وجئتُك من سبأ بنبأ يقين
فايز البتول
احفظوا هذا اليوم، وهذا التاريخ، الثلاثاء، ٣١ أُكتوبر ٢٠٢٣م، نعم أُكتوبر هذا الشهر الذي كان شؤماً على بريطانيا عند طردها من جنوب اليمن أصبح نذير شؤم لليهود، وشهرُ نصرٍ وفتح للشرفاء والأحرار في العالم ولنا كيمنيين خَاصَّة.
في نهاية الأسبوع الأول من شهر أُكتوبر وتحديداً في السابع منه تمكّن أبطال المقاومة من مجاهدي حركة حماس التوغل في عمق الأراضي المحتلّة في عملية نوعية تميزت بالدقة في بالتخطيط وَالشجاعة في التنفيذ، أفقدت العدوّ صوابه، استطاع المجاهدون فيها أن يُذِّلوا الصهاينة، ويكسروا شوكتهم، ويحطموا كبرياءهم وغرورهم، مرغوا أنوفهم في تراب المستوطنات المحتلّة اخترقوا موسادهم، وأحرقوا ميركافاتهم، قهروا جيشهم الذي زعموا أنه لا يُقهر، وولَّى هارباً صاغراً مستنجداً من هول ضرباتهم.
لن أخوض في هذه العملية فقد أعطى الإعلام المقاوم والأقلام الحرة هذه العملية قدراً كَبيراً من التغطية والمتابعة.
سأتحدث اليوم عن اليوم الأخير من شهر أُكتوبر الذي سيخلده التاريخ بأحرفٍ من نور، هذا اليوم التاريخي والفاصل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، أبى اليمنيون أن يمر شهر أُكتوبر دون أن يوجعوا دولة الاحتلال وأن يدلوا بدلوهم في هذه المعركة المصيرية.
هذه المرة لم يكن الرد من الدول المحيطة والحامية لدولة الاحتلال لكنه من بلدٍ يبعد عن فلسطين المحتلّة بآلاف الكيلومترات من أرض سبأ وُصُـولاً إلى أرض كنعان، اليمن وفلسطين بلدان وإن ابتعدا في الجغرافيا، لكنهما يجتمعان في التاريخ والدين والهُــوِيَّة والمصير المشترك.
في هذا اليوم ظهر العميد/ يحيى سريع -الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية- معلناً للعالم وبكل شموخ وعزة وإباء (بيان القوات المسلحة اليمنية) إطلاق دفعةٍ كبيرة من الصواريخ البالستية والمجنحة وَالطائرات المسيَّرة من يمنِ الإيمان، وأرض المدد على أهداف مختلفة واستراتيجية للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلّة.
العميد سريع صرّح أنها العمليةُ الثالثة نصرةً لإخواننا في فلسطين، مؤكّـداً استمرار المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيّرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي.
هذا البيان كان بمثابة إعلان دخول صنعاء خط المواجهة مع العدوّ الإسرائيلي.
هذه العملية أتت تلبيةً لمطالب الجماهير التي خرجت في مسيرات مليونية لم يوجد لها مثيل في العالم، والتي عبر الشعب فيها عن تنديده وغضبه لما يقوم به العدوان الإسرائيلي من عدوان وَمجازرَ وإبادة جماعية لأهلنا في غزة، هذه الجماهير عبرت كذلك عن تفويضها لقائد الثورة السيد/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، باتِّخاذ الرد المناسب، مجددين ثقتهم بقائدهم بأنه سينفذ وعده الذي قطعه في خطابه الأخير بأن اليمن لن يقف موقف المتفرج وأنه سيرد إذَا تدخلت أمريكا عسكريًّا.
هذه العملية جعلت اليمن محط أنظار كُـلّ الأحرار في العالم وَاعتبار قائد الثورة هو رجل المرحلة، فهو القائد العربي الوحيد الذي أعلن تأييده ومباركته لعملية “طُوفان الأقصى” منذ يومها الأول وَهدّد بالرد نصرةً للشعب الفلسطيني، وها هو يفي بوعده ويرد عمليًّا تأييداً للمقاومة الفلسطينية.
هذه العملية لا شك أنها ستسبب صدمة كبيرة للمطبِّعين في الخارج والمرتزِقة في الداخل، الذين تناولوا تهديدات السيد القائد بالسخرية والتشكيك في جدّيتها ومصداقيتها.
هذه العملية أتت من بلدٍ يعاني من ويلات الحرب والعدوان والحصار وشحة الموارد، لكنه شعبٌ يأبى الضيم، ويرفض الظلم، ولا يتردّد في نصرة المستضعفين، نسي جراحه وأوجاعه، وخرج مطالباً قياداته الثورية والسياسية والعسكرية بتحمل مسؤولياتها الدينية والأخلاقية نصرةً لإخوتنا المستضعَفين في فلسطين، ودعماً لمقاومتهم الباسلة، ودفاعاً عن مقدساتنا.
هذه هي اليمن، وهذا هو شعبها، وهذا هو قائدها.