العدوانُ على اليمن والعدوانُ على غزة.. قواسمُ مشتركة
فايز البتول
عندما أُعلن شَنُّ العدوان على اليمن ليلة 26 مارس 2015م من البيت الأبيض وبمشاركة أكثرَ من سبعَ عشرةَ دولةً، وبمباركة من أعضاء جامعة الدول اللا عربية ومجلس الخوف الدولي، ذلك العدوان السافر والظالم الذي وضعت فيه دول العدوان بكل ثقلها، بقضها وقضيضها، مستخدمة أحدث الأسلحة التي لم يسبق لهذه الدول تجريبها، ظناً منها بأن الحرب على اليمن ستكون مُجَـرّد نزهة ومتعة ستكلفهم القليل من الجهد وَالقليل من الوقت والقليل من الخسائر.
دفعهم غرورهم وغطرستهم لشن حرب تفتقر لأدنى معايير وأخلاقيات الحروب، لم يستثنِ عدوانهم شجرًا ولا بشرًا ولا حجرًا، دمّـروا المدارس والجامعات والمستشفيات والمنازل وصالات الأفراح ودار رعاية الأيتام والمعاقين وملاعب الرياضة والطرق والجسور وَهوائيات الاتصالات وسفن وقوارب الصيادين ومخيمات النازحين، روع النساء والشيوخ في منازلهم والأطفال في مدارسهم وقتلوا بدم بارد.
على مدى تسعة أعوام والشعب اليمني يزيد صموده كلما اتسع نطاق العدوان، يقاوم إلى جانب جيشه ولجانه الشعبيّة يمدهم بالمال والرجال.
دول تحالف العدوان طوال سنوات عدوانها لم تحقّق شيئاً من أهدافها سواءً أهدافها المعلنة أَو الخفية وزعم (إعادة الشريعة للدنبوع الذي انقلبت عليه لاحقاً ووضعته تحت الإقامة الجبرية كنهاية طبيعية لكل خائن وعميل) وهدف تدمير الجيش اليمني وسلاحه، وهذا أَيْـضاً انقلب ضدهم.
فبدل أن كان سلاح المقاتل اليمني يقتصر على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وما تبقى من الأسلحة الثقيلة والصواريخ التي كان تم قصفُها في ضرباتها، بل صرح ناطق العدوان السابق أحمد عسيري -بعد أَيَّـام قليلة من العدوان- أنه قد تدمير وتحييد 90 % من أسلحة الجيش اليمني..
لكن بقوة الله وعونه وتأييده، أصبح المجاهد اليمني يمتلك الزوارق البحرية وَالطيران المسيَّر والصواريخ الباليستية متوسطة وطويلة المدى، أرضية وجوية وبحرية، كذلك أصبح الجيش اليمني أكثر تدريباً وتسليحاً وخبرةً من قبل الحرب، وما العروض العسكرية التي تقيمها المؤسّستين العسكرية والأمنية إلا خير دليل على التطور النوعي الذي شهدته خلال سنين العدوان التسع.
بينما في الاتّجاه الآخر، خرجت السعوديّة بخسائر مادية وبشرية هائلة أفقدتها صوابها وهزت اقتصادها وسمعتها، زد على ذلك أن مرغ اليمنيون أنوفهم في التراب، وكسروا كبرياءهم وأسقطوا هيبتهم، لم ينفعهم دعم دول الاستكبار ولا قلق غوتيريتش وتواطؤه ولا صفقات الأسلحة الموقعة من عدة دول ولم تغنِ عنهم شيئاً..
أتعرفون لماذا؟؛ لأَنَّ الله وحده لا يرضى بالظلم والبغي فهو ناصر المستضعفين، فالشعب اليمني هو المُعتدى عليه وهو صاحب مظلومية، وحامل قضية.
العدوان على غزة يحمل نفس سيناريو العدوان على اليمن، فالعالم كله تكالب على فصائل المقاومة الفلسطينية، وتخلى عنهم القريب قبل البعيد، بل وتبرأوا منهم وصنفوا مقاومتهم كمنظمات إرهابية، الأنظمة العربية العميلة والمطبعة مع العدوان الإسرائيلي كانت ردة فعلها متوقعة وغير مفاجئة..
الرد الأمريكي كذلك، حَيثُ صرح بايدن من أول يوم العدوان (أن أمريكا مسؤولة عن أمن إسرائيل) بل أرسل وزير خارجيته بلينكن إلى فلسطين المحتلّة ليصرح (أنا أتيتُ إلى إسرائيل، ليس بصفتي وزير خارجية الولايات المتحدة، ولكن بصفتي يهوديًّا) دول أُورُوبا جميعُها ندّدت بهجوم مجاهدي حماس على المناطق المستوطنات المحتلّة من قبل إسرائيل، بل وأكّـدوا على دعمهم الكامل للدولة العبرية في الدفاع عن نفسها ضد من وصفوهم بالإرهابيين.
أسبوع من القصف الوحشي والهمجي على قطاع غزة بالأسلحة المتطورة والمحرومة دوليًّا، حرب قذرة تنم عن الحقد الدفين بلا شرف، وبلا إنسانية تُسقِطُ المنازل فوق ساكنيها، جثث الأطفال والنساء تنتشل بالمئات من تحت الأنقاض، مشاهد يومية تقشعر الأبدان من هولها وتدمي القلوب من فضاعتها.
كلّ ذلك الصلف والقصف ضد المدنيين العزل، والمباني السكنية، والحصار المطبق، ومنع وصول سيارات الإسعاف وقصفها وَمنع الماء والكهرباء، وعزل القطاع بشكل كامل، ذلك كمحاولة يائسة منهم في رد اعتبارهم لجيشهم الذي هزمه مئات من مجاهدي حماس وأسقطوا أُسطورة (الجيش الذي لا يُقهر)، ثلة قليلة مؤمنة بإمْكَانيات بسيطة تقهر جيش إسرائيل المــُصّنّف من بين الجيوش الأعلى تدريباً وتسليحاً في العالم، رغم احتياطاته الأمنية، والجدران العازلة، والقبة الحديدية، إلا أن الله كان مع أرباب الحق، وأصحاب المظلومية، الرافضين للخضوع والخنوع.
تلكم من وجهة نظري أبرز القواسم المشتركة للعدوان على اليمن، والعدوان على غزة.. ثقتنا بربنا وحده ثم بثبات وصمود الشعب الفلسطيني، وكما انتصر اليمنيون سينتصر الفلسطينيون بإذن الله، وثقة بوعده وَمصداقاً لقوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) صدق الله العظيم.