“طوفانُ الأقصى” والشعبُ الذي لا يُقهَرُ
أمة الملك الخاشب
انتهت وتلاشت إلى الأبد أُكذوبةُ “الجيش الذي لا يُقهر”، وتمَّت إهانةُ هذا الجيشِ الذي صنعوا منه أُسطورةً وهميةً وهو في حقيقته لا يقوَى على أية مواجهةٍ، وأقصى ما يمكن أن يفعله هو قتل المدنيين من نساء وأطفال بالغارات الغادرة عبر طيرانه الحربي؛ إذ إنه يعجز حتى عن مواجهة النساء والأطفال وجها لوجه، لن يستطيعَ كيانُ العدوّ الصهيوني ترميم صورة جنوده المهزومة والمهزوزة مهما عمل ومهما ارتكب من مجازر وحشية بحق المدنيين العُزَّل، نعم أدموا قلوبنا بتلك الوحشية المفرطة ولكنهم يعجّلون بقرب زوالهم بأيديهم وبأيدي المؤمنين بإذن الله.
فقد أظهرت عملية طوفان الأقصى أَيْـضاً حجم أمريكا وحليفاتها من دول الشر؛ إذ اجتمعت الإدانات والتنديدات وتحَرّكت حاملات الطائرات من القواعد الأمريكية وتحشدت كُـلّ قوى الشر؛ مِن أجل ماذا؟
من أجل القضاء على ثُلة مجاهدين فلسطينيين يؤمنون بحقهم في الدفاع عن أرضهم وبحقهم في الرد على تمادي جرائم العدوّ الصهيوني اليومية واعتداءاته في المسجد الأقصى وعلى الفلسطينيين، فمن العار بحق أمريكا من تحسب نفسها قوة عظمى أن تحَرّكَ حاملات الطائرات وترسل البارجات وتعلنها حربًا ضد حركة حماس، وهذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على ضعف وهشاشة هذا الكيان الغاصب وضعف وهشاشة من يقوموا بحمايته من دول الاستكبار العالمي.
أمريكا تعلم جيِّدًا أن القضاء على هذا الكيان الذي سماه الإمام الخميني “الغدة السرطانية في جسد الأُمَّــة الإسلامية” معناه انتهاء وانهيار الهيمنة الأمريكية في العالم فالمعركة ليست فقط معركة بقاء ووجود للكيان المؤقت بل هي معركة البقاء بالنسبة لأمريكا نفسها،
في السابع من أُكتوبر استيقظ الأحرار على أخبار طوفان الأقصى الذي شرح الصدور وأبهج القلوب وجدد الأمل في النفوس ونحن نرى قلب الصورة النمطية المعروفة التي نشأ عليها جيلان وهي صورة الصهيوني الذي يعتدي على الفلسطيني وصور المجازر التي يرتكبها هذا المعتدي والغاصب بحق الشعب الفلسطيني، فرأينا عكس تلك الصورة تماماً ورأينا هذا الصهيوني وهو يفر ويهرُب ويُسحل ويتوسل أن يظل على قيد الحياة، رأينا تجلّي لآيات الله تعالى الذي يصفهم بأنه قذف في قلوبهم الذل والرعب، رأيناهم يولّون الأدبار ثم لا يُنصَرون عندما يعلمون بأن من يقاتلهم يثق بالله تعالى ويتحَرّك وفق توجيهاته.
حاول الصهاينة استعطافَ الرأي العام أكثر والمبالغة في الكذب ونشر صور الضحايا وحاولوا تقمص دور المظلوم والمعتدى عليه واستخدموا كُـلّ ما يملكونه من مختلف وسائل الإعلام لتحسين صورتهم القبيحة، وبدأوا بما أسموه الرد الحديدي، حسب تعبيرهم بعملية السيوف الحديدية، ولكن سرعان ما اتضح للعالم بأنهم لا يملكون رجالا ولا سيوفا، ولا يقدرون على المواجهة يملكون فقط طائرات غادرة تقتل من الجو فقط وتستهدف كُـلّ ما ينبض بالحياة، ظهر ضعفهم الكبير وهم يستهدفون الأبرياء جوا، ظهر ضعفهم وهم يوظفون علاقاتهم الخارجية ويمنعون حتى التضامن مع غزة في وسائل التواصل ويغلقون مئات الآلاف من الحسابات في فيسبوك ويوتيوب وغيرها من المواقع. ظهر ضعفهم وهم يوجهون حلفاءَهم بإصدار قرارات جوفاء لمنع التظاهر مع فلسطين ولكنهم شاهدوا بأُمِّ أعينهم طوفانات بشرية خرجت من العراق إلى اليمن والى إيران والأردن وتونس ومصر واندونيسيا وغيرها وحتى في دول غربية حليفة للصهيونية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهنا زاد الضعفُ وبدت مظاهرُ الخوف جليَّةً واضحة وهم يستعطفون الشعوب لتخرج نصرةً لهم فاضطروا لتلفيق قصصٍ خيالية تحكي عن تعرض أطفال اليهود المستوطنين لقطع الرؤوس، وهذا ما جعل بعض المواقع الأجنبية تسخر منهم لعدم وجود ما يثبت ذلك وبدا موقفهم مضحكًا هزيلا.
