غزةُ لن تكونَ الطنطورة
عدنان علي الكبسي
مجزرة قرية الطنطورة الساحلية الفلسطينية وتدميرها ومحو آثارها والتطهير العرقي لسكانها الأصليين وتهجير من تبقى من سكانها عام 1948م وجرى محوها من ذاكرة التاريخ، وتناساها الجميع بالتكتم الصهيوني القوي.
اجتاحت وحدةُ ألكسندروني الصهيونية قرية الطنطورة وكانت تجمع الفلسطينيين وتقتلهم في براميل وإعدامات جماعية، وكانت تجري عمليات الاغتصابات والتي يندى لها جبين الإنسانية.
قرية الطنطورة شاهدًا حيًا لبشاعة إجرام العدوّ الصهيوني والتي شهدت إعدامات جماعية مباشرة ودفنهم في مقابر جماعية، كان جنود الاحتلال الإسرائيلي يأخذون المدنيين العزل رجالًا ونساء وأطفالاً ويجمعونهم في مكان معين ثم يطلقون النار عليهم من أسلحتهم الرشاشة وغيرها من الأسلحة وهم أسرى بين أيديهم، كما نرى حركات داعش والقاعدة يجمعون المدنيين العزل ويقتلونهم بشكل جماعي.
كان كُـلّ من يظهر على جنود الاحتلال الصهيوني ويرفع يديه للاستسلام يُقتل بشكل مباشر، حتى على مستوى طلاب المدارس كانوا يرفعون أيديهم للاستسلام فيقتلونهم بدم بارد، وكان الصهاينة في إرهابهم الوحشي والإجرامي قُدوة لداعش والقاعدة في إرهابهم الوحشي والإجرامي، إلا أن الفارق بين الأُستاذ الصهيوني والطالب التكفيري، أن الأُستاذ يتكتم عن جرائمه وطالبه ينشر جرائمه.
قرية الطنطورة هي مثال لجرائم بني صهيون في العديد من القرى والمدن والبلدات الفلسطينية، وحصل مثلها من الجرائم في قرى أمواس ويالو وبيت نوبا في لطرون سالنت والتي تم تفجيرها بالكامل، قرى بأكملها في شمال فلسطين وغيرها اختفت، وأتت الجرافات على آثار القرى لتمحو المنطقة، وتم زراعة الأشجار مكانها، وبُنيت المستوطنات مكان منازل الفلسطينيين في قرى ومدن وبلدات الفلسطينيين.
نوايا العدوّ الإسرائيلي للاجتياح البري لغزة الصمود ليكرّر نفس مأساة الطنطورة، وليتفنن في جرائمه بشكل أكبر.
أما الانتظار المتبلد من بعض الشعوب العربية والإسلامية، والتي لم تقدم أي موقف تضامني مع إخوتنا الفلسطينيين وما يتعرضون له من تطهير عرقي وإبادة جماعية في قطاع غزة، والمطبعين المتصهينين من الأعراب الذين يحاولون أن يقدِّموا صورةً مختلفةً زائفةً عن العدوّ الإسرائيلي، بكل ما عليه العدوّ الإسرائيلي من بشاعة، من إجرام، من طغيان، من فساد، وهو أُسس أصلاً على الإجرام، وقام على الإجرام، وكلّ رصيده منذ أن أتى إلى فلسطين قائمٌ على الإجرام، ومملوءٌ بالإجرام، وقرية الطنطورة وغيرها شاهد على ذلك، وفي نفس الوقت يقدم صورة مشوِّهة للشعب الفلسطيني، ولمقاومته، ولمجاهديه الأبطال، وبكل وقاحة يرمي بالسوء وبالإساءة عن الشعب الفلسطيني المظلوم، ويلقي باللائمة على المجاهدين في فلسطين، ويسيء إليهم، ويشهد بالزور لإسرائيل، فهؤلاء هم من العوامل المساعدة والمشجعة للإجرام الصهيوني.
ولكن مهما دعمت دول الغرب الكيان الصهيوني بكل أشكال الدعم، ومهما تخاذل المتخاذلون من الأعراب، ومهما طبع المطبعون مع الكيان الصهيوني الغاصب المجرم وبرّر عدوانه وإجرامه فلن تكون غزة الثبات والجهاد طنطورة من جديد؛ لأَنَّ الفارق كبير بين ذلك التاريخ واليوم.
في بداية نشأة الكيان الصهيوني ارتكب العدوّ الجرائم بكل عنجهية فرحًا مبتهجًا لدموع الثكالى وأشلاء الأطفال، يشعر بالسرور والغبطة ومرتاح البال بمعاناة الشعب الفلسطيني، وعذاباته، بأوجاعه وآلامه، بقتله ونفيه من بلاده، واليوم بفضل الله وخروج رجال المقاومة ليذودوا عن غزة الإباء ويحموا الحمى، فنكلوا وفتكوا وشردوا بالعدوّ الصهيوني، حتى أُصيب جنود الاحتلال بأزمات نفسية، ونوبات هلع وبكاء ضربت صفوف جنود الاحتلال إثر هزائم يتلو بعضها البعض بعد عملية “طُوفان الأقصى” التي أسفرت عن مقـتل وأسر المئات من جنود الاحتلال.
ومع رجال المقاومة في فلسطين ونصيرهم ومؤيدهم الله العزيز الجبار، وبجانبهم محور المقاومة حاضرون معهم بمالهم وسلاحهم ورجالهم، ونحن اليمنيين حاضرون بمئات الآلاف من المقاتلين لنكون إلى جانبكم، دعمًا وسندًا لرجال المقاومة العظماء، وبسقف عالٍ للمواقف العملية على كُـلّ المستويات وبكل الخيارات المتاحة؛ نصرةً للمسجد الأقصى الشريف، والمقدسات، والشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأبطال في كُـلّ الفصائل الفلسطينية المقاومة.
ونحن اليمنيين قدمنا تفويضنا المطلق منذ البداية للسيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- في كُـلّ الخيارات الاستراتيجية في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، وفعلًا وواقعًا أننا كلنا في شوق ولهفة لمواجهة العدوّ الصهيوني المباشرة، ولقد جاء موعد زوالهم بإذن الله عز وجل.