غزة تُعيدُ للأُمَّـة العربية كرامتَها
ماريا الحبيشي
كلنا نعرف أن فلسطين محتلّة منذُ 75 عاماً تقريبًا، والاحتلال الصهيوني يقتل ويسفك الدماء وينهب ثروتها ويلطخ مقدساتها، ويمنع حرية شعبها ويقلص حركة الشعب الفلسطيني، ويتقدم يوماً بعد يوم لمصادرة المساكن والأراضي، وحكام أمتي يتفرجون بصمت مخزي وينكس وجهه في التراب كالنعامة، سُلبت منهم عروبتهم وكرامتهم، وحرب بعد أُخرى والشعب الفلسطيني يقاوم بمفرده، غريب وضع الأُمَّــة وكأنه لا يوجد عربي حر يقف معها صفًا لصف، ولكن الصبر له حدود فأثبتوا للعالم أنهم أقوى مما كانوا يظنون، وأثبتوا للعالم أجمع أنهم لا يحتاجون لأحد مادام الله معهم، وتجلت قوة بأسهم ونكلوا بجنود الاحتلال الصهيوني، وكشفوا عن أقنعة حكام الدول العربية والإسلامية الذين يرتهنون للعدو الصهيوني بل ويساندون كافة جرائمهم بحق أبناء فلسطين، وكانت رسالتهم قوية لدرجة تذهل العالم وترهب العدوّ الغاشم، وحانت المعركة وسطروا أعظم الملاحم البطولية، واحرزوا النصر ونالوا الشهادة،
استنفرت قوى الاحتلال وحلفائها من قوى الاستكبار العالمي، وشنت الغارات تلو الغارات مستهدفة الأطفال والنساء والجامعات والمدارس والمساجد، في مخالفة واضحة لكافة القوانين الدولية والإنسانية، وسجلت مواقف مخزية للأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها.
تجاه ما يرتكب بحق المدنيين العزل من أبناء غزة، وفرض حصار مطبق، ومُنع عنهم الماء والغذاء والأدوية الصحية، ولكن ميعاد الله بنصر عباده المؤمنين قد تجلى، وكُسرت شوكة العدوّ وأُسقطت هيبته، ومسح؛ باعتبارهم من على وجه الأراضي الفلسطينية، وتم الاقتصاص لدماء الشهداء الفلسطينيين على مدى حقب من الدهر.
أَيْـضاً مجاهديَّ غزة أعادوا للأُمَّـة العربية والإسلامية كرامتها التي سُلبت منهم منذُ وقت طويل، فبينما كان حال القادة العرب الاستسلام والخنوع والخضوع للعدو الغاصب، وتبرير جرائم العدوّ وهو يسفك ويقتل الأطفال والنساء ويسلبهم حريتهم وعروبتهم، أجزم يقينًا بما لا يدع مجالًا للشك أن ضمائرهم ما زالت في سبات عميق، ولا يكادون يصحون منه بل يتفرجون بصمت قاتل ولا يحركون ساكنًا.
طوفان الأقصى لن يكون لإسرائيل فقط، بل سيكون طوفان لقادة الدول العربية الراضية والصامتة على نهب وقتل غزة وأطفالها، فدورهم آتٍ لا محالة، لقد تحقّق فيهم المثل القائل: إن من يعمل مع أمريكا وإسرائيل كبائع الفحم ليس له منها سوى سواد الوجه وتوسيخ اليدين؛ فطوفان الأقصى اليوم يكشف حقيقة إسرائيل ويهدم هيبتها أمام قوى العالم، بينما غزة عززت من موقفها، وتروي عروق الأُمَّــة العربية من دمها لعل الغيرة العربية تعود لتجري في عروق قادتهم مجدّدًا، بعد أن انتزعتها منهم العمالة لليهود الصهاينة، فالعروبة اندثرت تحت ذل وخنوع الحكام، ولم يُسجل لهم أي موقف بل فضلوا الجمود في أماكنهم خشية على زوال ملكهم، ولكن نصر الله آتٍ لا محالة، ليُدك عرش كُـلّ خائن ومطبع، ويُثبت فلسطين بالنصر العظيم.