غزة نكبةٌ جديدةٌ أمام أنظار العالم

 

فهد الرباعي

تُرى هل وَجَدَ أهلُ غزةَ تحتِ أنقاضِ منازلِهم الضميرَ العربيَّ والقانونَ الدولي؟! لعلّهما أَيْـضاً ممَّن قتلت “إسرائيل” في هذه الإبادة الجماعية التي تمارسها بحقِّ شعبٍ أعزلَ إلّا مما تدَّخرُهُ المقاومةُ الفلسطينية من سلاحٍ لتحريرِ أرضها المغصوبة منذ نهاية العقد الرابع من القرن الماضي.

تحتَ أكاذيبَ واضحةٍ ورواياتٍ مفضوحةٍ ترتكبُ “إسرائيلُ” محرقة “هلوكوست” بحَقِّ سُكَّانِ غزةَ؛ إذ إنَّ ما يحدُثُ في القطاع المحاصَرِ من إبادة جماعية ليس مشهداً تراجيدياً، بل هي مأساةٌ حقيقيةٌ تتكرّرُ كُـلّ يومٍ وكلّ ساعة، تستبيحُ مقاتلاتُ العدوّ الإسرائيلي قطاعَ غزة تحتَ أعين الكاميرات؛ فتقتل من الأبرياء ما تقتل، وتسفِكُ من الدم الفلسطيني ما تسفك، ويصطفُّ وراءها كورالٌ غربي بقيادة أمريكا يردّد: “من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها”!

ولأنَّ إسرائيل صنيعة أمريكا في المنطقة فمن الطبيعي أن يتزاحمَ قادةُ الدول الغربية على مطار بن غوريون، يقدمون على سبيل التضامُنِ كُـلَّ أشكال الدعم العسكري والدبلوماسي للكيان الصهيوني المحتلّ، ومن سُرادِق العَزاء الإسرائيلي في الهزيمة، يقول بوقاحة كُـلّ السفاحين: “إنَّ المقاومة الفلسطينية إرهاب محضٌ، وإنَّ إسرائيل تدافع عن نفسها”، وهنا يسقط المنطق ضحيةً جديدةً من ضحايا التناقض وهو يرى مقاومة الاحتلال قد باتت إرهاباً في نظر واشنطن والدول الغربية، والاحتلال ضحيةً يستحق أن تتحَرّك حاملة الطائرات لنُصرته.

وعلى خلاف ما فعله القادةُ الغرب، يعكفُ قادةُ الدول العربية على صياغة بياناتٍ ركيكةٍ تدعو في مضمونها إلى التهدئةِ وضبط النفس، يعقدون تحتَ ضغط الشعوب قِمَمًا وينفضُّون عنها دون أن تحملَ بياناً ختامياً واضحًا وصريحاً يُلزِمُ “إسرائيل” الكَف عن إبادة المدنيين في قطاع غزة؛ فلا هم من أدخلوا المساعدات دون قيدٍ أَو شرط إلى القطاع المحاصر، ولا هم من أفلحوا في تثبيت هُدنةٍ إنسانية مستدامة.

وسط كُـلّ هذا التخاذل العربي، وحيداً يخوضُ محورُ المقاومة هذه المعركة إلى جانبِ المقاومةِ الفلسطينية، يمضي حزبُ الله في تخفيفِ الضغط عن غزة، من خلال فتح جبهة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلّة، وقدَّم حتى اللحظة أكثر من ٥٠ شهيداً على طريق القدس، ومثلُه اليمنُ المحاصَرُ الذي لا يتوانى في مدِّ يدِ العونِ العسكري، مع التزام سياسة الصمت الاستراتيجي، حتى وإن خانته الجغرافيا في أن يكون ضمنَ قواعد الاشتباك مع قوات الاحتلال، ناهيكَ عن العراق وسوريا اللّتين لا تنفكّان عن دَكِّ القواعد الأمريكية، وكُلُّها رسائلُ لـ”إسرائيل” ومن يقف وراءها أن الاستمرارَ في جرائم الحرب بحق المدنيين في غزة، قد يُنذِرُ بحربٍ إقليمية لن تنتهيَ إلَّا بزوال الكيان الصهيوني المزروع على أرض فلسطين السليبة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com