من يحاصر تعز طيلة تسع خلت هو من يحاصر غزةَ

 

جميل المقرمي

قد يكون العنوان جمع بين مشرقين إلَّا أنه واحدٌ في المحصلة؛ ولتقريب الصورة أكثر، تصور أن يأتي إليك شخصٌ ما محاولاً إقناعك أن المسؤول الأول عن حصار غزة اليوم، هم فصائل المقاومة.!!

وعلاوةً على ذلك يسرد لك مبرّرات ساقطة ليقنعك أَيْـضاً أن هذه المقاومة هي من تقوم بحصار أبناء الضفة الغربية..

قد يدفعك هذه القول بشكل لا إرادي إلى فقدان أعصابك؛ بحيث يتعدى الرد عليه بالفعل لا بالقول؛ لأَنَّه الكل على ظهر الكوكب يعلم جيِّدًا أن العدوّ الصهيوني هو من يحاصر هذا الشعب المظلوم، وأن الأنظمة المحيطة بهم هم من يشترك في ذلك أَيْـضاً.

بنفس المقياس من يردّد ما يتقول له به: إن الجيش اليمني يحاصر تعز ومأرب وغيرها من المحافظات التي تخضع أجزاء منها للاحتلال، رغم أنهم هم المحاصرون والأجزاء الواقعة تحت سيطرتهم في مأرب وتعز لديها خطوط مفتوحة في الاتّجاه الآخر، يستطيع العدوّ الذي يزايد في ذلك أن يدخل لهم ملايين الأطنان من حدوده البرية أَو من الموانئ التي يسيطر عليها.

لقد كنا نأمل حقاً، أن يكون للمرتزِقة موقف أقله “مصلحي لهم”، خُصُوصاً في هذا الظرف الحساس الذي تتحد فيه كيانات ودول وإمبراطوريات عظمى مع بعضها رغم اختلافاتها التناقضية الجوهرية فيما بينها والتي لا تبدأ فقط بالأعراق والأديان وليس الانتهاء بالعلاقات والمنظومات السياسية والاقتصادية إلَّا أنها اتحدت وجاءت كلها لتعلن مساندتها من وسط كيان العدوّ، إلَّا أن مرتزِقتهم على الأرض التابعون لهم في كُـلّ شيء بلا استثناء لم يستفيدوا أقله في ممارسة النفاق المصلحي كأقل تقدير.

فكلام قيادة المرتزِقة لم يرتقِ إلى تلك الدرجة للأسف بل جاء ردهم على المبادرة مبتذل وتافه وَلا قيمة له، ويجعلهم يظهرون بمظهر الأبواق المشروخة التي تردّد ما يملى عليها وإن كان منافياً للحق والحقيقة، ويضعها في مقلب التبرير والتغطية على جرائم العدوان السعوأمريكي الذي يحاصر اليمن جواً وبحراً وجواً طيلة الـ 9 سنوات مضت، بعد أن عمل على اجتزاء قضية حصار اليمن بكله واختزالها بمكنته الإعلامية فيما روج له تحت عنوان حصار تعز ليقدمها للعالم كقضية منفصلة عن بقية ما يرتكبه في بقية المحافظات، بل ووصل به الصلف والسقوط إلى تلك الدرجة التي يحاول أن يلبس قميص الشيطان لأهل الإيمَـان، فعمل جاهدًا على أن يلصق جريمته النكراء بحق هذا الشعب بالطرف المحاصر وَالذي يعاني من حصاره ويحملها كُـلّ ما تسبب به من مآسٍ ومعاناة وغلاء معيشة وانفلات أمني وفوضى عارمة رغم أنها تقف تحت سيطرته وتمتد أطرافها الجنوبية للمدينة في تعز إلى ميناء المخاء وميناء عدن الذي يقع تحت سيطرته وكذلك حال مأرب.

وبعد كُـلّ تلك الشواهد والشهود التي وثقت وَباعتراف مرتزِقته بمسؤوليتهم عن الدمار الذي لحق بتعز وذلك؛ لأَنَّهم رفضوا مبادرة أنصار الله لتجنيب المحافظة ويلات الصراع، كما أعلن ذلك المرتزِق حمود المخلافي سابقًا، أن ذلك كان بأمر من التحالف في مقابلة له مع قناة الجزيرة بداية الحرب.

اليوم يقدم الرئيس المشاط مبادرة لا تقل عظمتها عن تلك التي كانت بداية العدوان، بمبادرة فحواها إنهاء كُـلّ الجبهات العسكرية من جميع الأطراف بمحافظة تعز، “بما يسهم في استقرار المحافظة وتحييدها وتجنيبها الصراع”، على أن تدار المحافظة بإدارة مشتركة من قبل الجميع.

وعلى غرار المرتزِق الأول يقوم المرتزِق الآخر أَيْـضاً بتبرير ذلك ورفضه، بحجّـة ما أطلق عليه أنه استباق لجهود ما سماها “الوساطة الحميدة” التي يقودها “الأشقاء” في المملكة العربية السعوديّة، وما يترتب عليها من مكاسب للشعب اليمني منها الرواتب حَــدّ قوله وذلك إشارة مقيتة تهدف للنيل من كرامة هذا الشعب العظيم الذي يستطيع بحقه أن يعمر ألف دولة ودولة دون الحاجة لأية أُمَّـة أُخرى في هذا الكون.

هذا المرتزِق ومن على شاكلته، الذين يستحمرون من يصدقهم أن السعوديّة أعلنت عدوانها بلسان وزير خارجيتها ليس من الرياض بل من واشطن وباللغة الانجليزية أَيْـضاً وفي مؤتمرٍ غطته كُـلّ وكالات الأنباء على ظهر هذا الكوكب..

إنها المأساة التي تتكرّر مرتين بحق أبناء هذه المحافظة العزيزة على يد مرتزِقة رخاص رهنوا أرواح الملايين في يد عدو تافه عاث بهم وبأرضهم فساداً.

والجديد فقط في هذا التصريح المملّ أن هذا المرتزِق لم يتجاسر على الإدلاء بتصريحاته التافهة هذه على أية شاشة إعلامية كما فعل من قبله، وذلك؛ لأَنَّه يدرك جِـدًّا أنها ستكون سبة موثقة بلسانه وصورته تكون له وعقبه ومن وراهما إلى أبد الدهر.

هذا الأمر يضع أبناء محافظة تعز أينما كانوا وفي أي مستوى في موقف التحَرّك الذاتي، بعيدين عن أمثال هؤلاء المماسح للأحذية السعوديّة والإماراتية الذين ينتعلهم اليوم نفس العدوّ الصهيوأمريكي لحصار الشعب الفلسطيني المقاوم وتصفية قضية الأُمَّــة فلسطين وإبادة أهلها..

وهل هناك خير يرتجى بعد، من أمثال هؤلاء؟!

وسيعلمون قريباً جِـدًّا عندما لا يجدون أصابع للندم للعض عليها أنهم أفلتوا من أياديهم مخرجاً جاد به الكرماء إكراماً لمن يكرم نفسه، وهيهات لمرتزِقٍ أن يدرك ذلك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com