طوفانُ المقاومة.. ولمن انتصر بعد ظلمه.. ونهر دماء النصر
أمة الملك قوارة
أبشعُ الجرائم تُرتكب على وجه الأرض، حقلُها غزة وفلسطين، ومنفذُها العدوّ الصهيوني، فما الذي يجعلُ الكيانَ الغاصبَ يتمادى في سابقَة ليس لها مثيل واستباحة للأرض الفلسطينية؟ وذلك ليس رَدًّا على عملية طوفان الأقصى وحسب، بل إن هناك ضوءًا أخضرَ انطلق من أماكن مختلفة ليشرعن للصهيونية المتطرفة ما تعمله الآن! وما بين راعية الانتهاكات أمريكا، ورعيان التطبيع من حكومات العرب العميلة والمحايدة والمنادية بالحفاظ على المدنيين الإسرائيليين والفاتحة مطاراتها لتقديم المساعدات لربيبتهم إسرائيل! انطلقت أنياب الصهاينة، كما أن كبح مظاهرات الشعوب العربية ومواقفهم مع شعب فلسطين كان له الأثر في إطلاق العنان للكيان الغاصب في حرب الإبادة وإطلاق شعار التهجير لأصحاب الأرض!
والسؤال هنا من ندين ومن نستنكر؟! هل الحكومات العميلة أم الشعوب الساكتة على تمادي العمالة في حكوماتها ومن يمثلها! ولقد استيقظت غزة مطالبةً بحقها ومتخذةً قرار المقاومة، فهل تعي الشعوب ماذا يعني ذلك؟! وبينما الصهيونية تغرق في تهديداتها وجرائمها، فلسطين تقاوم، وعلى الشعوب أن تقاوم ليتضح موقفها أكثر، ولكي لا تكون تحت قيادة عميلة عليها أن تتعلم العنفوان من غزة الصمود وتثور كالطوفان محقّقة عزتها ومتخذة قرارها؛ ولكي يعرف العدوّ أن مصالحه زائلة وكيانه زائل لا محالة.
لقد أثبتت عملية طوفان الأقصى مدى ضعف وهشاشة العدوّ الغاصب واستحالة المواجهة من قبلهم! وإنما من وراء مدرعاتهم ومعادنهم يرتكبون الجرائم ويتمادون، فإذا ما أقبل الحق فروا مدبرين، وهنا فلتستمر المقاومة فلقد عرفنا كلنا طبيعة العدوّ ولا ضير من تدفق الدماء ولا ضيرَ من ارتفاع أعداد الشهداء ولا ضير من تناثر الأشلاء في سبيل الكرامة، فلن يأتي النصر ولن يبنى المجد ولن تتحقّق الحرية إلا بعد أن يكون لها ثمنٌ غالٍ من الدماء والتضحيات، ولقد استفاقت غزة وهي تعرف ثمن استفاقتها الأبية، وهنا على الحكومات العميلة ألا تسترسل في التَّباكي على فلسطين أَو على المدنيين من الطرفين كما يتغنون! فتلك التمثيلة أصبحت رخيصة جِـدًّا، وإن لم يكن هناك فعل فلتوفر على نفسها الثرثرة وتوالي الكلمات المفروغ منها، وأما عمن كشفت عملية الطوفان قبحهم وأصبحوا ينادون باسم الحفاظ على إسرائيل وتوقف العملية والمقاومة! فلينتظروا! سيأتي الله بصبح النصر، فقرار المقاومة واستمرار عملية طوفان الأقصى كان أعظم قرار اتخذته فلسطين حتى الآن، وهو القرار ذاته الذي أشعل نارَ الحمية وأشعل نار القضية المركزية في نفوس كُـلّ العرب والمسلمين، وأشعل روح الإنسانية في نفوس أحرار العالم، وإما عن محور المقاومة فلقد أصبح رهن الإشارة للمقاومة الأم في فلسطين ولن تكسر المقاومة بقدر ما ستكون بداية لنهاية حتمية للكيان الغاصب.
إن كُـلّ المؤشرات والأحداث تقول إنه ليس من المستبعد أن تصحوَ كُـلّ الشعوب العربية والإسلامية مكونة طوفانَ واحدًا ولُحمة واحدة، مبيدة لضلال حكوماتها، ومتجهة نحو قضيتهم المركزية، نحو فلسطين التي اتخذت قرار الدفاع عن شرف الأُمَّــة وكرامتها وهذا ما يجب أن تخافه الأنظمة، وتسارع في تصحيح مسارها فلأحداث في تطور مُستمرّ لحكمة أرادها الله، وسيعجز عنها كُـلّ المنبطحين تحت رداء العمالة والذلة والانحياز! وصحوة الشعوب آتية لا محالة، وهنا على العدوّ الصهيوني والأمريكي أن يعيان أنه مع تدفق مزيد من الدماء الفلسطينية دفاعاً عن أرضهم كلما التحمت الشعوب العربية على قضيتها، واتحد أكثر محور المقاومة الذي أصبح قوة يعرف الجميع مدى تأثيرها! فلتستمر فلسطين في طريق التحرير والحرية، ومعها كُـلّ الأحرار في أهبة الاستعداد للمشاركة على أوسع نطاق لاستكمال معركة التحرّر؛ فموعد اللقاء على أرض فلسطين وموعد خوض المعركة الكبرى أصبحنا من قاب قوسين، وكلّ المؤشرات تقول ذلك، فلا مجال لأن يسكت الأحرار ممن تجري القضية في دمائهم وهم يعون ماذا يعني وعد الله؟ وَسنة الانتصار للمؤمنين مؤكّـدة لا تبديل لها، وإنما التمادي الكبير الذي غاص فيه الكيان يحدّد مآلَه وفترةَ بقائه الوجيزة على أرض فلسطين.
وهناك مفاجآت ربما لن يدركها العدوّ إلا حين حدوثها، وعن شعب فلسطين استبشروا واستمروا؛ فما بعد الصبر والمقاومة إلا النصر المبين، وقد وقع في أنفسنا ما وقع في أنفسكم من اجتراء المطبعين وتماديهم، وهنا سنذكرهم بقوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ} (سورة المائدة- آية 52).