اليمن.. الرقمُ الجديدُ وربما الأصعب في معادلة “طُوفان الأقصى”
فهد الرباعي
من يصدق أن اليمن الذي يرزحُ تحت الحصار والنار منذ تسع سنوات، قد خرج من تلك الحرب قوةً عسكريةً إقليميةً، تطال صواريخه في المنطقة عمق الكيان الصهيوني الغاصب.
من يصدق ذلك! ربما لا أحد كان سيصدق، لو لم يأتِ البرهان من عدسات الإعلام الحربي وهي توزع مشاهد لعشرات الصواريخ والمسيّرات التي شقت طريقها نحو الكيان الصهيوني الغاصب نصرةً لأهل فلسطين، من تمارس إسرائيل بحقهم مذابحَ تُعيد للأذهان مذابح النازيين القدامى.
من سيصدق أن اليمن النازف حتى اللحظة من صواريخ الأعراب، وحده من ينهض وهو مثخنٌ بالجراح لمناصرة القضية الفلسطينية، تلك القضية التي ما أنفكَّ العرب في قممهم يقولون عنها أنها قضيتهم المركزية، فإذا بهم يتساقطون تِباعاً في وحلِ التطبيع متاجرين بها وبالعروبة وبدماء الفلسطينيين.
لم يركن اليمن إلى ظروفه التي يمر بها ليكتفي بمناصرة القضية سياسيًّا، بل نهض بها عسكريًّا من وسط حصارٍ مشابه لحصار غزة، اتكأ على عروبته وهُــوِيَّته الإيمانية وانتمائه القومي الأصيل، راهن على قائده المجاهد ومضى مشاركاً غزة مصابها وقد تخلى الجميع عنها، واستبدَّ العدوّ بها قصفاً وقتلاً وتشريداً وحصاراً، متجاوزاً كُـلّ الخطوط الحمراء في أخلاق الحرب وقوانينها.
تستصرخ نساء غزة بالعرب طالبةً النجدة وما من مجيب، إلّا ما ظهر من بياناتٍ خجولةٍ من بعض الأنظمة، وتواطؤٍ من البعض الآخر تحت مسمى التطبيع، فكان سيد اليمن الكبير وقائدها العظيم السيد عبدالملك الحوثي ملبياً لنداء الثكالى، وكاسراً للصمت العاجز للزعماء العرب، معلِناً على لسان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، انضمامَ اليمن رسميًّا لملحمة “طُوفان الأقصى”، وإرسال صواريخ ومسيّرات صوب الأراضي المحتلّة.
وهو انضمامٌ يراه مراقبون أنه سيؤرق إسرائيل كَثيراً، فهي ستتحمل عبء التصدي للطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية ذات القدرة العالية في التدمير، ستكون معنية بحماية ملاحتها البحرية التجارية، ولعلّها معادلةٌ قد يطرحها الجيش اليمني قريباً تحت شعار “الاستمرار في حصار غزة، معناه أنّ سفن الكيان الصهيوني لن تكون في مأمن، إن ظنت إسرائيل أنها في مأمن”.