هزيمةُ الكيان الصهيوني هزيمةٌ لأمريكا ولكل قوى الشر والانحراف والاستبداد في العالم
محمود المغربي
تدرك واشنطن وتل أبيب المخاطرَ الكبيرة التي سَيواجهها الجيشُ الإسرائيلي إذَا ما صدر القرار باقتحام غزة وتداعيات ذلك الاقتحام وردود الفعل لمحور المقاومة التي لا يمكن التنبؤ بها أَو التحكم بمسارها، والشارع العربي والإسلامي الذي لن يقف يتفرج على إبادة أبناء غزة.
إلا أن واشنطن وتل أبيب يدركون أَيْـضاً أن التراجع عن اقتحام غزة سوف يعني هزيمة الكيان الصهيوني والقبول بالمعادلة الجديدة التي فرضتها عملية “طوفان الأقصى” وهذا أمر لا يمكن القبول به أَو التعايش معه بنظر واشنطن، التي تعتبر هزيمة الكيان خطرًا يهدّد الأمن القومي الأمريكي وضربة قاضية للنفوذ وللمصالح الأمريكية في المنطقة، يضاف إلى الضربات السابقة التي تعرضت لها أمريكا في السنوات القليلة الماضية على أيادي دول محور المقاومة بقيادة إيران، التي تعمل على إنهاء التواجد الأمريكي في المنطقة وقد حقّقت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال وهي عازمة على استكمال ذلك بعد أن أصبح لديها شركاء يمتلكون القرار والإرادَة والقوة والهدف والرغبة ذاتها على رأسهم أنصار الله في اليمن وحزب الله اللبناني والعراق وسوريا، وهؤلاء لديهم ثأر كبير مع أمريكا وسنوات من المعاناة والدماء والتدمير والفقر الذي تسببت به أمريكا وتقف خلفه بصفتها المسؤول الأول عن كُـلّ ما لحق بشعوب هذه الدول، وهذا لا يعني أن أمريكا لم تكن عدوة لبقية دول وشعوب المنطقة ومسؤولة عن كافة المصائب التي حلت على دول المنطقة والعالم، لكننا تحدثنا عن الدولة التي استطاعت التخلص من الهيمنة والوصاية الأمريكية في السنوات الماضية وأصبحت تمتلك قرارها وترغب في الانتقام والثأر من عدوة الله والبشرية، وهي تأمل انضمام المزيد من الدول والشعوب إلى هذا المحور الذي أخذ على عاتقه مجابهة الطاغوت الأعظم والشيطان الأكبر أمريكا، التي فقدت الكثير من قوتها ونفوذها في المنطقة والعالم وكلّ يوم تخسر، لكن خسارة وهزيمة الكيان الصهيوني سوف يشكل الخسارة الأهم والأعظم للشيطان الأكبر، بل إن خسارة وهزيمة الكيان الصهيوني سوف تكون أعظم على أمريكا من خسارة وهزيمة أوكرانيا، وهذا يجعل من انتصار غزة انتصارًا لكل البشرية والعالم وانتصارًا للضعفاء والمحرومين، وهزيمة لقوى الشر والانحراف والاستبداد.
وهذا أَيْـضاً يجعلنا ندرك عظمة ما تقوم به المقاومة الفلسطينية في غزة ومن يقف خلفها، وكما هي مقدسة تضحيات أبناء غزة وماذا تواجه غزة وصعوبة المعركة التي يخوضها المجاهدون في غزة وفي جنوب لبنان ولعل أنصار الله أكثر من يفهم طبيعة وصعوبة المعركة في غزة؛ كونهم خاضوا نفس المعركة لثماني سنوات ولا زالوا وواجهوا نفس العدوّ والإمْكَانيات.
وكلّ هذا يجعل أمريكا بين خيارات صعبة تتمثل في اقتحام غزة ومواجهة خطر لا تعلمه، وإلى أين سوف ينتهي أَو التخلي عن اقتحام غزة ومواجهة خطر تدرك عواقبه، وعلى الأرجح أن أمريكا تبحث في الوقت الراهن عن خيار ثالث يخرجها من الورطة التي لم تحسب لها حسابًا، وربما جاء دور قطر التي تمتلك الكثير من الأوراق المهمة لفتح طريق ثالثة أمام أمريكا للخروج بأقل الأضرار وإنقاذ الكيان الصهيوني.