“حزبُ الله” يضعُ الكيانَ الصهيوني والأمريكيين أمام أسوأ مخاوفهم
قلقٌ أمريكي كبيرٌ وتحذيراتٌ لـ “إسرائيل” من تدحرُجِ جبهة جنوب لبنان إلى حربٍ شاملة
المقاوَمةُ تواصلُ ضربَ تجمعات جيش العدوّ وتضاعفُ خسائرَه
تصاعُــــدُ وتيرة العمليات في الشمال يُثبِّتُ معادلةَ “انتصار غزة”
المسيرة | خاص
مع محاولاتِه رَسْمَ صورةِ انتصار وهميٍّ في غزةَ، من خلال التظاهُرِ بأن مساعيَ التوغل البري شمالي القطاع تُحقِّقُ أهدافَها، صُفع جيشُ الاحتلال هذا الأسبوع بتصاعد كبير في وتيرة عمليات المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان (حزب الله)؛ ليجد نفسه مرة أُخرى في مواجهة معطيات واقع الهزيمة والعجز التي يحاول الهروب منها إلى الدعايات، وفي مواجهة رعب كبير لا جدوى من محاولة إخفائه؛ لأَنَّ تأثيره لا ينحصر في حدود منطقة العمليات، بل يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي سارعت إلى التواصل بالكيان الصهيوني لتحذيره من تداعيات انفجار الجبهة الشمالية.
وتواصل، الاثنين، تصاعد ضربات مجاهدي “حزب الله” النوعية على تجمعات ومواقع جيش العدوّ الإسرائيلي في مناطقَ مختلفة على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة والتي تحولت بالكامل إلى مسرح عمليات للمرة الأولى في تأريخها.
وأعلن الإعلامُ الحربي لحزب الله عن استهداف قوات مشاة صهيونية في عدة مناطقَ بصواريخَ موجَّهة قرب ثكنة “برانيت” وفي موقع “الظهيرة”، بالإضافة إلى استهدافِ موقع “الراهب”، مؤكّـداً تحقيقَ إصابات دقيقة ومباشرة وسقوط قتلى وجرحى في صفوف جيش العدوّ الصهيوني.
وطلب جيشُ العدوّ الإسرائيلي من كافة سكان المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان، البقاءَ في الملاجئ حتى إشعار آخر، علماً بأنه قد أخلى أكثرَ من 60 ألف مستوطن من هناك.
وتأتي هذه الضربات في سياق تصاعد كبيرٍ للعمليات بدأ يوم الأحد، وتميَّز باستهدافات مكثّـفة على القوة البشرية للعدو الصهيوني، بالإضافة إلى إطلاقِ صواريخَ من قبل الفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان على عدد من المستوطنات والمدن المحتلّة.
وقد قضى العدوُّ الصهيوني الـ48 ساعة الماضية منذ التصاعد الأخير للعمليات في قلق كبير للغاية، محاولاً التكتُّمَ على خسائره قدر الإمْكَان، حَيثُ أعلن عن إصابة ما يقارب 30 “إسرائيلياً” وهو رقمٌ كبيرٌ يؤكّـد المراقبون أنه يُخفِي وراءه عدداً أكبرَ من القتلى والجرحى في صفوف جيش العدوّ ومستوطنيه.
وامتد هذا القلق بشكل فوري إلى الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني بشكل غير محدود، حَيثُ كشفت وسائل إعلام أمريكية وعبرية منها موقعُ “اكسيوس” وموقع “واللا” أن وزيرَ الحرب الأمريكي، لويد أوستن، أبلغ نظيره “الإسرائيلي” بأن الولايات المتحدة تشعر بأن كيان الاحتلال “يستفزُّ” حزب الله، وطلب منه تجنب خطوات التصعيد في جبهة جنوب لبنان؛ لأَنَّها قد تؤدي إلى حرب شاملة.
وتشيرُ هذه المعلوماتُ بوضوح إلى أن مأزِقَ الكيان الصهيوني لا يزالُ يزدادُ صعوبةً عليه، وأن محاولاتِ التغطية على هذا المأزق من خلال الوحشية ضد المدنيين في غزة ومحاولة تهجير سكان شمال القطاع وتقديم ذلك كانتصار وإنجاز للعملية البرية، لا تجدي نفعاً أمام وقائع الميدان التي تؤكّـد فشله وعجز جيش الاحتلال وانسداد الأفق العسكري أمامه، علماً بأنه -وبرغم كُـلّ دعاياته بشأن غزة- لم يتمكّن حتى الآن من الاقتراب ولو قليلًا من أهدافه المعلَنة المتمثلة بالقضاء على المقاومة واستعادة الأسرى، بل لا يزال يتلقى خسائرَ بشريةً ومادية كبيرة تحت ضربات مجاهدي المقاومة الذين استطاعوا أن يحولوا التوغل البري إلى جحيم لقوات وآليات العدوّ.
وكانت وسائلُ إعلام صهيونية قد كشفت الليلة الماضية أن “معظمَ” جيشِ الاحتلال اتجه للانتشار في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان على وَقْعِ التصاعد الأخير في العمليات، وهو ما يؤكّـد، بالمقابل، أن حزب الله يحقّقُ بنجاحٍ الأهدافَ المعلَنة المتمثلةَ بِــ: تخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية في غزةَ، وضمان خروجها من هذه المعركة منتصِرة.
ويوضح القلقُ الأمريكي من اشتعال جبهة جنوب لبنان أن العدوَّ الصهيوني لا يزال محاطاً بمخاطرَ كبيرة لا يمكن تجاوزها أَو التغطية عليها، وهي مخاطرُ مرتبطة مباشرة بسلوكه في قطاع غزة، حَيثُ كان سماحة السيد حسن نصر الله، قد أعلن بوضوح أن عمليات حزب الله مرهونةٌ بالتطورات في غزة وبالاعتداءات على لبنان، الأمر الذي يجعل جيش الاحتلال أمام خيارات كلها تنتهي بهزيمة مدوية؛ فإما إيقافُ العدوان على غزة والقبول بالواقع الجديد الذي فرضته المقاومة الفلسطينية في عملية “طُوفان الأقصى” وهو واقع يهدّد وجود الكيان، أَو مواصلةُ التصعيد الإجرامي والمخاطرة بانفجار جبهة جنوب لبنان وتصاعد الردود الإقليمية من جبهات أُخرى ودخول مرحلة جديدة لا تهدّد وجود الكيان فحسب، بل أَيْـضاً التواجد الأمريكي في المنطقة.
ويترجم مسارُ عمليات حزب الله في جنوب لبنان احترافيةً عاليةً في استخدام أوراق الضغط العسكري؛ لتحقيق هدف تخفيف الضغط عن المقاومة الفلسطينية وردع الكيان الصهيوني، فبرغم القلق الكبير الذي أصبح يعيشُه كيانُ العدوّ الصهيوني وداعموه، فَــإنَّ كُـلّ الخبراء يؤكّـدون أن حزبَ الله لم يستخدِمْ بعدُ سِوى نسبةٍ بسيطةٍ من خياراته وقوته؛ الأمر الذي يجعل زمامَ المبادرة على ميدان العمليات في يده بالكامل؛ وهو ما يجعلُ من أيةِ تهديدات يوجِّهُها الكيان الصهيوني أَو الولايات المتحدة للحزب بلا أية قيمة؛ إذ بات واضحًا أن وسائلَ الضغط الفاعلة والمؤثِّرة بيد المقاومة وقيادتها في لبنان وليس بيد العدوّ.