الفوبيا التي ترعبُهم ويحاولون إخفاءَها
أمة الملك الخاشب
علم النفس يؤكّـد أن كثرةَ التوعد والهستيريا والتخبط والتصرفات العشوائية، كُـلّ هذا يدل على أن صاحب هذه الصفات يعاني من عقدة نفسية وفوبيا من أمرٍ معين ويخاف من أن يكتشفها الآخرين، فيحاول المغالطة بافتعال ردود فعل عكسية ظناً منه أنه بهذا سيشغل المتلقي عن معرفة الحقيقة التي يعرفها ويؤمن بها، ولكنه لا يستطيع مواجهة المجتمع بها فيضطر للحديث عن أمور كثيرة ويرتكب التصرفات الغبية الحمقاء التي ما كان بحاجةٍ بأن يفعلها، ولكنه بتلك التصرفات يلفت الأنظار أكثر ويجعل من حوله يشّكون في حقيقة ما يخفيه هذا الشخص المريض، وهذه حقيقة مسلمة لا خلاف عليها وقد جرّبها علماء النفس في اختبارات كانوا يجرونها على بعض اللصوص عندما يلاحظوا تصرفاتهم الغريبة والمبالغ فيها محاولين نفي التهمة عنهم، فيجعلون من أنفسهم عرضةً للشك دون أن يشعروا بعد أن كانوا بعيدين كُـلّ البعد عن التهمة.
لعلّي استطعت إيصال الفكرة لأقول لكم: هل تلاحظون ردة الفعل المبالغ فيها من كُـلّ دول محور الشر في العالم وهي تعلن ما بين الوقت والآخر دعمها للكيان الصهيوني بكل ما تستطيع، وكأنها تواسيه وتطبطب عليه بألا تخاف نحن معك؟ لا يخاف من ماذا؟! ما الذي يجعله يتصرف بهذا الخوف والجنون ويسفك دماء المدنيين بهذه الصورة الوحشية المقيتة، والتي رغم أنها تحاول إظهار قوتها وتستعرض عضلاتها، ولكنها في الحقيقة قوة مفرطة تجاه مدنيين عزّل تدل على الخوف والضعف!
وكلما زادت جرائمهم الوحشية ونشرت على مستوى العالم، وتعاطف الجميع مع غزة وخرجوا معبرين عن سخطهم تجاه تلك الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال، كلما زادت الطبطبة عليهم من نفس الدول التي تمثل محور الشر في العالم، وجرائمها معروفة ويرفعون أصواتهم بالتحالف لدعم هذا الكيان الإجرامي! فكيف يكون هو القوي ومن يقتل مئات المدنيين في اليوم ومن يبيد الحجر والشجر ومن لا يردعه رادع ولا خلق ولا إنسانية، وهو يستعرض عضلاته الفتية على الأبرياء، ويعتقدون في نفس الوقت أنهم يحتاجون لرعاية ودعم نفسي؟ فالقوي والمنتصر لا يحتاج لإعلانات ما بين الفينة والأُخرى لدعمه معنوياً ونفسياً، إذ يفترض أنه يكون في نشوة النصر التي يعيشها بعد ارتكابه كُـلّ تلك المذابح وجرائم الإبادة الوحشية بحق أبناء فلسطين المظلومين!
ما الذي يحصل؟
ما هي العقُدة التي يُخْفونها ويفعلون جهدَهم ألا يكتشفها أحد؟ هل هذه التحالفات والإعلانات والتصريحات والقلق وتأكيدهم كُـلّ يوم أن من حق هذا الكيان الدفاع عن نفسه؟ تصريحاتهم مؤشر أَيْـضاً أن هذا الكيان رغم كُـلّ جرائمه لكنه لا يزال عاجزاً عن الدفاع عن نفسه! وهذا يؤكّـد المؤكّـد ويؤكّـد الفوبيا والعقدة التي يحاولون إخفاءها رغم أنهم مؤمنون بها، فجميع دول الشر أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكندا وألمانيا، كُـلّ هؤلاء يصنعهم ويحركهم اللوبي الصهيوني ويتحكمُ في مراكز صنع القرار عندهم، وطبعاً الصهاينة أهل عقيدة وكتاب والجميع يعرفون باقتراب موعد حتمية الزوال لدولتهم الغاصبة، وهنا مربط الفرس زوال هذا الكيان من الشرق الأوسط يعني زوال الغدة السرطانية التي تدمّـر بلاد العرب والمسلمين وتقف عائقاً دون التنمية ودون النهضة ودون العزة ودون التطور ودون العودة لكتاب الله ولعترة رسول الله.
