غزة تـحـت النار.. صمُودٌ وانتصار
خـديجـة الـمـرّي
عدوانٌ غاشم بلا رحمة ولا إنسانية ولا ضمير، ولا إيمان، وحربٌ شعواء مُستعرة النيران، وحصارٌ خانق من كُـلّ اتّجاه في الميدان، وسُكوتٌ أعمى البصائر والأنظار، ومعركة طُوفانٍ مُعجزة لم تكن بالحُسبان، هزَّت عرش الإسرائيليين والأمريكان، ومن وقفوا معهم مُطبِّعين من قرن الشيطان.
منذُ عام 1947 والشعب الفلسطيني يتعرض للاحتلال الصهيوني على قطاع غزة دون مُبرّر، سِوى طمس المـُقدسات الدينية، وتدنيس المسجد الأقصى بتلك الطقوس اليهودية، وسلب الأراضي الفلسطينية، ونهب الثروات الاقتصادية، وعلى مرأى ومسمع من يدّعون بالعروبة، ومن يدّعون بالإسلام، أين ضمائرهم؟
وأين عُروبتهم؟ وأين نخوتهم؟
يا للعار عليهم؟! ولعنة الله وغضبه عليهم؟
اليوم الدماء تسيل في شوارع غزة وطُرقاتها، ولا من مُجيب! إلَّا محور المُقاومة: اليمن ولبنان وسوريا وإيران وفلسطين.
اغتصب الكيان الغاصب أرضهم، وأجرم بحقهم أشدَّ أنواع الظلم والإجرام، وسَلَبَهم الحرية والأمان، تلك هي حُروبُهم الفاشلة، وسياستهم اللعينة، بحق الشعوب العربية الحرة المُسلمة.تتعرض اليوم غزة لعدوانٍ أرعنَ بالقصف الإسرائيلي الظالم، ومجازر إبادة جماعية، وجرائم هستيرية مُروعة وبشعة بِكلِّ ما تعنيه الكلمة من معنى، لا سِـيَّـما بعد “طوفان الأقصى” تلك العملية التي زرعت الخوف والهزيمة في قلوبهم، لقد باتت غزة تُقصف بدمٍ بارد؛ فاللبِنية التحتية والأبراج تُقصف، والبيوت تُدمّـر على رؤوس ساكنيها؛ فلا يبقى منها أثر، منازل مُكتظة بالسكان أصبحت حُطامًا كأنها لم تكون يوماً عامرةً بأهلها، مشاهد مُؤلمة، وصرخات مُدوية، منها القلب يبكي دماً قبل العين، قصف مُباشر، وحصار مُطبق، سيارات الإسعاف هي أَيْـضاً وطواقمها لم تسلم، المُستشفيات والنازحون فيها لم ينجوا، صُعوبة في الوصول إلى أماكن ذلك القصف؛ لنقل تلك الأشلاء المُمزقة من أثر غبار ذلك الإجرام المُمنهج المُتعمد، ونقل من كُتبت لهُ الحياة ليبقى على قيدها مُجاهداً أَو شهيداً ينتصر.
غزة تحت لهيب النار، من كُـلّ اتّجاه في البر والبحر والجو، اليوم في غزة الأطفال والنساء والشيوخ تحت أزير الرصاص، وتفجيرات القصف، التخويف والترويع لهم على مدار عشرات المرّات، ناهيك عن انقطاع الماء والكهرباء والطَّعام، بل وغياب الكثير من أَسَاسيات الحياة، فمن يسعى جاهداً في محاولته لإنقاذ الجرحى، يُصبح من ضمنهم جريحاً، ومن يُبادر في انتشال أشلاء الشهيد، يتقطعُ إربًا، مُنع الدواء عنهم، ووصول الغذاء إليهم، وأغلقوا المنافذ عنهم، ظَنُّوا بحصارهم أن غزة سَتكون في أيديهم، فكُسرت هيبتهم، وضعفت قُوتهم، وتحطّمت أحلامهم، وخيَّب الله ظنهم.
نهضوا من تحت الركام، ومن بين أنقاض تلك المباني المُدمّـرة، من أنين جِراحهم النازفة، ومن فولاذ صبرهم العظيم، وصمُودهم الأُسطوري المُنقطع النظير، رافضين الغُزاةَ المُتحلين، بعزة وكرامة وإباء في وجه العدوّ مُتوجّـهين، صانعين شدّة بأسٍ لا تلين، وقُوة ردع ضاربة لإسرائيل واليهود الماكرين، مُخيِّبين آمالَهم عدةَ سنين، فما بعد “طوفان الأقصى” لن يكون كما قبله ولو بعد حين.
ولتعلم إسرائيل بأن زوالَها عمّا قريب، وأن جرائمَها بحق الشعب الفلسطيني لن تمرَّ مرور الكرام، وما خَفِيَ كان أعظم، وقُوة الله هي أكبر، وغزة لن ولن تُهزم، بل سَتُقاوم، وتُهاجم، والنصر لها قابَ قوسين أَو أدنى، وألسنة الشعب اليمني وأحرار المُقاومة كلهم على قلب رجلٍ واحد، ومُتخندقين في صَفٍّ واحد، وكلهم فداء وتضحية للأقصى، والعاقبة للمتقين، وسيعلم الذين ظلموا أي مُنقلبٍ ينقلبون.