مبادرة الرئيس المشاط لإحلال السلام في تعز: خطوة رائدة للمصالحة وإنهاء حالة الانقسام
أحمد أمين المساوى
في ظل ما يحيط بالوطن اليمني من مخاطر وتحديات؛ بسَببِ العدوان والحصار، وفي ظل ما يعانيه أبناء محافظة تعز بشكل خاص من مآسٍ ومصائب تسبب بها تحالف العدوان، وانخداع بعض أبناء المحافظة بتنفيذ أجندة تحالف العدوان ولو ضد أنفسهم، منذ 9 سنوات مضت، وفي وقت الشدائد يبرز دور القيادة السياسية الحكيمة والرشيدة في تقديم المبادرات والحلول السلمية والوطنية لإنهاء مساعي استنزاف الدماء اليمنية التي يحاول العدوّ الخارجي استهداف أمن وسلامة ووحدة اليمن واليمنيين.
فقد كان للمجلس السياسي الأعلى، ممثلاً بفخامة رئيسه المشير مهدي محمد حسين المشاط، موقف تاريخي وطني مشرف، عندما أطلق دعوة صادقة لإحلال السلام في محافظة تعز، والتي جاءت في لقاء تاريخي جمعه بعلماء ووجهاء وأعيان وقيادات محافظة تعز المدنية والأمنية والعسكرية، وفي خطوة رائدة تهدف إنهاء حالة الاحتراب الماثلة وإيقاف أعمال الاقتتال ووقف نزيف الدم وصيانة ما تبقى من النسيج الاجتماعي الذي دمّـرته أجندة تحالف العدوان، والمشاحنات الناجمة عن جملة التدخلات غير المسؤولة منهم والتي قادت إلى استمرار استنزاف أرواح أبناء محافظة تعز من مختلف الشرائح الاجتماعية وعلى اختلاف المستويات والفئات العمرية، والتي لم تجنِ منها المحافظة وأبنائها سوى جم المعاناة المريرة وتكبدت؛ بسَببِ ذلك مرارات لا حصر لها، ذاق ويلاتها وأكتوى بسعيرها كُـلّ المدنيين والعسكريين في أرجاء وربوع المحافظة المترامية الأطراف ومختلف مديرياتها وقراها من أقصى الشرق البري وحتى أقصى الجنوب المائي، وشهدت خلاله مزيداً من أعمال إراقة الدماء على مدى تسع سنوات مضت من عمر الحرب والعدوان، الذي كان لتعز منه النصيب الأوفر دون توقف ولا يزال حتى يومنا هذا، في الوقت الذي استقرت فيه أحوال وظروف بعض المحافظات المجاورة وشهدت استقراراً وأمنًا مشهوداً وتنمية المصالح العامة والخَاصَّة وأصبحت مضرباً للمثل في استشعار قياداتها وأبنائها مسؤولياتهم إزاءها وأهميّة إحلال وترسيخ عوامل السلام في مختلف أرجائها.
هَـا هي حانت اللحظة الوطنية العظيمة في تاريخ محافظة تعز، حَيثُ إن إطلاق هذه المبادرة يمثل إعلاناً للتضامن والوقوف صفاً واحداً بين جميع أبناء محافظة تعز، وفتح باب الأمل للسلام والوحدة والتعاون في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن.هي لحظة عظيمة تستحق الاحتفاء والتقدير، فهي تدعو إلى إيقاف نزيف الدماء والاستنزاف، وتبرز قيمة المصالحة كأَسَاس للسلام، وَتجسد رغبة أبناء المحافظة في إنهاء حالة الانقسام والخلاف، وتنم عن موقف تاريخي وطني محسوب للمجلس السياسي الأعلى، يأتي في مرحلة تاريخية بالغة الأهميّة لإيقاف محاولات الاستنزاف الداخلية بين أبناء الوطن اليمني عُمُـومًا وأبناء محافظة تعز على وجهي العموم والخصوص، وهو الموقف المسؤول والحريص الذي عبر عنه فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى من خلال دعوته الوطنية الصادقة، والتي تضمنت عرضاً مسؤولاً لتشكيل إدارة مشتركة للمحافظة من الطرفين ينجم عنها إدارة خدمية لمختلف الشؤون العامة بالمحافظة، ووقف القتال وإحلال السلام الذي ينشده كُـلّ المواطنين المتطلعين بشغف إلى حلول هذا اليوم الذي تنتهي فيه المواجهات المسلحة، وتعود فيه عقول قياداتها إلى جادة الصواب، وترحل معها كُـلّ موجبات إذكاء الفتن التي ما فتئت قوى خارجية ومصالح شخصية لقوى داخلية تعمل على نفخ نيرانها لضمان زيادة أوار اشتعالها على مر كُـلّ الوقت.
