القضيةُ الفلسطينية: مقياسٌ حسَّاسٌ لاكتشاف العُملاء
هنادي محمد
إنّ ما يجري من أحداث في السّاحة الفلسطينية وظهور مواقف عدة من مختلف الكيانات والأنظمة والأحزاب، وحتى على المستوى الفردي يؤكّـد بأن القضية الفلسطينية باتت بُوصلةً أَسَاسًا لكشف أدعياء الإيمان الذين لا يتجاوز إيمانهم لقلقة ألسنتهم من المؤمنين حقًّا، قولاً وفعلاً.
من العجيب أن نرى من الوسط العربي الإسلامي من يظهر بكل وقاحة وجرأة كبيرة للتباكي على جنود الكيان الإسرائيلي الغاصب تحت مسمى “مدنيين” واعتبار مجاهدي حماس هم القتلة والمعتدون في مفارقة عجيبة تدل بشكل قاطع على أننا في زمنٍ بلغ فيه النفاق ذروتهُ وتمامهُ، والعمالة باتت تُباعُ بالمجان في سوق مفتوح تعرض فيه الذمم، وتُسال فيه حبر الأقلام لتدون أحرف سوداء لن ينساها التّاريخ.
وفي الوقت الذي نرى فيه قيادات أمريكية وأُخرى من الكيان الإسرائيلي يعترفون بملء أفواههم وبالصوت المسموع بأن عملية طوفان الأقصى في السابع من أُكتوبر عملية لم يسبق مثيلها منذ احتلال الكيان الغاصب لفلسطين الأبية، نجد من يحاول -بكل ما أوتي من جهد- تقزيمها من خلال اللعب على أوتار خارج إطار العملية، كالحديث عن الأوضاع الداخلية لمحور المقاومة وأنها لن تستطيع قطف النصر، مسهبًا في أُسلُـوب التخذيل والتخويف كما لو كان نتنياهو جدّه الأول يؤذيه ما يؤذيه ويرضيه ما يرضيه، لا يتوقف عن الهذيان اللا واعي إلّا حال سماعه لصوت زناد المقاومة وهو يقتنصُ الأعداء الواحد تلو الآخر، إن كان هؤلاء قد خرجوا من دائرة الإيمان فليس بوسعنا إلا أن نذكرهم بالحتميات الثلاث: حتمية زوال الكيان الذي يلتحفونه وحتمية زوال من يوالونه وحتمية نصر المؤمنين.
في مقابل العمالة الكبيرة المكشوفة، فقد حظت القضية الفلسطينية ومحور المقاومة بتأييدٍ ومناصرةٍ ومباركةٍ ودعمٍ غير مسبوق، ما يعني أن هناك تصحيح في مسار الوعي لدى الشعوب، وأنّ مشاعر الإباء قد تنامت بعد أن تخدّرت لسنين طوال، وباتت تجزم بأنّ العدوّ الإسرائيلي قوةٌ لا تُقهر ولا تُغلب، عملية طوفان الأقصى أعادت الحمية وحرارة الشعور بالمظلومية في قلوب المؤمنين، وأوقدت نيران الدفاع المُقدّس وفتحت خطوط التقدم للأمام لأخذ الثأر وتحرير الأرض ووضع كُـلّ شيء في موضعهِ الأصلي، وسنشهد قريبًـا تغييرات كبرى في المنطقة ستزيد أهل الحق يقينًا بأحقية قضيتهم، وتُري أهل الباطل حجم خسرانهم وسوئهم، والعاقبةُ للمتَّقين.