جولةُ وزير الخارجية الأمريكي المشبوهة
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي، جون بايدن، موقفَ بلاده المنحازَ كليًّا للعدو الصهيوني، سارَعَ بإرسال وزير خارجيته، بلينكن، إلى الكيان الصهيوني؛ لنقل التضامن الأمريكي إلى حكومته، وقد أدلى الوزيرُ وهو في طريقه إلى المنطقة بتصريح استهجنه الجميع بأنه يزور الكيان الصهيوني كيهودي أولاً وكوزير خارجية أمريكا ثانياً، وكانت أمريكا قد منحت هذا الكيانَ الضوءَ الأخضرَ والدعمَ الكاملَ؛ ليفعل ما يريد في قطاع غزة، وتشعر أمريكا بقلق كبير على مستقبل الكيان الصهيوني إذَا ما تدخل طرف ثالث في المعركة، ويمكن أن يتسبب هذا الطرفَ في إرباك الخطط الأمريكية والصهيونية التي تهدف للقضاء على حماس، والمعني بالطرف الثالث هو محورُ المقاومة؛ ولذلك أسرعت أمريكا بإرسال حاملات الطائرات إلى البحر المتوسط قُبالةَ فلسطين المحتلّة بمبرَّرِ منع انتشار الصراع في المنطقة.
وفي نفس الوقت كلَّفت أمريكا وزيرَ خارجيتها بزيارة عدد من العواصم العربية؛ لحشد الدعم لمعركة الكيان الصهيونية في غزة؛ وليبلغ تلك العواصم رسائلَ من الحكومة الأمريكية، منها أن أمريكا تؤيد ما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة من جرائم حرب في حق المدنيين وحصار مطبق وعلى الجميع تأييد الموقف الأمريكي، والرسالة الأُخرى: أن على قادة الدول التي زارها الوزير الأمريكي أن يضغطوا على إيران وعلى محور المقاومة؛ لمنعهم من التدخل في معركة غزة؛ نظراً لأَنَّ ذلك سوف يتسبب بكارثة وبحرب إقليمية لا تتحمله المنطقة، وأخيرًا يجب على العواصم المعنية أن تؤيد تهجير سكان غزة إلى مصر.
ومن خلال ما تم تداوله في وسائل الإعلام أن وزير الخارجية الأمريكي لم يجد من الزعماء الذين التقى بهم التجاوب المطلوب؛ لأَنَّ الظروف في المنطقة أصبحت مختلفة، فأمريكا لم تعد بتلك القوة التي تمكّنها من فرض المواقف التي تريدها على الدول الأُخرى، والزعماء العربُ الموالون لأمريكا أصبح وضعُهم أمام شعوبهم صعبًا جِـدًّا؛ بسَببِ الظروف التي تمر بها المنطقة من حروب وصعوبات اقتصادية، ويتخوف أُولئك الزعماء وخَاصَّة المطبِّعين من ردة فعل شعوبهم إذَا ما اتخذوا مواقفَ مؤيدةً للكيان الصهيوني وتجاهل الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في حق سكان قطاع غزة.
ولسانُ حال أمريكي في هذا المسعى هو أن اتركوا حماس تواجهُ المصيرَ الذي حدّدناه لها، وبعد ذلك سوف نستفردُ بأعداء إسرائيل ونجعلهم يواجهون نفسَ مصير حماس.. ولذلك نقول: إن الأُمَّــةَ أصبحت واعيةً، وتعرف مَن هم أعداؤها وما هي مخطّطاتُهم.