القانونُ الدولي يكفلُ للفلسطينيين حق المقاومة ويفضحُ ازدواجيةَ الغرب

المسيرة | وكالات

منذ أول أَيَّـام عملية “طوفان الأقصى”، اتفقت الدول الغربية على الانحياز لجانب الاحتلال “الإسرائيلي”، وهو ما عبرت عنه بالدعم العسكري الذي قدمته واشنطن لتل أبيب، كي تستمر في قصف المدنيين في غزة. وبالتوازي مع ذلك، سعى الخطاب الرسمي والإعلامي الغربي إلى نزع الشرعية عن عمل المقاومة الفلسطينية ووصفه بـ “الإرهاب”.

وفي حين تكفل المواثيق الدولية والقرارات الأممية حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، بشتى الطرق، بما فيها المقاومة المسلحة، تضع هذه المواثيق الغرب في موقف محرج، إذ يتباهون بأنفسهم كحماة للقوانين، في حين ينكرون على الفلسطينيين حقهم الشرعي ويغضون الطرف عن جرائم الحرب التي تقوم بها إسرائيل.

 

المقاومة حق مكفول:

ما لبثت الفلسطينيون، قيادة وشعباً، يؤكّـدون على شرعية دفاعهم عن أرضهم، بما في ذلك مقاومتهم المسلحة، ولهم الحق في ذلك، ليس فقط من المنطق الأخلاقي، بل من منطق القانون الدولي والقرارات الأممية.

يؤكّـد الصحفي والمؤرخ الفرنسي الآن غريش، بعد مسارعة الغرب لإدانة لعملية “طوفان الأقصى”، قائلاً: “في كُـلّ مرة ينتفض فيها الفلسطينيون، يستحضر الغرب الذي لا يتوانى عن تمجيد مقاومة الأوكرانيين، الإرهاب. لكن ما تؤكّـده الأحداث الجارية، مرة أُخرى، هو أن الاحتلال يطلق العنان دائماً لمقاومة يتحمل المحتلّ وحده مسؤوليتها”.

ويخلص غريش إلى أنه “كما ورد في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 26 أغسطُس/آب 1789، فَـإنَّ “مقاومة القمع هي حق أَسَاسي، وللفلسطينيين حق المطالبة به”.

من ناحية أُخرى، يعد حق تقرير المصير حقاً ثابتاً في القانون الدولي، ومبدأ أَسَاسي في ميثاق الأمم المتحدة، والتي في قرارها رقم 1514 لـ “إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة”، بتاريخ 14 ديسمبر/ كانون الأول 1960، أكّـدت بصفة صريحة أنه “لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدّد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.

ويشمل هذا الحق القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكّـده القرار الأممي 3236، بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاتي 1974، والذي نص على أن الأمم المتحدة “تعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه. وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق”.

وقبل هذا، وفي عام 1970، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2649 بـ “إدانة إنكار حق تقرير المصير خُصُوصاً لشعوب جنوب افريقيا وفلسطين”، والذي ينص بالحرف على أن الجمعية العامة “تؤكّـد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها”.

كما أكّـدت الجمعية العامة على شرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وربطتها وقتها بما كانت تعيشه ناميبيا وجنوب إفريقيا من أنظمة فصل عنصري، أَيْـضاً في قرارها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1986، والذي ينص “على شرعية كفاح الشعوب؛ مِن أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرّر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.

وفي نفس السياق، تؤكّـد كُـلّ من اتّفاقية لاهاي واتّفاقية جنيف الثالثة الخَاصَّة بحماية أسرى الحرب، على شرعية حمل السلاح لمقاومة المحتلّ. وأضفت اتّفاقية جنيف صفة “أسرى الحرب” على أعضاء حركات المقاومة المنظمة “التي تعمل داخل أرضها أَو خارجها وحتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال”، وذلك بشروط، أولها أن يكون لهم رئيس مسؤول، وأن يحملوا السلاح علناً، أن يحملوا علامة مميزة ظاهرة، وأن يلتزموا في نضالهم بقوانين الحرب وأعرافها، وهي كلها شروط تنطبق على المقاومة الفلسطينية.

 

كيف يفضح القانون الدولي الحرب؟

وفي وقت تتنكر الدول الغربية الداعمة لإسرائيل لشرعية القانون الدولي بخصوص المقاومة الفلسطينية، يفضحها هذا القانون ويضعها أمام ازدواجية معاييرها ونفاقها، عندما تتجاهله ثانياً بصم آذانها عن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل.

ومن الناحية القانونية، تعد جريمة الحرب الخرق المثبت لأحد وعدد من بنود اتّفاقيات جنيف المحدّدة لقوانين وأعراف الحرب. وتحمي الاتّفاقيات الثلاث الأولى من اتّفاقيات جنيف المقاتلين وأسرى الحرب، بينما تحمي الاتّفاقية الرابعة، التي تم تبنيها بعد الحرب العالمية الثانية، المدنيين في مناطق الحرب.

وتضاف إلى هذه الاتّفاقيات، اتّفاقية لاهاي الخَاصَّة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، والتي تنص في مادتها الـ 25 على “حظر مهاجمة أَو قصف المدن والقرى والأماكن السكنية أَو المباني المُجَـرّدة من وسائل الدفاع أيا كانت الوسيلة المستعملة”، وفي مادتها الـ 23 على “حظر استخدام الأسلحة والقذائف والموارد التي من شأنها إحداث إصابات وآلام لا مبرّر لها”.

كما يؤكّـد النظام الأَسَاسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أَو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية “يشكل جريمة حرب”.

وقامت إسرائيل بخرق عدد من هذه القوانين الدولية خلال عدوانها على غزة، وكآخر جريمة (وليست الأخيرة) كان قصفها للمستشفى الأهلي المعمداني، حَيثُ كان يحتمي به المئات من النازحين العزل، إضافة إلى عدد من الطواقم الطبية والمسعفين. وأدت هذه المذبحة إلى سقوط أكثر من 500 شهيد، حسب حصيلة وزارة الصحة الفلسطينية.

وكانت هيومن رايتس ووتش، قد كشفت في تقرير لها استخدام جيش الاحتلال قنابل الفسفور الأبيض المحرمة دوليًّا في قصف كُـلّ من غزة ولبنان. وقالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “كل مرة يُستخدم فيها في مناطق مدنية مكتظة يشكّل الفسفور الأبيض خطراً كَبيراً يتمثّل بإحداث حروق مؤلمة ومعاناة مدى الحياة”.

وفي آخر تقاريره أَيْـضاً قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بجنيف إن هجمات إسرائيل الجوية والمدفعية الدموية على قطاع غزة حولته إلى حفرة من الجحيم ينتشر فيها الموت والدمار في ظروف إنسانية بالغة التعقيد ومن دون أي خدمات أَسَاسية للحياة.

ووثق المرصد أنه منذ الاندلاع الأحداث جرى قتل الفلسطينيين بمعدل 14 شخصاً كُـلّ ساعة، كما جرى تدمير 2650 مبنى سكنياً وتضرر نحو 70 ألف وحدة سكنية بشكل بالغ وجزئي، فيما جرى تدمير 65 مقراً حكومياً وما لا يقل عن 71 مدرسة و145 منشأة صناعية و61 مقراً إعلامياً، فضلاً عن هدم 18 مسجداً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com