والتي تفضي بالاعتراف بدولة إسرائيل على الخارطة التاريخية لأرض فلسطين كأيقونة تتمسك بها الأنظمة العربية ويرفضها المحتلّين.
ليظهر بصيص أمل فلسطيني يلوح في الأفق البعيد عام 1987م لكنه لم يقضِ على مشاعر اليأس في قلوب الفلسطينيين، فأمامهم الجيش الذي سعت إسرائيل بعد حرب النكسة لترسيخ أيقونة أنه الجيش الذي لا يقهر، حتى كسرت تلك الأيقونة على يد قوات حزب الله في حرب 12/تموز-يوليو/2006م التي استمرت أربعة وثلاثين يوماً، تسللت خلالها مشاعر القلق لقلوب المستوطنين أمام خسائر هائلة في القوة البشرية والعدة والعتاد العسكري لإسرائيل، واستهدف حزب الله فيها مستوطنات صهيونية بقصف صاروخي في حرب بدورها قضت على أُسطورية الجيش الإسرائيلي وعلى اعتقاد الصهاينة بسهولة استكمال السيطرة على ما يسمونها أرض الميعاد، فكانت شرارة قلق إسرائيلي تسلسلت بعدها عمليات عسكرية عدة لفصائل المقاومة الفلسطينية كمصدر قلق وذعر صهيوني ومصدر رعب للمستوطنين.
لينضم خلال الأعوام الأخيرة حزب الله وسوريا ودول محور المقاومة للمواجهة المباشرة مع إسرائيل، وَبانضمام المحور أعيد للأمة الإسلامية الأمل المفقود، وتلاشى على إثره حلم الصهاينة المنشود وتم توطيد حتمية زوال إسرائيل لدى الإسرائيليين وقرب تحرير واستعادة أرض فلسطين.
لتأتي عملية طوفان الأقصى وتقضي على كُـلّ معادلات الحرب التي اعتادها الصهاينة المحتلّين بعملياتها البرية النوعية وصواريخها الدقيقة والمتطورة والحديثة؛ لتفرض واقعاً جديدًا وتخلق لدى أمريكا وبريطانيا وإسرائيل معادلة تكافؤ القوى، ومفهوم أن لكل فعل رد فعل، ولتغزو مشاعر الخيبة لفيف الصهاينة أمام نيران صليات وصواريخ المجاهدين وفوهات بنادق القساميين وأزيز رصاص أبطال سرايا القدس وحماس والأحرار الفلسطينيين ولتنهي آخر آمالهم في بقاء كيانهم الغاصب على أرض فلسطين.
أمام أبطال لا يؤمنون بالسلام والتعايش إلَّا بزوال إسرائيل، ولا يقرون بصفقة القرن أَو اتّفاقية 1967م، شعارهم إسرائيل تحتضر وإلى زوال وزوالها قريب وَرسالتهم للمستوطنين الموت يحيط بكم وليس لديكم خيار إلَّا مغادرة الأراضي المحتلة؛ كُلٌّ إلى دولته الأم أَو الانتظار لوعد الآخرة وجحيم الثوار الأحرار.