القممُ العربية والإسلامية تاريخٌ أسودُ من النكبات والمآسي التي حلت بالأمة
محمد علي الحريشي
كان الجمهور العربي والإسلامي يأمل أن تتمخضَ عن القمة الإسلامية التي انعقدت يوم أمس (السبت) في الرياض عن قرارات وتوصيات تلبي الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني في وقف المجاز عن غزة وفتح معبر رفح لإدخَال الغذاء والوقود والدواء والماء إلى المحاصرين فيما تبقى من مدينة غزة، الذين يواجهون مجازرَ بشعة وإبادة جماعية على يد جيش الاحتلال الصهيوني، والسلاح الأمريكي، لكن مَا الذي جرى؟
لنرجع قليلًا إلى الوراء، إلى تاريخ القمم العربية، التي لم ينتج عنها غير الكوارث والمآسي على الأُمَّــة العربية، الأَسَاس يكمن في تأريخ إنشاء المنظمتين، أولاً: نشأة الجامعة العربية بعد منتصف الأربعينيات من القرن الماضي في القاهرة، التاريخ يقول إن بريطانيا تدخلت في إنشاء ما يسمى بالجامعة العربية، لخدمة مصالحها، أما منظمة المؤتمر الإسلامي فإنها أنشئت في بداية ستينيات القرن الماضي في مدينة جدة في عهد الملك السعوديّ فيصل بن عبد العزيز، الهدف الظاهر من نشأتها حماية المسجد الأقصى والهدف الحقيقي من نشأتها هو حماية العرش السعوديّ والمصالح الأمريكية في المنطقة؛ بسَببِ التهديدات التي كان يشكلها عليهم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ضل النفط والريال السعوديّ هو من يجمع ما يسمى بملوك ورؤساء الدول الإسلامية فيما يسمى بالقمم الإسلامية، سخرت اجتماعات وقمم الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لمصالح أنظمة دولتين عربيتين، الكل يعرفهما، كُـلّ الكوارث التي حلت بالأمتين العربية والإسلامية من أسبابها الرئيسية القمم العربية والقمم الإسلامية، ماذا قدمت القمم العربية والإسلامية لفلسطين من تاريخ النكبة عام 1948 إلى اليوم؟ ماذا نتج عن القمم العربية من كوارث ونكبات لدول عربية مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن؟ لأنهم خارج المدار والنفوذ الأمريكي، ماذا نتج عن قمم واجتماعات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ضد اليمن أثناء تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن؟
ألم يعمل النفط والريال السعوديّ على عقد اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي على مستوى وزراء خارجية الدول الإسلامية في مدينة جدة السعوديّة، الاجتماع كان في عام 2019، بدعوى كاذبة وهي أن اليمن يريد هدم الكعبة المشرفة (عندما بدأت الصواريخ اليمنية تدك القواعد والمطارات السعوديّة في جدة والطائف) فهل كانت أمريكا حريصة على كعبة المسلمين وقبلتهم ورمز توحدهم الديني والروحي؟
نعم القمم العربية والإسلامية يحركها ويديرها النفط والريال السعوديّ ولم تجني الأُمَّــة العربية والإسلامية منها غير المآسي والنكبات، فلسطين ضحية من ضحايا القمم العربية والإسلامية، بكل بساطة الخلل معروف وهو في النظامين العربيين اللذَين يتحكمان بعقد القمم العربية والإسلامية: وهما النظام السعوديّ والنظام المصري، يرتبطان ارتباطاً مباشراً بالإدارة وبالمخابرات الأمريكية، أمريكا معروف موقفها من الوجود الصهيوني المحتلّ في فلسطين، فهي من استلمت حماية الكيان المحتلّ من بريطانيا وهي من توفر له الحماية، ففي عام 1973م عندما باغت الجيشان العربيان المصري والسوري بالهجوم على دولة الاحتلال الصهيوني وحقّقا انتصارات كبيرة وانهزم الجيش الصهيوني، مدت أمريكا بجسر جوي لتزويد اليهود بالسلاح وتدخل سلاح الطيران الأمريكي بالقصف مباشرة على كتائب ودبابات الجيش المصري في سيناء وعلى الجيش السوري في الجولان، هَـا هو التاريخ يكرّر نفسه بعد السابع من أُكتوبر/تشرين الأول بعد هزيمة الجيش الصهيوني في عملية طوفان الأقصى، تدخلت أمريكا سياسيًّا وعسكريًّا بكل ما أوتيت من قوة، وحركت أساطيلها وحاملات طائراتها وجيوشها لنجدة الجيش الصهيوني، هذا هو تاريخ القمم العربية والإسلامية السوداوي، الذي لا يسبب إلَّا الكوارث والنكبات للأُمَّـة العربية والإسلامية، ذلك ما شاهدناه، أمس في تلك المسرحية الباهتة التي سميت بالقمة الإسلامية التي انعقدت في الرياض، والتي كان الجمهور العربي والإسلامي، بل والشعوب الحرة في مختلف أقطار وقارات العالم التي ملأت شوارع وميدان العواصم العالمية بما فيها عواصم ومدن الدول المساندة للكيان الصهيوني، مثل لندن وباريس وواشنطن الجماهير التي أدانت واستنكرت المجازر الصهيونية ضد الأبرياء من النساء والأطفال في غزة، كان الجميع ينتظر فعل يوقف الإبادة الجماعية في غزة، النظام السعوديّ الذي يدخل المقاومة الفلسطينية في قائمة الإرهاب والنظام المصري الذي يساهم في حصار غزة، هل كان الجمهور العربي والإسلامي يتعشم منهما نجدة فلسطين ومنع الكيان الصهيوني من ارتكاب المزيد من الجرائم في أبناء غزة؟ التي زاد عنفها وطالت المرضى في أقسام العناية المركزة في المستشفيات عقب انتهاء مراسيم القمة الإسلامية، نعم ازدادت المجازر الصهيونية عقب القمة الإسلامية، لكن هذه المرة ترتكب إسرائيل المجازر، تحت غطاء مخرجات قمة الرياض.
وتجهز على ما تبقى من أطفال ونساء أحياء محاصرين ومحرومين من شربة الماء ومن رغيف الخبز في غزة، لكن هذه المرة تتم الإبادة بضوءٍ أخضرَ عربي إسلامي صادرٍ عن قمة الرياض.