أمريكا تتجنَّبُ الردَّ على الهجمات اليمنية خوفًا من تصعيد الصراع في البحر الأحمر وباب المندب
المسيرة| محمود المغربي
تعلم أمريكا أن الرد على الهجمات اليمنية قد تكون تكلفته باهظة ولا يمكن التنبؤ والتحكم بنتائجه، التي من شأنها أن تقود إلى مواجهات عنيفة في البحر الأحمر وباب المندب، خُصُوصاً أن أنصار الله لا تنقصهم الجرأة وليس هناك ما يخيفهم أَو ما هو محظور أَو ممنوع في أديباتهم السياسية والعسكرية بعد أن واجهوا تحالفاً عالميًّا ومرتزِقة من كُـلّ حدب وصوب ودواعش وقاعدة ومؤامرات من كُـلّ لون، وبعد أن هدموا جدار المستحيل وكلّ خطوط أمريكا الحمراء، وأرسلوا الصواريخ والطائرات المسيَّرة إلى حيثما كان محرماً وممنوعاً نحو الكيان الصهيوني المحتلّ للأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية، وليس هناك ما يخسرون سوى وطن مدمّـر مفقر بفعل العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ والإماراتي، وشعب مات قلبه بعد أن فقد أعز ما يملك ولم يعد هناك عائلة يمنية واحدة إلا فقدت عزيزاً أَو قريباً، وليس هناك من شيء يمكن الخوف عليه.
بل إن أغلب أبناء الشعب اليمني أصبحوا يتمنون عودة الحرب أَو حتى اندلاع حرب عالمية تسقط هذا العالم المزيف بالإنسانية والمعايير الكاذبة، الذي وقف يتفرج عليهم وهم يقتلون وترتكب بحقهم أبشع الجرائم والمجازر اليومية طوال ثماني سنوات، وهو اليوم يتفرج على مجازر الإبادة الجماعية بحق أبناء غزة، ويبارك ذلك بحجّـة حق كيان دخيل ومحتلّ لأراضي الغير بالدفاع عن نفسه ومباركة تهجير 2 مليون ونصف بني آدم من منازلهم ومدينتهم المدمّـرة لاستعادة 200 أسير صهيوني، وهناك من يطلب ضرب غزة بالسلاح النووي، وهذا ليس بغريب ولا بعيد من دولة مارقة مثل أمريكا صاحبة السابقة في إبادة شعوب بواسطة السلاح النووي وما حدث لليابان ليس ببعيدة.
إلا أن أمريكا وكما قلنا لا ترغب في الرد على الهجمات اليمنية التي تستهدف الكيان وليس؛ لأَنَّ أمريكا قد غيرت من طبيعتها الإجرامية، بل لعدم قدرتها واستعدادها لتحمل تكاليف وتبعات توسع الصراع ونشوب حرب في البحر الأحمر وباب المندب وإغلاق ممر عالمي بهذه الأهميّة، وفي مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها أمريكا والدول ألأُورُوبية المفقرة والمستنزفة في الحرب الروسية الأوكرانية، والهرولة وراء الرغبات الأمريكية في الهيمنة والوصاية ومصالحها غير المشروعة، وهذا لا يعني أن أمريكا سوف تصمت وتتقبل الصفعات اليمنية دون رد، بل سيكون لها رد غير مباشر عن طريق الأدوات المألوفة، التي هي مستعدة دائماً لتقديم الخِدْمَات وتنفيذ التوجيهات بغض النظر عن العواقب، فقد صنعوا لتنفيذ ذلك وخدمة أمريكا والكيان الصهيوني، كما أن أمريكا لا تحتاج إلى افتعال حرب على اليمن فهناك حرب ومعركة غير منتهية، وما على تلك الأدوات إلا استئناف عمليات القتل والتدمير في اليمن، لكن القتل والتدمير سوف يكون هذه المرة مختلفاً ولا يقتصر على اليمن، بل سوف يكون هناك قتل وتدمير يطال الجميع ويصل إلى الرياض وأبو ظبي وإلى ما هو أبعد من ذلك، فقد ذهب زمن كنا فيه نتلقى الضرب دون رد ودون أن يكون هناك حساب وعقاب، وقد أصبحنا بفضل الله وحكمة القيادة السياسية قادرين على رد الصاع صاعين، وعلى الباغي تدور الدوائر.