صمودٌ يُفشِلُ المشاريعَ الصهيونية
محمد صالح حاتم
بعد الصمود الأُسطوري لغزة ولرجال المقاومة الفلسطينية، وما ألحقته معركة طوفان الأقصى من خسائرَ فادحة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي انهزم شرَّ هزيمة، وتحطمت الأُسطورة التاريخية “الجيش الذي لا يُقهَر”، بدأت ملامحُ مرحلة ومسار جديد يلوحُ في الأفق سيغيِّرُ المنطقة بأكملها.
المعركةُ البرية التي تهدّد إسرائيل بخوضها، اقتحام غزة برياً يُعَدُّ من المغامرات التي ستقضي على ما تبقى من جيش الاحتلال الإسرائيلي، رغم كثافة الهجمات والغارات الجوية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي قتل وجرحَ الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، ودمّـر المبانيَ السكنية فوق رؤوس ساكنيها، والتي تعد حرب إبادة جماعية، يقوم بها الكيان الصهيوني، الذي لا يحترم قانوناً أَو مواثيق ولا يعترف بحق المدنيين العزل، وحرمة المساكن والمستشفيات، وسيارات الإسعاف والمدارس والجامعات، دمّـر كُـلّ شيء أمامه؛ بهَدفِ إرهاب وإخافة أبناء غزة وتهجيرهم من منازلهم، ليحقّق حلماً طال انتظاره.
كلّ هذا يحدث في ظل تأييد أُورُوبي أمريكي بل ودعم ومشاركة من أمريكا وبريطانيا، بالمقابل صمت وتنديد واستنكار ومطالبة بضرورة حماية المدنيين، من بعض الأنظمة العربية والإسلامية، فيما كان السواد الأعظم من أبناء الشعوب العربية ضد العدوان الصهيوني، وخرجوا في تظاهرات؛ دعماً وتأييداً لطوفان الأقصى.
7 أُكتوبر سيكون يوماً مشؤوماً في تاريخ الكيان الصهيوني، الذي لم يتعرض لهذه الهجمة العسكرية ولم يُمْنَ بخسارة كهذه خلال 70 عاماً من المواجهة مع العرب، بل لقد فاقت خسائره وعدد القتلى من جنوده حرب أُكتوبر 1973م والتي يعتبرها العرب النصر الوحيد لهم ضد الكيان الصهيوني.
الأيّام الـ7 الأولى تكشف مدى قوة وشراسة وتضحية أبطال المقاومة الفلسطينية، وتظهر مدى هشاشة وضعف جيش الاحتلال الإسرائيلي، كذلك تكشف أن مخطّط إيجاد وطن بديل للفلسطينيين في سيناء من خلال تهجيرهم قسراً من أرضهم تحت وابلٍ من الصواريخ قد فشل تماماً، بعد رفض مصر لهذا المخطّط، وتأكيدات القيادة والمسؤولين المصريين أن غزة هي أرض فلسطين وعلى أبنائها عدم الخروج منها، وأنها مستعدة لإيصال المساعدات عبر معبر رفح.
التطبيع الصهيوني مع بقية الأنظمة العربية قد يتأخر في الفترات قادمة، والسبب طوفان الأقصى، وصحوة الشعوب العربية، والذي ظهر من خلال مسيرات الغضب الشعبيّة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فما يسعى إليه الكيان الصهيوني قد فشل، وإن استمرار القصف الجوي وقتل أبناء غزة، وتدمير مساكنهم ليس إلا عملية لتحسين صورة الجيش الصهيوني والقيادة الصهيونية أمام شعبها، والذي عجز عن حمايتهم والدفاع عنهم وأظهر فشله خلال عملية طوفان الأقصى.
وكلّ هذا ما كاد يحدث لولا صمود غزة، وتضحيات أبنائها، وشجاعة وبسالة المجاهدين الفلسطينيين.