لا تنديدَ ولا استنكارَ بل ضربٌ لقوى الاستكبار
رحـاب الـقـحم
ويستمر الطوفان في هز الكيان، عسكريًّا وسياسيًّا، عسكريًّا بمفاجآتٍ للمقاومة الباسلة، بتنفيذ عملية تسلل إلى خلف خطوط النار، والاشتباك مع العدوّ في ملعبه وداخل ميدانه، ذلك ما حدث قرب موقع إيرز الصهيوني العسكري، اشتباكات وإحراق آليات ومواجهات استمرت لساعات، كُـلّ ذلك في لحظة الوضعية الحربية الهجومية للعدو وغاراته المكثّـفة وغير المسبوقة على غزة، ومع ما هو عليه العدوّ من تفوق نوعي عدداً وعتاداً تأتيه المقاومةُ من حَيثُ لا يحتسب وتقتحم عليه خطوط النار، وتواصل في الوقت نفسه إطلاق الصواريخ على مستوطنات الغلاف والوسط وحتى تل أبيب.
وفي أزمة الكيان الداخلية، خلافات كامنة تحت الطاولة ما إن تبرز إلى الواجهة حتى يتم احتواؤها، من ذلك مسارعة رئيس حكومة العدوّ إلى الاعتذار بسحب تصريحه القاضي بتحميل قادة الأجهزة الأمنية والاستخبارية مسؤولية ما حصل في السابع من أُكتوبر، وجاء الاعتذار بعد هجوم مضاد من قادة الأجهزة الأمنية وباقي أقطاب المعارضة ولضرورات المعركة ولكن ماذا بعد؟ إنه مصير أسود ينتظر نتنياهو الجبان، لقد جاءه الطوفان ليقضيَ على حياته السياسية، ويلقي به إلى غياهب السجن، وماذا عن خطط الهجوم الموسع على القطاع!؟
تخبط يسيطر على الصهاينة، هجوم موسع وما لذلك من مخاطر محقّقة أَو التزام النصائح الأمريكية بالاكتفاء بعمليات توغل محدودة، وجاءت النصائح الأمريكية خوفاً من سقوط الجيش الإسرائيلي في جحيم غزة، ومع تصعيد العدوّ في جبهته الجنوبية مع غزة ترتفع عليه تحديات الجبهة الشمالية بتصاعد وتيرة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان.
عدوانٌ إسرائيليٌ مُستمرّ على غزة، قصف مكثّـف وحصار متواصل، ومحاولات توغل تبوءُ بالفشل، وحضورٌ ميدانيٌّ للمقاومة يباغت العدوّ كلما حاول أن يتقدم، وأية عملية برية موسَّعة لن تكون بدون أثمان باهظة سَيتكبدها جيش العدوّ، وهو الذي يسعى لإعادة ترميم صورته المهشمة في السابع من أُكتوبر.
ثم ماذا عن رعب الشمال؟ تهديد تهرب منه إسرائيل إلى ممارسة الغموض في عملياتِها البرية ضد غزة، والمعادلة العسكرية القائمة، أي توغلٍ عسكري في غزة يقابله ضغط متناسب في جبهة الشمال، وهو ما شهدته الساعات الماضية، بتعرض المواقع الإسرائيلية في الحدود الفلسطينية مع لبنان لقصف موسع من قبل مجاهدي المقاومة الإسلامية، وتحطيم الكثيرِ من التجهيزات التقنية المنتشرة على طول الخط الحدودي الفلسطينيِ اللبناني، تجهيزات ضمن منظومة فنية تمثل قاعدة استخباراتية متطورة تغطي مساحة لبنان وتتجاوزها إلى سوريا وُصُـولاً إلى حدود العراق وتركيا.
تعطيل تلك المنظومة إنجاز عسكري له ما بعده في الصراع المفتوح بين حزب الله والعدوّ الإسرائيلي، والمحتدم بشدة مع الحربِ العدوانية الإسرائيلية المُستمرّة على قطاع تحاصرُه أمريكا بالعدوان الإسرائيليِ والتواطؤ العربي، وهو يحاصرهم بالثبات الجهاديِ، وصمود الأهالي، والغضب الشعبيِ العالمي.
اليمن يلبي، والشعار يدوي فلا تنديد ولا استنكار وإنما ضرب لقوى الاستكبار، وعابراً كُـلّ الحدود متجاوزاً كُـلّ المسافات مقتحماً كُـلّ العقبات، وبالتوكل على الله وعلى الله وحده وشعورًا بالمسؤولية الدينية يعلن اليمن رسميًّا ولأول مرة قصف منطقة إيلات جنوب فلسطين المحتلّة، إنها جرأة اليمن معززةٌ بالقدرة وبالإيمان بالقوي العزيز الجبار، وتنفيذاً للإرادَة الشعبيّة الوطنية وموقف القيادة الثورية ونجدةً لأهل غزة في فلسطين المحتلّة نهضت القوات المسلحة اليمنية بما يجب على كُـلّ قوات مسلحة عربية أن تنهض به، فنصرة فلسطين والأهالي في قطاع غزة مبدأ إيماني وقومي أسقطه العرب وأعاد إحيائه اليمن.
من بين اثنين وعشرين دولة عربية، بين متفرج وضعيف وعاجز وخانع ومتواطئ أبى اليمن أن يقبل أي شيء من ذلك وأبى إلا أن يشارك، والمشاركةُ حرب يفتح بها اليمن صفحة جديدة في تاريخ الصراع العربي مع الكيان الزائل، ما تقوله عملية الواحد والثلاثين من أُكتوبر أن غزة ليست وحدها في هذه المعركة وما بعدها، وأن الحياة والحرية والكرامة لفلسطين والموت لإسرائيل، إنه يوم تدشين دخول اليمن على خط الصراع حتى زوال الاحتلال وتحرير فلسطين.
واليوم انتصاراً لغزة، وغداً لكل القضية، ومواكبةً للمشاركة العسكرية اليمنية في معركة “طُوفان الأقصى” قرّرت وزارة الصناعة حظر جميع المنتجات الأمريكية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني، قرار حكومي يتطلب مواكبة ومراقبة شعبيّة لأي تاجر يخالف القرار، ومن تطورات العدوان على غزة ورداً على المجازر الوحشية المُستمرّة بحق الأبرياء تواصل فصائل المقاومة قصف تل أبيب والتصدي لمحاولات التوغل موقعةً في جيش العدوّ خسائر كبيرة وصلت إلى تدمير 22 آلية، وإدخَال طوربيد العاصف البحري إلى المعركة لأول مرة، والمعارك ضارية داخل غزة والمقاومون لديهم من القوة والثبات والإيمان والسلاح والصبر ما يمكِّنُهم إن شاء الله من تكبيدِ العدوّ المزيدَ والمزيدَ من الخسائر.