فلتخرَسْ إنسانيةُ الغرب الأطلسي الزائفة
صدام حسين عمير
تتباهى الكياناتُ على هذه البسيطة، سواءٌ أكانت دولاً أَو منظماتٍ، بسجلها في الجوانب الإنسانية وغيرها من تلك المسميات، وذلك من خلال ما تقدمه من مساعدات بمختلف صورها لكل من ألمت به المحن والكوارث دون أن يكون هناك أي تمييز أَو تفريق بين دولة أَو شعب على مثيلاتها، ومن تلك الكيانات الغرب الأطلسي دولاً ومنظمات من يتبجح بين حينٍ وآخر بسجله في الجوانب الإنسانية محاولاً ستر عنصريته المقيتة وإنسانيته الزائفة والواضحة لكل لبيب في هذا الكون.
ومع الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلّة وما رافقها من عملية إبادة عنصرية ممنهجة للفلسطينيين بغزة من قبل الكيان الصهيوني ظهرت سوءة الغرب الأطلسي للعالم أجمع وَبانت وَبكل وضوح عنصريته ووحشيته من خلال دعمه اللا محدود سياسيًّا ومالياً وعسكريًّا وإعلامياً للكيان الصهيوني في حرب الإبادة والتطهير العرقي التي ينفذها هذه الأيّام ضد الفلسطينيين عامة وأبناء غزة خَاصَّة، حَيثُ تسابق زعماءه أيهم يكون أول الواصلين لأرض فلسطين المحتلّة للاطمئنان على الكيان الغاصب المتهاوي، تهاوي تحصيناته في السابع من أُكتوبر الحالي على أيدي رجال الله، نعم تسابقوا في من يدفع أموالاً أكثر للصهاينة ومن يحرك أساطيله وبوارجه لتعين ربيبتهم إسرائيل في حرب الإبادة، وكلّ ذلك الدعم رافقه تحيز إعلامي غربي فاضح لإسرائيل مروجاً ومتبنياً لرواياتها وأكاذيبها ومصورها بأنها ضحية للفلسطينيين.
إن دماء الفلسطينيين التي سفكت وبصورة وحشية ومرعبة من قبل الكيان الصهيوني لم تتلطخ بها أيدي الصهاينة فقط، بل الغرب الأطلسي شريكاً رئيسياً لهم في ذلك، فالعالم الغربي يعرف مظلومية الفلسطينيين وأن الصهاينة هم كيان دخيل غرس بواسطتهم منذ 75 عاماً، وخلال تلك السبعة العقود من الاحتلال والاستيطان دعمت الحكومات الغربية دولة الكيان بالسر والعلن وتغاضت وتواطأت عن إجرامه بحق الفلسطينيين، والتطهير العرقي لهم من أرضهم وسجن الباقيين في سجون وأقبية، وحتى مع دخول الفلسطينيين فيما يسمى عملية السلام كان الغرب الأطلسي منحازاً للكيان الصهيوني، والذي حول غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، مجرباً فيها كُـلّ أساليب التعذيب والحرمان، فكل متطلبات الحياة من طعام وماء وكهرباء يحصلون عليها بالقطارة كما يقول المثل، في حين يمنع عنهم الأدوية والمعدات الطبية إلَّا فيما ندر وهرب، كُـلّ تلك المعاناة للفلسطينيين تعلم بها حكومات الغرب ومطلعة أَيْـضاً على الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل كيان العدوّ، ومع كُـلّ ذلك لم تحَرّك ساكناً تجاه دولة الاحتلال أَو تمارس ضغطاً عليها، وعندما أراد أبناء غزة الخروج من ذلك السجن والعيش بحرية وَكرامة وقف الغرب الأطلسي حكومات ومعارضة مع السجان ومقدمين له الدعم بشتى الوسائل والطرق لتزيده غياً وإجراماً.
وأخيراً ليكن ماثلًا أمام الغرب الأطلسي أنه لولا دعمُه اللا محدود في شتى المجالات للكيان الصهيوني وتدليلهم له لعقودٍ طويلة لما تجرأ على ارتكاب تلك المجازر والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، ولذلك فَــإنَّ أطفال ونساء فلسطين يخاطبون الغرب الأطلسي المتشدق بالإنسانية والمتباهي بها قائلين لهم: لقد ماتت إنسانيتكم المادية الزائفة وانكشفت سوءتها، وحريٌ بهكذا إنسانية أن تنتحر أَو يتم وأدها، إنما الإنسانية الحقة تلك المستمدة من دين الله سبحانه وتعالى ومن نهج رسوله -صلى الله عليه وآله-، ومن نهج من قال موصيًا مالك الأشتر، إنما الناس صنفان: أخٌ لك في الدين أَو نظيرٌ لك في الخلق.