“طوفان الأقصى” سُنَّةٌ ومعجزة
أحمد عبدالله المؤيد
منذ ثمانية عقود من الاحتلال الصهيوني الغاصب للأرض، مارس المحتلّون أبشع صور القتل والتعذيب، والاستباحة للأعراض والمقدسات، وانتهاك للحرمات؛ ليثبتوا للعالمِ حقيقةَ طباعهم المتجذرة، ونزعتهم إلى القتل، وَالوحشية الكامنة والمتأصلة في نفوسهم، منذ أن كتب الله على بني إسرائيل فيها، “أن النفس بالنفس والعين بالعين والجروح قصاص”؛ لأَنَّهم أكثر الناس وحشية وإِراقة للدماء، ومُحالٌ التعايش معهم، على مر التاريخ، إلا بفرض القاعدة الإلهية، “النفس بالنفس”؛ ولذَلك فرض الله الجهاد ورفع قدر الاستشهاد.
إن عملية “طوفان الأقصى” المباركة، لم تكن لتأتيَ، لولا أن تخلَّصَ الفلسطينيون والفصائل المجاهدة، من الركون إلى معظم زعماء الأعراب، الذين لم يقدموا رصاصةً واحدةً في سبيل الله؛ لتحرير الأرض والإنسان والمقدَّسات، بل انطلقوا عكس ذلك؛ فغيَّبوا القضية الفلسطينية، ودخلوا في معاهدات وَعلاقات دبلوماسية وغيرها، في خيانة واضحة وفاضحة، لفلسطين القضية والدين والإنسان، وانطلقوا هم بدلاً عن المحتلّ الغاصب، ليحاصروا الشعب الفلسطيني المجاهد، فأغلقوا المعابر، وَاعتقلوا المجاهدين الفلسطينيين عنوةً، ودخلوا في معادَاة صريحة لفصائل المجاهدين، وقالوا عنهم (منظمات إرهابية)، وانخرطوا بشكل متسارع، في تولي اليهود، تحت عنوان التطبيع، وصدق الله العظيم القائل، واصفًا هذا المشهد: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ).
فمن “عسى الله” أتى طوفان القدس، وبأمر من عنده، ليكون أمرًا مستغَربًا، خارقًا للعادة أشبه شيء بالمعجزات، التي لم تكن في حسبان العدوّ، ولم يعرف عنها شيئاً، رغم أن الإعداد لها، استمر لأكثرَ من ثمانية عشر شهرًا؛ ليتجلى للعالم مدى ضعف وهشاشةِ الموساد والاستخبارات والأجهزة الأمنية، التي كان الكيان العجوز العاجز متباهيًا بها، منذ 8 عقود مضت، وبشكل متسارع لافت للنظر، على أيدي رجال، يحبهم ويحبونه، دمّـر الله هيبة وقدرات العدوّ، وقذف في قلوبهم الرعب والذَّل، وجعل الله جنودَه يَقْتُلُونَ فريقًا، ويأسِرون فريقًا، في رسالة إلهية للمطبِّعين، تحمل الإنكار والاستنكار، “أتبتغون عندهم العزة فَــإنَّ العزة لله جميعًا”، لعلهم يراجعون حساباتهم، ويكفُّون عن تطبيعهم، وتوليهم لليهود الصهاينة، قبل أن يصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين.