وحشيةُ العدوّ تدفعُ نحو توسُّع رقعة المعركة وتُشغِلُ غضباً جماهيرياً متزايداً حول العالم

المسيرة | خاص:

دفعت جريمةُ قصفِ العدوّ الإسرائيلي للمستشفى الأهلي المعمداني في غزة، بمشهدِ معركة “طوفان الأقصى” إلى مستوى أقربَ من أي وقت مضى إلى الحربِ الإقليمية، التي بدأت بعضُ ملامحها تبرُزُ بشكل واضح على عدة جبهات في المنطقة، حَيثُ تعرضت القوات الأمريكية في سوريا والعراق لهجمات مكثّـفة خلال اليومين الماضيين، فيما أعلن اليمن مرحلةَ استنفار وتعبئة، أبدت وسائل الإعلام الصهيونية قلقًا كَبيراً منها، وذلك توازيًا مع تزايد الغضب الشعبي المتفجِّرِ في المنطقة والعالم، والذي سبّب حالةً من “الطوارئ” في سفارات الولايات المتحدة والكيان داخل العديد من الدول.

 

توحُّشُ العدوّ يدفعُ نحو توسُّع المواجهة:

الجريمةُ المروِّعة للغاية التي ارتكبها العدوّ، الثلاثاءَ الماضي، والتي خلفت أكثر من ألف ضحية بين شهيد وجريح، قوبلت بغضب جماهيري غير مسبوق على مستوى العالم بأكمله، وقد عكست بوضوح إصرار العدوّ الصهيوني على التمادي في جرائمه وتجاهل كُـلّ الأصوات المرتفعة ضد وحشيته حول العالم؛ وهو ما تأكّـد بشكل أوضح من خلال محاولته إلقاءَ مسؤوليةِ الجريمة على حركات المقاومة الفلسطينية.

وقد جاءت الجريمة تزامنًا مع توجّـه بايدن إلى الأراضي المحتلّة في دعم خلالها أكاذيبَ “تل أبيب” الفاضحة بخصوص الجريمة، كما أكّـد بشكلٍ صريحٍ أن الولاياتِ المتحدةَ تقف إلى جانب العدوّ الصهيوني من منطلق تعصُّب بدائي عُنصري واضح.

الاصطفاف الأمريكي الصهيوني الوحشي، خلق انطباعًا بأن الوسيلةَ الأنجحَ لردع العدوّ هي توسع نطاق المعركة؛ لمنعه من الاستفراد بالشعب الفلسطيني، وهو انطباعٌ كانت قد أكّـدته ردود محور المقاومة على الجريمة، حَيثُ قال وزير الخارجية الإيراني: إن “الوقت انتهى” فيما أكّـد حزب الله أن “هذا اليوم سيكون له ما بعده”، بينما أكّـد الرئيس المشاط أن “العدوَّ تجاوز كُـلّ الخطوط الحمراء وأن قواعد الاشتباك يجب أن تتغير”.

هذه التصريحاتُ فُسّرت كرسائل على استعداد محور المقاومة للتدخل، علمًا بأن جميع أطرافه بما في ذلك المقاومة الفلسطينية، على تنسيق مُستمرّ ومتواصل منذ بداية المعركة التي أكّـد ناطقُ كتائب القسام أبو عبيدة يوم الخميس بأن هناك استعدادًا لخوضها خلال فترة طويلة، مؤكّـداً أن المقاومةَ الفلسطينية لا زالت متحكمةً بالمشهد.

 

هجماتٌ مكثّـفةٌ تطالُ القواعدَ الأمريكية في سوريا والعراق:

على وَقْع ذلك، تعرضت عددٌ من القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، بما في ذلك قاعدة “عين الأسد” و”النتف”، لهجمات مكثّـفة بلغت حوالي 6 خلال أقل من 48 ساعة، باستخدام الصواريخ والطائرات المسيَّرة، وقد تبنَّت المقاومة الإسلامية في العراق بعض تلك الهجمات.

هذا التطور اللافت لم يبد معزولًا عن معركة “طوفان الأقصى” والوضع في فلسطين، خُصُوصاً وأن المقاومة الإسلامية في العراق كانت أعلنت سابقًا بأنها ستستهدفُ قواعدَ قوات الاحتلال الأمريكي في حال صعد العدوّ الإسرائيلي جرائمَه وتدخلت أمريكا بشكل مباشر في العدوان الصهيوني على الفلسطينيين.

وهكذا، فقد اعتبر مراقبون هذه الضرباتِ أحدَ الملامح الأولية للتدخل الإقليمي المساند للمقاومة الفلسطينية؛ وهو ما فتح احتمالاتٍ كثيرةً بشأن “توسع الحرب” وهو العنوانُ الذي يزدادُ حضورًا في المشهد بشكل لا يستطيع أحد تجاوزه.