هذه المبادرة تمثل أَيْـضاً تجسيداً لرؤية قائد الثورة السيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- التي دعا فيها إلى توحيد الصف والكلمة والموقف في مواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالوطن، وإلى تحقيق المصالحة الوطنية والتسامح الاجتماعي بين كافة أطياف الشعب، وإلى تعزيز قيم التضامن والتكافل والتعاون وقطع دابر الفتنة والتمزق والشتات، التي سعى إليها الحاقدون، من لا يسعون إلا إلى تحقيق مآربهم وأطماعهم على حساب أمن ورخاء الشعوب الطامعة بالنهوض واللحاق بالركب المتقدم وشيوع عوامل المحبة والأمن والسلام، ولا عبرة بأُولئك الأشخاص الذين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ممن يضربون عرض الحائط بتطلعات وأحلام وأماني العامة من المواطنين في سبيل إشباع رغباتهم الشيطانية، وهو ما لن يتحقّق ولن يكون لهم بلوغه بعد كُـلّ الذي حدث خلال السنوات الماضية أَو في الحاضر أَو المستقبل ولو كره الحاقدون.
وإننا في الوقت الذي نشهد فيه كيف تتعاضد فيه قوى الاستكبار العالمي لإبادة أهلنا في فلسطين، وعملها على تفكيك البنى الداخلية للمجتمعات العربية والإسلامية لضمان استحالة مواجهتها من قبل الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية، ندرك أهميّة أية مساعٍ وخطوات للم الشمل ووحدة الصف على مستوى الإخوة بالبيت الواحد فضلاً عن الأُمَّــة كلها.
وإننا نبارك هذه المبادرة الوطنية المسؤولة للقيادة الثورية والسياسية الحريصة والواعية، ونعرب عن بالغ تقديرنا وامتناننا لهذا الموقف النبيل والمسؤول وهذه الدعوة الصادقة التي انطلقت من هِمّة قيادية حكيمة تستشعر حجم مهامها ومسؤولياتها أمام الله سبحانه وتعالى وضمائرها الحية التي تتوخى حقن الدماء ووقف عملية إزهاق الأرواح التي لم تتوقف؛ بسَببِ انجرار البعض خلف مغريات وأطماع كلها سراب، خدعت بها دول تحالف العدوان بقطبيها الأمريكي والإسرائيلي عددًا من المغفلين لتتشكل خارطة انقسام مؤلمة شهدتها محافظة تعز عن باقي محافظات الجمهورية، وإننا نؤكّـد وقوفنا، مع كافة الشرفاء من قيادات المحافظة وأبنائها، مع فخامة الرئيس مهدي المشاط، في مبادرته التاريخية، وسنبذل كُـلّ ما نستطيع، في سبيل تحقيقها.
ولا ننسى في الختام، أن نشير إلى إشادة رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، بدور محافظة تعز التاريخي، ودور أبنائها في المسار التحرّري والثوري، وخَاصَّةً ما قاموا به من دور ريادي كبير وفاعل في رفد ثورة 14 أُكتوبر 1963م بالمال والرجال والسلاح، ومشاركتهم التي لن ينساها التاريخ والأجيال؛ باعتبارها صفحةً ناصعةً في مسار اليمن التحرّري، الرافض لكافة أشكال الوصاية والاحتلال، فهذه الإشادة التي أكّـد فيها على أهميّة الدور الريادي والقيادي لتحرير عدن من الاحتلال البريطاني واستحضار أبناء تعز ذلك في حاضرنا، التي تخضع عدد من الأراضي اليمنية لسطوة وتجبر دول تحالف العدوان، كُـلّ تلك العوامل من عوامل القوة لأبناء المحافظة كافة، تدفعهم للعمل الدؤوب والمتواصل، في سبيل اليمن ورفعته وعزته حتى تحرير كافة الأراضي اليمنية، والله خير ناصر ومعين.
* القائم بأعمال محافظ تعز