بدأ الطوفانُ فمتى يهدأ؟!
صارم الدين مفضل
ماذا سيفعل العدوّ الصهيوني أكثرَ من القصف وتدمير الحجر والشجر؟! في العقيدة القومية للعرب وكل إنسان حر -فضلاً عن العقيدة الدينية- الكرامةُ والعرضُ والاستقلالُ أهمُّ بكثير من كُـلّ الماديات وأغلى حتى من الروح، وفي حالات كثيرة على امتداد التاريخ دفعت الشعوب الكثير من التضحيات والأرواح في سبيل الانتصار لكرامتها ودفاعاً عن أراضيها ومقدساتها.. وحتى أُولئك الذين يشركون بالله سبحانه كانوا يقدمون التضحيات ويفتدون عقيدتهم ومقدساتهم بكل بسالة وبطولة كتعبيرٍ واضح للدفاع عن الكرامة ورفض القهر والظلم والاستبداد فكيف بمن يحملون عقيدة التوحيد ويرفعون راية الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين والمقدسات الدينية الإسلامية وَ(المسيحية).. وهي راية جامعة في مواجهة كيان محتلّ قائم على العنصرية والاستكبار والإفساد في الأرض.
فالكيان المحتلّ المسمى (إسرائيل) يقدم اليوم شاهداً مهماً كما لم يفعل من قبل على هزيمته وفشله الواضح وعجزه المفضوح أمام العالم، فهو يعربد بطائراته الحربية وصواريخه وقنابله شديدة الانفجار وترسانته الغربية المتطورة ويضرب المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل جنوني وهستيري ليس لتدمير مخازن أسلحة المقاومة وقتل أبطالها فقد أثبت الواقع أنه أعجز من ذلك وإلا لما تم تنفيذ عمليات طوفان الأقصى بذلك المستوى العالي والدقيق، وإنما يسعى قادة الاحتلال الإسرائيلي من كُـلّ هذا القصف والقتل والتدمير لكل أشكال الحياة والمدنية داخل قطاع غزة يسعى لترميم صورته واستعادة ثقة الدول الداعمة من جهة ومستوطنيه من جهةٍ أُخرى، حتى وهو يدرك أن ذلك لا يشكل له أي انتصار أمام الانتصار الميداني الذي حقّقته المقاومة الفلسطينية، وأنه يسير باتّجاه فشل أكبر وسقوط يتلوه سقوط، وُصُـولاً للهزيمة الحتمية والسقوط النهائي، ولا يهمه أن كان ذلك اليوم قريباً فهو مقتنع في حقيقة سياساته وأفعاله بأنه لا يشكل دولة وإنما كيان عنصري تمت زراعته في قلب العالم الإسلامي لأهداف استعمارية بحتة، وبالتالي فهو مُجَـرّد حارس للبوابة الشرقية في المعسكر الإنجلوأمريكي يدير جبهة متقدمة له فيما يطلق عليه بـ”الشرق الأوسط”!
أما ما قامت به فصائل المقاومة الفلسطينية من توحيد صفوفها وترتيب قواها وخططها وتجهيز عديدها وعتادها اللازم لتنفيذ عمليات هجومية كان آخرها العمليات الأخيرة التي أطلقت عليها اسم (طوفان الأقصى) وكانت بذلك المستوى العالي والدقيق من حَيثُ التخطيط والإعداد والتدريب ومن حَيثُ التنفيذ الميداني (براً وجواً وبحراً) والتنوع العملياتي (كل الوحدات العسكرية من طيران مسير وصاروخية وهندسة ومشاة وهجوم سيبراني) ومن حَيثُ النتائج المذهلة وغير المتوقعة لدى العدوّ، فتم الهجوم على عدد كبير من المستوطنات المحيطة بغزة واقتحامها والسيطرة عليها وقتل وإصابة المئات من الجنود الصهاينة وأسر الكثير منهم (بينهم جنرالات في جيش الاحتلال) والعودة بهم إلى القطاع، مع بقاء مجموعات من المجاهدين هناك وأُخرى تعود لدعمها وإسنادها أثناء الاشتباك مع جنود الاحتلال لثلاثة أَيَّـام على التوالي، وغير ذلك من النتائج المباشرة وغير المباشرة.
فقد أذهلت العالم أجمع وفي مقدمته الدول الداعمة لكيان الاحتلال الصهيوني ورسمت وعبدت الطريق أمام المجاهدين الأبطال في العالم أجمع لتحرير القدس، وهنا أجزم يقيناً بأننا سنصلي في المسجد الأقصى المبارك وحينها يتحقّق السلام كما يريد الله ويهدأ الطوفان بإذن الله.