الحَلُّ للأُمَّـة.. العودةُ الصادقةُ للالتزام بالتوجيهات الإلهية
نبيل بن جبل
لم نصل نحن العرب والمسلمين إلى هذا المستوى من الإذلال تحت أقدام أعدائنا على مر العصور السابقة، وما وصلنا إليه في هذا العصر سببه راجع بلا شَكَّ لأمرَيْنِ:-
الأول: سببُه ساستُنا وحكامنا المستبدون المجرمون الذين يقمعون كُـلّ صوت حر يصدع بالحق ويعمل به ويناهض قوى الشر والطغيان.
الثاني: بسَببِ الأفكار الخاطئة المغلوطة التي زرعها الأعداء في ثقافتنا والتي أبعدت الناسَ عن القرآن والدين المحمدي الأصيل، ودجَّنت الكثيرَ من أبناء هذه الأُمَّــة، وربَّتهم على السكوت والذلة والخنوع وزرعت الشقاق والفرقة بين أبناء الطوائف الإسلامية بمختلف انتماءاتهم، هذه الأفكار وهؤلاء الساسة المجرمين حرموا شعوب أمتنا من أقدس ثقافة وأهم موروث وأعظم دين، يخرج الناس من الظلمات إلى النور ويربيهم على القوة والصلابة والثبات والشدة والشجاعة والإقدام (كتاب الله ورسوله وأهل بيته)، وَحرموهم من أعظم هبة وهبها الله لخلقه ليدلل بها على عظمة دينه وقوة رجاله وشجاعتهم وشدة بأسهم وتفردهم في القدرة على بناء أعظم وأقوى حضارة إسلامية، إنسانية، تحفظ الحقوق وتصون الكرامات وتصنع أجيالاً حرة، مستقلة، مؤمنة، عظيمة، قوية، عناصر فعالة في الحياة، ظهورهم صعبة للركوب، لا يُذلون ولا يُقهرون ولا يُضامون ولا يُستعبدون لأحد غير الله.
وأول ما حرص ويحرص عليه أعداء هذه الأُمَّــة وفراعنتها الحكام المستبدون وعلماء السوء والضلال وعملائهم الخونة في كُـلّ زمان ومكان، وبمختلف الوسائل والطرق وعبر كُـلّ الأساليب تقليص العناصر الحرة المستقلة الفعالة في الحياة، وإبعاد الناس من أبناء هذه الأُمَّــة عن دينهم وقرآنهم ونبيهم وأعلام هداهم، وتعويدهم على العيش بدون حرية واستقلال ليسهل ترويضهم للعبودية والإذلال، وهو ما حصل وللأسف الشديد، هذا ما نشهده ونعايشه في عصرنا الحاضر، تراجع كبير جِـدًّا أمام الأعداء، وسكوت مخز أمام ما يصنعونه بأبناء جلدتنا، أمام كُـلّ انتهاكاتهم لمقدساتنا واحتلالهم لبلداننا وقهرهم وإذلالهم لشعوبنا ونهبهم لخيراتنا وثرواتنا، وما يجري في فلسطين وغزة هذه الأيّام من تهجير وإبادات جماعية ومجازر وحشية، وما جرى سابقًا فيها وفي كُـلّ البلدان الإسلامية، والمواقف العربية والإسلامية المخزية تجاه ما يجري خير شاهد على ذلك،
والعالم كله يقف لوأد شأفة كُـلّ عربي وكلّ مسلم، انظروا إليهم كيف يكيلون بألف مكيال، ونحن المُعتدى علينا، المقتولين والمهجَّرين والمعذَّبين والمحاصَرين ظلماً وبغياً بدون وجه حق وبدون أي مسوغ سوى القتل؛ مِن أجل القتل والإجرام والطغيان؛ مِن أجل الاحتلال وإخضاع إرادَة الشعوب الإسلامية لوصايتهم الخبيثة، ولو كانت دماء أطفالنا ونسائنا في غزة وبقية البلدان العربية والإسلامية تسيل نفطاً وأشلاؤهم تتطاير دولارات، ولو كانوا غير عرب، غير مسلمين، لو كانوا يهوداً ونصارى لكان حديث العالم كله عكس ذلك تماماً، وهذا ما يمكن أن نسميه بالنفاق السياسي والطغيان باسم الإنسانية والإجرام، باسم الحقوق والاحتلال، باسم الحريات، ولنا تجربة طويلة معهم كأمة عربية وإسلامية في فلسطين وكلّ البلدان، لم نر موقفاً أمام تلك المجازر وَالإبادات والجرائم والفوضى والدمار والمعاناة.
بل تزداد سوءاً وتتفاقم أكثر وأكثر، إنهم هم من يتسبب في صناعة الظلم والطغيان ويتاجرون بمظلوميات الشعوب المغلوبة على أمرها، وقد أخبرنا القرآن الكريم عن خبثهم كما قال تعالى: «ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ ولا المُشْرِكِينَ أنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكم مِن خَيْرٍ مِن رَبِّكم واللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشاءُ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ»، لا يودون لكم خيراً ولا أمناً ولا سلماً ولا سلاماً، ولو وددتم ذلك لهم، هم يحسدونكم وحاقدون عليكم، يجب أن يفهم كُـلّ عربي وكلّ مسلم ذلك، يجب أن نفهم جيِّدًا أن قوتنا وضعفنا تكمن في علاقتنا بديننا.
ولذلك لا مخرج لنا كشعوب عربية وكأمة مسلمة إلَّا التصحيح تطبيق تعاليم القرآن، تعاليم الإسلام في واقعنا قولاً وعملاً، والتمسك بقيم ومبادئ وأخلاق القرآن، والتولي الصادق لله ورسوله وأعلام الهدى، ونبذ الأفكار الخاطئة والمغلوطة، ونبذ الساسة والحكام المستبدين، ونبذ الفرقة والاختلاف وما يسبب لهما، والعمل بعين البصيرة والوعي بـ “عين على القرآن وعين على الأحداث”.
العودة الصحيحة إلى الله والقرآن ورسوله ومن أمرنا بتوليهم وتطبيق تعاليم الإسلام وإعلان الجهاد في سبيل الله والتعاون ونبذ الفرقة لتحرير الشعوب من جبروتهم وطغيانهم وهيمنتهم، وكما قال الإمام علي (عليه السلام):«بقية السيف أنمى عدداً وأكثر ولداً»، هذا الذي يمثل ضمانة حقيقية لهذه الأُمَّــة، في الدنيا عزة وكرامة وقوة وحرية واستقلال، وفي الآخرة رضوان الله وجنته وهذا الأهم، ولن يظفر المسلمون بالنصر والسيادة والتمكين في الأرض إلا إذَا فهموا الإسلام على وجهه الصحيح وعملوا بهذا الفهم القويم في هذه الحياة ومثلوه أصدق تمثيل وأوفاه، كما يريد له الله أن يكون ظاهراً عزيزاً، والعاقبة للمتقين.