المواقفُ اليمنية لنُصرة القضية الفلسطينية
أحمد عبدالله المؤيد
مع اندهاش العالم العربي والإسلامي وافتخارهم واعتزازهم بموقف الجمهورية اليمنية المبادرة بقصف أهداف العدو الصهيوني في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وما حصل لتلك العمليات من تبنٍّ وإعلان رسمي وتأييد شعبي يمني دليل على عدم وجود أية وصاية أمريكية؛ مما جعل كُـلّ أحرار العالم يفتخرون باليمن كأول دولة تدخل في صراع مع الكيان الإسرائيلي خارج الغلاف الجوي عبر الصواريخ الباليستية، وما يُحَلِّقُ داخل الغلاف من مُسَيَّراتٍ أكثر بكثير مع استعداد كافة الشعب اليمني للمجابهة في أول فرصة جغرافية.
إن الثقة والقوة والجرأة والعزيمة التي يمتلكها الشعب اليمني اليوم ويترجمها بمواقف بطولية نصرةً للقضية الفلسطينية هي ثمرة واحدة من ثمار التحرّر من الهيمنة والوصاية الأمريكية، والتي دفع اليمن ثمنها سلفاً بالتصدي لحروب شعواء ظالمة فُرِضَت عليه من قِبَلِ السلطة السابقة العميلة والمنفذة للتوجيهات الأمريكية فنتج عنها عشرات الآلاف من الشهداء وَالجرحى والأسرى وحصار خانق منذ اندلاع الحرب الأولى على منطقة مران محافظة صعدة عام 2004 م والتي حاول الأمريكي بأدواته الداخلية والإقليمية أن يسعى لطمس الهُــوِيَّة الإيمانية للشعب وإذلاله ونزع حريته وإخضاعه وفصله عن نصرة القضية الفلسطينية بإسكاته عن ترديد هتاف الصرخة -شعار البراءة- وهدم القيم الإنسانية وَإنهاء المشروع القرآني الذي جدده السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه- إلا أن كُـلّ جهودهم باءت بالفشل؛ لأَنَّ الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
لقد أثمرت وتحولت دماء الشهداء الطاهرة وفي مقدمتهم دماء الشهيد القائد التي لم تجف، إلى وقود سائل للصواريخ البالستية، وكانت دماء الأطفال والنساء هي الوقود والمحركات لصواريخ الدفاعات الجوية اليمنية التي تسقط أحدث الطائرات المعادية، وتحولت الأيادي المبتورة للجرحى إلى أجنحة للطائرات المسيّرة التي تصل إلى أهداف عسكرية صهيونية، وستتحول الأشلاء اليمنية الطاهرة إلى شظايا تفتك بكل عدو يدافع عن الكيان الصهيوني الغاصب..
لقد قدم اليمنيون دروساً عملية عظيمة لكل أحرار الأُمَّــة الإسلامية والذين يتوقون للحرية ولنصرة القضية الفلسطينية، أنه لا حرية إلا بتحمل المسؤولية، وبالتحَرّك الجاد للتخلص أولاً من الزعماء وَالأنظمة والحكومات التي تخضع للهيمنة الأمريكية، فهم لم ولن يتخذوا المواقف المشرفة للقضية الفلسطينية حتى وإن أقاموا في كُـلّ يوم قمة عربية إسلامية؛ لأَنَّ جُلَّ ما سيتوصلون إليه هو بيان بالشجب والتنديد وبعبارات قد لا تجرح مشاعر الصهاينة.
ومع تعاقب الأيّام لن نجد منهم حتى الشجب والتنديد، فخارطة طريق التحرّر باتت واضحة وخطواتها مرسومة أَيْـضاً، فالخطوة الأولى هي التحرّر من الأدوات الأمريكية من حكومات وزعماء وأنظمة، ما لم فَــإنَّ الشعوب ستبقى خاضعة للحكومات الخاضعة للأمريكي، ولن تستطيع الشعوب المسلمة أن تقف بجانب الشعب الفلسطيني إلا بالتحرّر من تلك الأدوات الأمريكية الرخيصة لتتحرّر الشعوب بعدها من الهيمنة الأمريكية المباشرة كخطوة ثانية، فتصبح الشعوب الإسلامية قادرة على القيام بواجبها وتَحَمُّل مسؤولياتها الدينية والإنسانية بمساندة الشعب الفلسطيني ونصرته والسعي لإنهاء الكيان الصهيوني الغاصب.