“طوفانُ الأقصى” وأوراقُ اليمن والمحور لإيقاف الإجرامِ الإسرائيلي
وليد الرضي
لا شك أن عملية طوفان الأقصى قد أحدثت شرخاً وتصدعاً في بِنية وهيكل وجسد الكيان الإسرائيلي عسكريًّا، واستخباراتياً، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، ومسحت سُمعة الجيش الذي “لا يُقهر”، من وعي وعقول الملايين من العرب والمسلمين، وغيَّرت قناعاتِ الكثير بأن هذا الكيانَ قابلٌ للإزالة، وتبخَّرت الهالة الإعلامية التي صنعتها أمريكا خلال العقود الماضية عن هذا الكيان وقوة تماسكه وتحمله للصدمات.
ومن أجل الحفاظ على تماسك هذا الكيان استنفرت أمريكا وبريطانيا بزعمائها إلى فلسطين المحتلّة وهرعت بأساطيلها إلى بحر غزة، لدعم الكيان الغاصب ومساندته لقصف مساكن ومستشفيات غزة على رؤوس النساء والأطفال، وترويعهم، وتهجيرهم، وتخطط مع الكيان المجرم أَيْـضاً لبدء عملية عسكرية برية باتّجاه غزة، وتهجير سكانها إلى سيناء المصرية.
ومع دخول الأسبوع الثالث من الطوفان شهدت المنطقة استنفاراً مقابلاً، من مظاهرات ووقفات الاستنفار والتعبئة، ومسيرات التأييد والمباركة والدعم للعملية، خُصُوصاً من دول محور الجهاد والمقاومة، والتي كان أبرزها موقف شعب الإيمَـان والحكمة في كُـلّ المحافظات والمديريات والأحياء والعُزَل، والتي توجّـها السيد القائد -يحفظه الله- بخطاب تحذير وإنذار ووعيد بالتدخل المباشر ضمن محور الجهاد والمقاومة بالصواريخ والمسيَّرات والأوراق الأُخرى إذَا تدخلت أمريكا مباشرةً، أَو نفذت إسرائيل عمليات تهجير أَو أقدمت على تغيير الوضع القائم في غزة، وكذلك هناك تصريحات مشابهة من دول وحركات الجهاد والمقاومة.
والعدوّ الأمريكي والإسرائيلي يدرك جيِّدًا ما بيد قيادات المحور من أوراق، ومن خيارات، ومن شجاعة على تنفيذها، في الوقت والمكان والزمان المناسبين، ومع محاولة الكثير من عملاء الكيان من العرب واليمنيين في التشكيك أَو الدعوة إلى سرعة الرد والتدخل غير المدروس.
نقول لهم: ما يزال بيد قيادة المحور الكثير من أوراق الضغط، ولا أبالغ إن قلت إنما بيد قيادتنا لوحدها من أوراق ضغط وقوة كفيلة بتغيير معادلات الصراع مع العدوّ إذَا تم اتِّخاذها ضمن التنسيق التام مع محور الجهاد والمقاومة، وفي حال أصرت أمريكا والكيان المتصدع على الدخول في أية مغامرة أَو تجاوز الخطوط الحمر التي حدّدتها القيادة واندلاع الحرب الإقليمية، فليس لدينا ما نخسره أَو نخاف عليه بعد تسع سنوات من العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعوديّ الإماراتي، ومئات الآلاف من الغارات والصواريخ والقنابل الأمريكية والبريطانية، التي قتلت ومزقت أجساد عشرات الآلاف من نساء وأطفال اليمن وما زال حصارهم لشعبنا مُستمرًّا حتى اليوم، ورغم كُـلّ هذا أصبح لدينا كم هائل من الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيَّرة المتنوعة وفائض قوة وخبرة وقدرة على المناورة ومباغتة العدوّ بضربات قاصمة لا يتوقعها.
ولا شك أن الخيارات أمام دول المحور كثيرة والأوراق التي ستستخدمها قاصمة ومزلزلة ورادعة لوقف كيان العدوّ وأمريكا وأُورُوبا العجوز عند حدها.
فالقواعد العسكرية للأعداء والبوارج والأساطيل منتشرة من الخليج إلى البحر العربي إلى باب المندب والبحر الأحمر وُصُـولاً إلى ميناء إيلات، وكلها أهداف مشروعة في حال اندلاع الحرب الإقليمية، بل ستطال نيران براكيننا وطوفاننا وقدسنا، وصمادنا.
كلّ الأهداف الحساسة والمطارات، وخزانات النفط والوقود، ومخازن الذخيرة داخل كيان العدوّ وضرب تجمعاته حول غزة، وغيرها من الأهداف، أضف إلى ذلك إمْكَانية الالتحام المباشر مع جنود الكيان إلى جانب محور الجهاد والمقاومة سواءً من سوريا أَو من لبنان.
وفي حال إصرار كيان العدوّ وداعميه على الغطرسة والاستكبار واستباحة الأرض والعرض ودماء الأطفال والنساء، ستتوسع الحرب الإقليمية، وسيبدأ طوفاننا اليماني بجرف كُـلّ ضباط وأذناب أمريكا والكيان الصهيوني -الإماراتيين والمرتزِقة- من المخاء وباب المندب والجزر اليمنية، والجميع يعرف أهميّة مضيق باب المندب بالنسبة للكيان الإسرائيلي وأمريكا، وقد صرح رئيس وزراء الكيان نتنياهو قبل بداية العدوان على اليمن بأن سيطرة من أسماهم الحوثيون على باب المندب أخطر من امتلاك إيران السلاح النووي حسب زعمه، ولهذا السبب حرك الصهاينة والأمريكان عملائهم الإقليمين السعوديّة والإمارات وجمعوا كُـلّ عملائهم ومرتزِقتهم في الداخل ليكونوا رأس حربة وخط الدفاع الأول عن مصالح الكيان وأمريكا والغرب.
ومن يدري لعل التسريع بورقة تحرير باب المندب سيكون؛ بسَببِ تجاوز الخطوط الحمراء التي حدّدها السيد القائد ومحور الجهاد والمقاومة، ومحاولة أمريكا والكيان الهش إعادة هيبة الجيش الذي قهر والمكابرة خوفاً من خروجهم ورحيلهم السريع من المنطقة بأكملها وانهيار عروش عملائهم المطبعين الذين يعطونهم كُـلّ أموال ونفط وثروات الأُمَّــة مقابل البقاء على كراسيهم، وحينها سنضرب عدة عصافير بحجر واحدةٍ، ويبدأ العد العكسي لتحقيق وعد الآخرة الذي ذكره الله بداية سورة الإسراء.