“إسرائيل” نمرودُ العصر
رويدا البعداني
لعلَّ حكومة الكيان الصهيوني لم تكن لتصدق أن بوسع الجيش الفلسطيني كبح جماح نفوذها، والنيل منهِا وترويع أمنها، وإسقاط هيبتها أمام الملأ بطوفانهِ العاتي، الذي هيض جناحهم، وأفزع معمورتهم، وشوّه تاريخهم الإجرامي المضرج بدماء الشعب الفلسطيني منذ ما يقرب خمسة وسبعين عاماً، ما كانت تتوقع قط أن تدور رحى المعركة عليها يوماً، أَو أن تتعرض إلى هجوم حماسي يباغتها على حين غرة، وأن تطالهُا خسائر فادحة تُطيح بسورهِا المنيع، وتجعل من حراسها هشيما تذروهم الرياح.
لقد ظن العدوّ الإسرائيلي أن كتائب القسام قد هزلت، وهمة أبطال غزة قد انطفأت، وبطولات الأمس القريب قد مُحيت، وعقيدة الجيوش الفلسطينية بقوميتها وإيمانها قد تلاشت وتفككت، وأن زمن الهزائم قد ولى، وليس لهم بعد اليوم ندا، بهذا الظن اطمأن قطيعهم فجاسوا خلال الديار، وجاروا في الأراضي الفلسطينية ظلمًا واعتداء، لم يضعوا في حسبانهم بأن صياد الأمس بات طريدة اليوم، وأنه لا مناص من مواجهة المقاومة وجها لوجه، فنحن نعلم مدى جبنهم وضعفهم في ساحات المعركة بعيدًا عن الدعم الجوي والبري الذي يساندهم.
حتى هذه اللحظات ما زالت حكومة الكيان الإجرامي تثور غضبا مما أحدتثه حركة حماس، فما برحت تُهدّد، وتتوعد بالقصف العنيف المدجج بأعتى الأسلحة قطاع غزة، دون مراعاة لصكوك الحرب القانونية، ومواثيقها الإنسانية، وخير شاهد على ذلك مجزرة مستشفى المعمداني الذي تفطر من هوله القلب، وعزَّ علينا مصابه، وثمة الكثير من المجازر الوحشية التي ما زالت حتى هذه اللحظات تنهال على غزة، من قصف هجمي للمدارس والمساجد والمنازل والأسواق المكتظة بالأهالي، والذي أرتقى على أثرها الكثير والكثير من الشهداء، أطفالا ورجالا ونساءً وكهولا.
إن نمرود العصر لم يكتفي حتى الآن بضرباته الموجعة، ورشقاته المبرحة، بل تمادى وتجاوز، وأصبح جل همهُ تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وهدم معمورتهم، ومحو وجودهم، وذلك للاستيطان على تلك الأرض المقدسة “فلسطين الأبية” تباعا لسياستهم الموجبة التي انطوت تحت وعد “بلفور” والتي عُرفت بسياسة “الوطن القومي اليهودي” فإن استعلوا بوعد بلفور وصدقوا أضغاث أحلامهم، فالشعب الفلسطيني يستغيث بربه، ويستعين بمعيته، ويمضي في دربهِ الوضاح منذ نعومة ولادته.. والله المستعان.