هذه الغدة السرطانية أفسدت الأُمَّــة الإسلامية بالحروب الطائفية والمذهبية ونشر العنصرية والحروب والفتن في كُـلّ الدول العربية والإسلامية، فهم من دمّـروا العراق وسوريا وأشعلوا الحروب والفتن في اليمن، وهم من تسببوا بحرب بين العراق وإيران في مطلع الثمانينيات استمرت 8 سنوات؛ خوفاً من نهوض الدولة الإسلامية في إيران بعد ثورة الإمام الخميني رضوان الله عليه.
فزوال هذه الغدة السرطانية من جسد الأُمَّــة العربية والإسلامية يعني تعافيًا تامًّا لكل الأنظمة، فالعضو عندما يصاب بمرض خطير سيؤثر على كُـلّ الجسد وعند استئصاله سيتعافى كُـلّ الجسد، وعند تعافي الجسد كاملًا وإنهاء الغدة السرطانية، هذا يعني انهيار كُـلّ الدول التي تتدخل في الشرق الأوسط وإنهاء مصالحها للأبد بإذن الله، وهذا هو سر هياطها ونواحها ودعمها لكيان الاحتلال الصهيوني.
“طُوفان الأقصى” مُستمرّ في الردود وتأديب العدوّ رغم كُـلّ ما يرتكبه العدوّ من إجرام، وأصبحت بشائر الطوفان ترصد وتنشر بشكل يومي بنفس رصد جرائم الاحتلال الوحشية بحق الأبرياء العزّل، التعاون والتنسيق بين محور الجهاد والمقاومة في لبنان واليمن والعراق وإيران في استمرار، ولا يستطيع أحد تجاهله.
على مدى أكثر من سبعين عاماً ظل الفلسطينيون يتعرضون للقتل والتهجير والمجازر والاقتحامات والحملات والمداهمات والاعتقالات، وكان العالم يتابع ذلك بصمت وبصورة كأنها روتينية طبيعية مسلّم بها، وكادت قضية فلسطين أن تموت في نفوس الشعوب إلا القليل منها وأصبحت الحقوق شبه ميتة.
واليوم وبعد “طُوفان الأقصى” عادت قضية فلسطين لتحيا من جديد، وعاد الجميع بما فيهم غير المسلمين يخرجون في وسائل الإعلام ليتكلموا عن حقوق الشعب الفلسطيني، وخرجت الشعوب لتهتف غاضبةً من جرائم هذا الكيان المؤقت، وتؤكّـد بأن الأرض هي لأصحاب الأرض وذلك بعد سنوات طويلة من الصمت، حتى كادت دولة الاحتلال أن تصدق أنها فعلاً دولة ولها حدود ولها حق في البقاء في أرض ليست لها.
شاهد العالم أجمع غضب واستنكار لجرائم الاحتلال حتى من بعض اليهود أنفسهم، وشاهدوا تضامناً مع فلسطين في دول ما كانت حتى تسمع بفلسطين، واليوم يتحدثون عن أحقية الفلسطينيين في تحرير أراضيهم المحتلّة، وكلّ هذا يزيد في رعب هذا الكيان ويزيد في تخبطه؛ لأَنَّه لم يكن يسمع أبداً بهذا الحديث من أحد سوى من حزب الله وأنصار الله وإيران، واليوم أجمع كُـلّ العالم بتلك الحقيقة المّرة والقاسية على كيان العدوّ والتي لا بدَّ منها وأصبحت المسألة فقط مسألة وقت، ويكفينا من “طُوفان الأقصى” هو توحد كُـلّ المسلمين الأحرار من كُـلّ المذاهب ونبذ الخلافات والفرقة وإجماعهم على معادَاة اليهود الصهاينة وعلى نصرة الفلسطينيين، وهذه النتيجة هي من ثمار دماء الشهداء الأبرياء من النساء والأطفال، والتي والله لن تذهب هدراً، بل ستزيد وقوداً للطوفان ليتحَرّك بشكل أسرع وأسرع حتى يتحقّق الوعد الإلهي.
والحمدُ لله رب العالمين، والعاقبة دائماً هي للمتقين.