عقاربُ الساعة وطوفانُ المحور
هاني محمد شجاع الدين
قضى الله إلى بني إسرائيل في كتابه الكريم بقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسرائيل فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبيراً، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاْسُوْا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا).
وهذا العهد قد حدث على بني إسرائيل في المرة الأولى وانتهى ذلك العلو بانتصار المؤمنين من عباد الله المجاهدين الذين قضوا على طغيان بني إسرائيل في ذلك الوقت كما أوضحت الآيات السابقة.
ثم أمهلهم الله فرصة ثانية ليعلوا والدليل قوله تعالى: (ثُمَّ ردّدنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأموال وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أكثر نَفِيرًا) وجعل لهم خيارين إما الإحسان وإما الإساءة ووضح مصير كُـلّ تصرف بقول تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأنفسكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا، عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا).
ويتضح من قول الله تعالى هذا أن بني إسرائيل الآن هم في علوهم الثاني، وأننا في بداية وعد الآخرة لزوالهم بعد أن أمهلهم الله بفرصة جديدة فأفسدوا فيها، وفي فترة فسادهم كان الله في تلك المرحلة يجهز أعلاماً ورجالاً أولوا قوة وبأس شديد ليكونوا وعد الله وسخطه الإلهي وعذابه الجديد وبأسه الشديد وطوفانه لاجتثاث بني إسرائيل بإذن الله وتأييده.
فلما زاد طغيان الكيان الصهيوني وقادة الكفر أمريكا وإسرائيل ومن تولاهم كان قد هيأ الله للأمة أعلامًا محمديين في اليمن وإيران ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين، وبعد مرحلة إعداد وتجهيز دامت لفترات طويلة، بدأت اليمن بإعلان هذه الحرب والعملية العسكرية “طُوفان الأقصى” قبل بدئها فقام الرئيس مهدي المشاط بافتتاح جولة القدس في صنعاء قبل البدء العسكري ثم تم الاستعراض بقوات القفز المظلي العسكري الحر، وتعتبر أول دولة في محور المقاومة تستعرض بالقوات المظلية كرسالة مهمة لم يفهم المغزى منها إلا فيما بعد، ثم قاموا بالاستعراض بصاروخ طوفان كاشفين عن اسم العملية ثم أتى السيد القائد في فعالية ذكرى المولد النبوي الشريف وصرح على أن التغييرات الجذرية ستشمل المنطقة العربية، وما هي إلا أَيَّـام قليلة وتغير الوضع في المنطقة العربية، وهو بعد أن كان العرب في حالة خضوع وخنوع وتطبيع باستثناء دول محور المقاومة، التي كانت في وضع الإعداد والاستعداد والاستطلاع والتأهب، وكانت المقاومة والمقاومون في غزة في وضع الدفاع فتغير الوضع من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم وتم الإعلان عن عملية “طُوفان الأقصى” العسكرية وشاركت في ذلك القوات المظلية، فكان العرض والإعلان في صنعاء والتطبيق في القدس، وكان رد الكيان الصهيوني رد العاجز عن الحرب فقام باستهداف المناطق المدنية وقصف المدنيين وتدمير البنية التحتية واستهداف المستشفيات، محاولاً أن يصنع من ذلك انتصاراً له بعد أن انكسر في عملية “طُوفان الأقصى” وعجز أمام المجاهدين الفلسطينيين واليمنيين وغيرهم.
وكان الشعب اليمني أكثر الشعوب مناصرة للقضية الفلسطينية منذ اللحظات الأولى وكانت هي القضية الأَسَاسية، وأعلن الشعب اليمني مدى سخطه وَإدانته وَاستنكاره لتلك الجرائم الصهيونية في غزة، وأعلن استعداده التام للجهاد والمناصرة وبذل المال والرجال لنصرة القضية الفلسطينية، وخرج الشعب اليمني عدة مسيرات لإعلان سخطه والنفير الشعبي.
وهذا ليس بغريبٍ على الشعب اليمني وقائده الذي تبنى مشروعه القرآني وركَّز على القضية الفلسطينية كقضيته الأولى، التي يسعى إلى تحريرها منذ فجر ثورته ومسيرته وإعلان تضامنه الكامل، وكان رجل القول والفعل والسابق إلى كُـلّ ما يخدم القضية الفلسطينية، وكان خير قائد وخير شعب يتبنى القضية الفلسطينية، وكما إعلان قائد الثورة السيد القائد عن التنسيق المُستمرّ مع محور المقاومة وحركات الجهاد في فلسطين.
فتفجر الطوفان بمشاركة المجاهدين من كُـلّ محور المقاومة بالمال والرجال وبالدعم والتخطيط والتنسيق المشترك بين كُـلّ دول محور المقاومة، وتفجر هذا الطوفان خَاصَّةً من اليمن وغزة، وكان الداعم الرئيسي هي جمهوريه إيران الإسلامية التي كان موقفها أعظم ممن يدعون العروبة ويتغنون بها وبإسلامهم وهم مطبعون خاضعون خانعون اليوم تحت أقدام الصهاينة.
إن قضية فلسطين هي قضية الشعب اليمني وقضية قائدها المحمدي أمير المؤمنين وسيد المسلمين المنصور بالله رب العالمين، حفظه الله تعالى وأدام به الدين الحنيف وعمر بوجوده معالم الشرع الشريف، زينة العلماء الأعلام ووريث سيد الأنام السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وكذلك لا ننسى رموز المقاومة وقادتها سماحة السيد الخامنئي المفدى وَسماحة السيد حسن نصر الله، نفعنا الله بسرهم وسقانا من بحور علومهم.
وهنا سأقول قناعتي وإن اتهمت بالمبالغة من قبل قاصريْ الوعي وأقول: إن من يقرأ الأحداث اليوم سيعرف أن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، هو أحد أعمدة وَركائز محور المقاومة وعملية “طُوفان الأقصى”، وأصبح أكبر من يشكل خطرًا على الكيان الصهيوني هو وكل قادة المقاومة، حَيثُ يتضح للعيان وللعدو قبل الصديق أنهم وعدُ الله وسخطُه وعذابُه على الصهاينة، وأن وعدَ الآخرة لزوالهم قد اقترب، وأن الصبحَ لقريب.