ولا يسع هذا المقال الصغير لتحليل وسرد ما حدث ولا يزال يحدث في طوفان الأقصى ولكن ما نقف أمامه مندهشين نحن ومن نحن في مواقفنا المعروفة مع الشعب الفلسطيني تاريخيًّا نحن أنصار الله الذين ينتفضون مع القدس من بين الركام ونخرج في ملايين لا يرى أولها من آخرها والقصف فوق رؤوسنا في الأعوام الماضية ونحيي يوم القدس ونتضامن مع فلسطين في كُـلّ عدوان تتعرض له، إلا أننا شاهدنا مواقفَ للشعب الفلسطيني المجاهد والصابر والذي يُذبح من الوريد إلى الوريد بمباركة عربية ويحاصر ويمنع منه الطعام والماء ويقتل الطفل بين ذراعَي والده وتستهدف الأبراج السكنية على رؤوس ساكنيها فيخرج الفلسطيني من بين الركام ليقول: “والله لن نترك أرضنا مهما قدّمنا ومهما ضحينا، وحتى لو فنينا سنفنى في أرضنا” ويطلب من المقاومة الفلسطينية الاستمرار وعدم التراجع مهما كان الثمن، ويخرج فلسطيني آخر ليقول: “والله لو استطعت أن أصنع من جسدي جسرًا ليّمر عليه المجاهدون لفعلتُ ونفسي راضية مطمئنة ولا أتحسر إلا لأَنَّني لست معهم. ونشاهد فلسطينيا آخر وطفله الرضيع مضرجا بدمائه مقتول بين يدَي والده ورغم عاطفة الأبوة الجيّاشة في تلك اللحظات إلا أنه يصرخ ليسمعه العالم قائلاً كلمات ستظل شاهدة للأجيال على عظمة هذا الشعب (كلنا فداء للمقاومة).
شاهدنا الأب الفلسطيني يحمل طفلته فلذة كبده بين يديه بعد أن انتشلها من بين الركام جثة هامدة وهو يصيح بأعلى صوته للمقاومة استمروا نحن معكم، مشاهد كثيرة وعديدة توصل رسالة للعدو الصهيوني الغاصب وللعالم المنافق بأن هذا الشعب العظيم المتجذر في هذه الأرض بعمق التاريخ شعب لن يقهر وشعب لن يكسر وشعب لن يتخلى عن حقه في العيش الكريم على ارضه الفلسطينية العربية المستقلة مهما كانت التضحيات، في الحقيقة تلك المشاهد تزيد العدوّ انكسارا وعجزا وخوفا وتخبطا وتخرج الصحف الإسرائيلية لتتحدث أنهم (يواجهون أصعب شعب في التاريخ ولا حَـلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال) منقول عن صحيفة هآرتس العبرية.
عظمة هذا الشعب الفلسطيني لن تحتويَها أية كلمات فيكفي أنهم يفضّلون الموتَ على أرضهم شهداءَ كرماءَ من أن يهجَّروا من أرضهم وبيوتهم مثلما فعل الجيل السابق منهم تحت ضغط القوة والمؤامرات العربية والغربية، وفي نفس الوقت شاهد العالم قطعان المستوطنين اليهود الذين يحتلون أرضًا ليست أرضهم يفرون ويهربون بكل ذل عبر المطارات ويغادرون المستوطنات المحتلّة؛ لأَنَّهم لو كانوا أصحابَ حق لَمَا فروا بسهولة وجبن وذل أظهر للعالم أنهم لا يملكون أي حق ولا ينتمون لهذه الأرض التي أخذوها عنّوة وسكنوّها غصبا،
طوفان الأقصى أصبح مقياساً تستطيع أن تكشفَ به المنافق من الحر من المتذبذب ليس فقط على مستوى الأشخاص ولكن أَيْـضاً على مستوى الحكومات والدول، مظلومية فلسطين واضحة للعيان ولا خلاف عليها مثلما تحدث قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي ولا لَبس فيها ولا تشكيك فكل شيء واضحاً وضوح الشمس ومظلومية هذا الشعب منذ عام ما يقارب 70 عاماً وله كامل الحق في الدفاع عن نفسه واسترجاع حقوقه وكل حر في هذا العالم حتى من غير المسلمين هو معهم قلبا وقالبا، وبالنسبة للمواقف المخزية والتي تجلب العار لأصحابها فهي لن تؤثر على الشعب الفلسطيني الحر، إنما فقط تؤثر على أصحابها وتسجل في صفحات التاريخ السوداء وستجلب العار لأصحابها ولكل من أيَّدَها.
أما الشعب الفلسطيني الذي سعى لتطويرِ سلاح المقاومة وبدعم من كُـلّ دول محور الجهاد والمقاومة فكل القراءات والتوقُّعات تؤمن بأنه شعب سيأخذ حقه ويستعيد حقوقه فلم يكن ينقصهم الرجال، كان ينقصُهم السلاح والقوة واليوم بفضل الله وبفضل التوحد والتنسيق مع محور المقاومة من صنعاء إلى طهران، كما صرح أحد قيادات المجاهدين في فلسطين، حان الوقت لتأديب واقتلاع المحتلّ وتحرير الأقصى وبإذن الله سيستمر الطوفان والتنسيقُ بين المجاهدين حتى يقضيَ اللهُ أمرًا كان مفعولًا.