هنا يكمُنُ الدورُ الأبرزُ لتحرير فلسطين
غازي منير
ما يحدُثُ في فلسطين لَهو أمرٌ جَلَلٌ وتحوُّلٌ تاريخي، سيغيّر وجه المنطقة؛ لذا يجب أن يستمر ويتوسع أكثرَ فأكثر ليطال كُـلَّ القواعد والمواقع والثكنات والمستوطنات والأرضي التي يحتلها العدوّ الصهيوني وتتركَّزَ عليها الضرباتُ الصاروخية وهجمات الطيران المسيَّر بكثافة ودقة، وتتضاعف الاقتحامات لها؛ ليصاب اليهود بالهلع والرعب لتشل حركتهم وتتهاوى أفئدتهم وتحبط معنوياتهم وتوهن عزائمهم وتضعف قواهم وتستكين غطرستهم.
وإن لم تستمر المقاومة وتتنامى فَـإنَّ العواقب ستكون وخيمة جِـدًّا على الفلسطينيين وعلى الأُمَّــة العربية والإسلامية، وسيعود الصهاينة إلى حصار وقتل وتهجير وإذلال وإهانة الشعب الفلسطيني بشكل هستيري وأعنف مما كانوا عليه قبل “طُوفان الأقصى”؛ لكي ينتقموا لجنودهم ومستوطنيهم الذين لقوا مصارعَهم في العملية البطولية؛ ولكي يوهنوا عزائم المقاومين؛ ليتخلوا عن مقاومتهم وأن لا يجرأوا على التفكير بها، وهذا أمر مستبعَدٌ؛ لأنه يتنافى مع العدل الإلهي الذي لا يقبلُ بالظلم لعباده المؤمنين إلا إذَا فرَّطوا وقصَّروا وتخاذلوا عن مواجهة العدو.
وهنا يبرز الدورُ الكبيرُ والمسؤولية الواجبة دينيًّا وشرعيًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا التي تقع على عاتق كُـلّ الشعوب العربية والإسلامية في نُصرة الشعب الفلسطيني ومساندته بكل الوسائل والطرق المتاحة، كُلٌّ بما يستطيع، وما أكثر الوسائل التي تستطيع الشعوب نصرة ومساندة الشعب الفلسطيني بها.
فمثلًا ما يقومُ به الشعب اليمني في أكثر المحافظات من مسيرات جماهيرية تبارك عملية “طُوفان الأقصى” وتؤكّـد تأييد الشعب اليمني للعملية البطولية والمعركة الشرسة التي يخوضها إخوانُهم المجاهدون في فلسطين وتعلن فيها أن المعركة والمصير واحد وأن الشعب اليمني في أتم الجهوزية لمساندة الشعب الفلسطيني بحسب ما تتطلبه المعركةُ ودعمَه لمقاومته المحقة والمشروعة والعادلة.
إن هذه المسيرات والمظاهرات والفعاليات لها دورُها البارزُ في مساندة فلسطين ورفع الروح المعنوية لمقاوميها وطمأنتهم بأنهم ليسوا وحيدين في مواجهة الكيان الصهيوني، ولها دور في إرعاب العدوّ وإحباطه وجعله لا يجرؤ على التمادي في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأَلَّا يظنه وحيدًا ولقمة سائغة فوراءه شعوبُ أُمَّـة كبيرة تساندُه وتدعمُه.
وللشعوب دورٌ رئيسيٌّ في جعل حكامهم يقفون مواقفَ مشرِّفةً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني، وجعلهم يرون في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أمرًا مدانًا ومرفوضًا جملةً وتفصيلًا، ولو خرجت شعوب الدول العربية ضد حكامها الذين قد تورطوا في التطبيع لجعلوهم يتراجعون.
والدور الرئيسي لتحرير فلسطين يكمن في الشعوب لا في الحكام، فالحكام لا يستطيعون فعلَ شيء يرفضه الشعب رفضًا قاطعًا، والشعوب هي صاحبة الرأي العام ولها مشاركةٌ فعليةٌ في صنع القرار، ولا ريب أن الشعوب إذَا ألحَّت على شيء ما فما سيكون على الحكام والحكومات إلا العمل به طوعًا أَو كرهًا.
وما من إنسان ذي عقل إلا ويجزم أن توحُّد وتعاون وتكاتف الشعوب العربية والإسلامية جنبًا إلى جنب وإجماعهم على العودة الصادقة إلى الله والعمل في كُـلّ المجالات دون كلل أَو ملل بعزم وإصرار وإرادَة سيؤتي ثمارَه في فترة وجيزة، وسيحقّق تطلعاتهم وسينصر قضيتهم ويحقّق غايتَهم وتصبحُ فلسطين عربيةً حرةً شامخةً ولن يكون بوسع الصهاينة إلا الرحيل أذلاء صاغرين يجرون خلفَهم قُبحَهم وفسادَهم ووحشيتَهم وطغيانَهم وإجرامَهم.