واشنطن تقودُ حربَ غزة: هيروشيما وناغازاكي العصر بحق الفلسطينيين
سندس الأسعد
لم يتخطَّ الصهاينةُ بعدُ صدمةَ “طوفان الأقصى”: ذعر، تخبط، جنون، عدوانية، عنصرية، إجرام ممنهج.
ما يجري في فلسطين المحتلّة ليس سوى هيستريا إمبريالية تعكس عنجهية الكيان الصهيوني ومن يقف خلفه من غرب متعجرف خَاصَّة بعد دعم بايدن الوقح لآلة الحرب الصهيونية بزعم الدفاع عن “أمن” الولايات المتحدة. كما تعكس المحاولات الحثيثة لترميم الصورة المهشمة لكيان الاحتلال الوظيفي في ظل تفشي روح الهزيمة والخيبة بين قطعان مستوطنيه، وهذا ما يؤكّـده إغلاق المطارات لمنعهم من الهروب من الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
السابع من أُكتوبر لحظة تاريخية مفصلية سطّرها الجنرال محمد الضيف والمقاومة الفلسطينية برمتها. الواضح بأن واشنطن تدير المعركة الانتقامية -سياسيًّا وأمنيًّا ولوجستيًّا- وتنفذ “محرقة” العصر؛ إذ تولت منذ اليوم الأول وزارة خارجيتها حملة اتصالات واسعة لضمان دعم الوحشية الصهيونية، وتهديد إيران وحزب الله وأنصار الله بعدم دعم المقاومة الفلسطينية أَو التدخل. يخشى هؤلاء “وحدة الساحات” ويدركون جيِّدًا أبعاد التنسيق بين قوى المقاومة.
المعطيات المتوافرة تشير إلى نية هؤلاء شن عدوان بري وحصار شامل لمنع المعونات الإنسانية والعسكرية. الهدف إجبار نحو نصف مليون من سكان غزة إلى الهجرة إلى مصر. في المقلب الآخر، تتسع دائرة التنسيق المتواصل بين قوى محور المقاومة، وبالطبع الاستعداد الشامل للتدخل في حال فُرِضَ هذا التهجير؛ إرباك وتخبط كبير ملحوظ داخل كيان الاحتلال، حَيثُ نفذ ٧٥ % من مستوطني الشمال عملية إخلاء خوفًا من تدخل حزب الله وتسلله إلى الجليل، فالمعركة بالنسبة لهؤلاء معركة وجوديّة. هي معركة ستغير الخريطة الجيوسياسية للعالم.
كما يلحظ بأن الاحتلال يتجنب تحديد الأهداف؛ لأَنَّ التجارب السابقة بددت أوهامه، وهناك -بلا شك- مخاوف من المستوطنين الذين فقدوا الثقة بخيارات حكوماتهم، فيما يزداد أهل غزة صمودًا، ويزداد الجيل الفلسطيني تمسكًا بخيار العمليات الفدائية والتحرير والانعتاق من الهيمنة الصهيونيّة.
الملايين من الجماهير الغاضبة -حول العالم- نزلوا إلى الشارع معربين عن تضامنهم مع الصمود والبطولة في غزة. حالة من الوعي الجماعي فشلت في الهيمنة عليه إمبراطوريات النفاق الإعلامي الكبرى -خلال العقود الماضية-، إذ عملت عبثًا على شيطنة المقاومة. كذب ومعايير مزدوجة، همجية في المعاملة، معايير مزدوجة تعرب عن وحشية الغرب وإجرامه، وافتقاده لأدنى المعايير الأخلاقية والانضباط الإعلامي والموضوعية. صمت هؤلاء عن وصف غالانت بــ “الحيوانات البشرية”. يفبرك هؤلاء الأخبار الكاذبة بينما يصمتون عما يتعرض له المدنيون -الأطفال والنساء والشيوخ- في غزة.
المقاومة الفلسطينية اليوم ليست “منظمة التحرير”؛ كي توقع على اتّفاقية “السلام” المذلة، وكي تتحول لحامي للحكومة الصهيونيّة الفاشية، وكي تقدم له الخدمات مجانًا. اليوم، غزة أقوى رغم كُـلّ الحصار والقبب الحديدية. وهي جاهزة لأي حرب تفرض عليها مهما كلفت من تضحيات، لن يفيد التجويع، لن يفيد الحصار. اللاجئ الفلسطيني يعرف بأن خروجه من أرضه يعني المزيد من الذل والمعاناة والابتزاز.
هذا الصمود أسقط كُـلّ نظريات “التطبيع” فالعدوّ عاجز عن حماية نفسه، سقطت هيبته، انتهت أُسطورته، جنوده يفتقدون إرادَة القتال، وليسوا جاهزين لصدِّ الخصم.
تحقّق الوعد القرآني بشأن الألم الذي يقاسيه الاحتلال؛ بسَببِ بطشه وإجرامه.
هزائمُ بالجملة يقاسيها الاحتلال، ولا عودة عن خيار التحرير وكسر الطغيان الصهيوأمريكي، ولا مجالَ للركوع أمام طغاة العالم.