أحد الاحتمالات أن محور المقاومة يحاول من خلال هذه الضربات توجيه رسائل تأكيد على أن “الحرب الإقليمية ليست مُجَـرّد شعار” بحسب تعبير ناطق القسام، أبي عبيدة في الأيّام الأولى للمعركة، وهي رسائل تهدف لدفع العدوّ إلى تغيير حساباته، كما تفتح في الوقت نفسه مسار العمليات المساندة بشكل تدريجي يتناسب مع حسابات المعركة، وفقًا للتنسيق بين أطراف المحور.

 

قلقٌ “إسرائيلي” من دخول اليمن على خَطِّ “الطوفان”:

وبالتوازي مع ذلكَ، أعلن اليمن عن “تعبئة جهادية” لمساندة المقاومة الفلسطينية، وهو إعلانٌ أثار بشكل لافت قلقَ العديد من وسائل الإعلام ومِنصات الرصد والمتابعة الصهيونية، حَيثُ اعتبرته “تهديدًا إضافيًّا” للكيان الصهيوني.

وأعلن المتحدثُ باسم جيش الاحتلال، دانييل هاغاري، الجمعة، أن الكيان “مستعد” لمواجهة أية هجمات محتملة من اليمن.

وعكفت الكثير من الوسائل والمنصات الإعلامية على بحث ما إذَا كانت القوات المسلحة تمتلكُ صواريخ وطائرات مسيَّرة تستطيع الوصول إلى الأراضي المحتلّة.

ويكشف القلقُ الصهيونيُّ المعلَنُ من الخطر اليمني بوضوح أن العدوَّ بات يدرك أن المعركةَ قد تتوسع في أية لحظة، وبعبارة أُخرى أن باب التدخل الإقليمي قد فتح، وهو ما يشير إلى أن تصريحات قادة محور المقاومة بعد جريمة قصف المستشفى الأهلي في غزة لم تكن لمُجَـرّد الاستهلاك الإعلامي، خُصُوصاً وأنها جاءت بعد تحذيرات ومساعٍ دبلوماسية مكثّـفة؛ لتجنب توسع المواجهة.

ويبدو بوضوح أن التنسيقَ المعلَنَ بين أطراف محور المقاومة، بما في ذلك اليمن، يقتضي توزيعَ أدوار محسوبة بعناية، ووفق تدرجات دقيقة، تلائمُ مستوياتِ المعركة التي لا زالت المقاومة الفلسطينية حتى الآن تتحكَّمُ بمجرياتها بشكل كامل.

 

غضبٌ جماهيري عالمي غيرُ مسبوق:

إلى جانب خطر توسُّعِ المواجهة في المنطقة، ضاعفت جريمة قصف المستشفى الأهلي في غزة الغضب الجماهيري العالمي ودفعته إلى مستويات غير مسبوقة، حَيثُ تتصاعد الاحتجاجات الحاشدة في العديد من دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية؛ استنكارًا لاستمرار جرائم الاحتلال وتنديداً بأكاذيب ودعايات الحرب العدوانية، التي يتم ترويجُها لتبرير إبادة الفلسطينيين.

وعلى مستوى المنطقة، توجّـه الغضب الجماهيري بشكل مباشر باتّجاه سفارات الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية؛ ما أَدَّى إلى إخلاء سفارتَي العدوّ في مصر والمغرب، فيما تلقى موظفو السفارات الأمريكية والإسرائيلية في بقية الدول تعليمات بتوخي الحذر.

هذا السخط يمثل خطرًا إضافيًّا على العدوّ، وهو خطرٌ مرشَّحُ للتصاعد مع استمرار المعركة؛ لأَنَّ الاحتجاجات الشعبيّة ستزداد اندفاعًا وضغطًا على الكثير من الدول، وقد تدفعها لاتِّخاذ مواقفَ لا يحبِّذُها العدوُّ كقطع العلاقات وطرد السفراء، خُصُوصاً وأن بعض الدول قد بدأت باتِّخاذ خطوات في هذا السياق، مثل كولومبيا التي قطعت علاقاتها بالكيان رسميًّا، وأعلنت استعدادها لفتح سفارتها في رام الله وإرسال مساعدات لغزة، فيما طالبت وزيرة اسبانية بلادها باتِّخاذ خطوةٍ مشابهة.

ويمكن ملاحظة أهميّة ما يمثله هذا السخط بوضوح، من خلال الحرص الشديد الذي يُبديه العدوّ على إظهار مساندة العالم له، عن طريق استضافة المسؤولين والرؤساء الغربيين في الأراضي المحتلّة، إلى جانب دفعِ كافة وسائل الإعلام الغربية للتغطية على جرائمه في غزة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com