من وحي انتصار المقاومة
خلود الشرفي
مما لا شك فيه ولا مراء انتصارُ المقاومة الفلسطينية على كُـلّ المستويات، وفي كُـلّ المحاور رغم العدوان الهمجي الذي تشنه قوى الاستكبار العالمي، والتي جاءت بكل ثقلها، وتكالبت من كُـلّ حدبٍ وصوب، لعل وعسى أن يقف قلب الأُمَّــة العربية النابض، وفي محاولةٍ يائسة لقطع شريانها الرئيسي الذي يمدها بالحياة.
وما الجرائم الوحشية التي ترتكبها الصهيونية النازية بحق الشعب الفلسطيني العزيز الكادح والتي يندى لها جبين الإنسانية أكثر من شهر من العدوان الإجرامي، والذي لم يتوقف لحظةً واحدة، إلا تعبيرٌ عن مدى الحقد الدفين الذي يكنه اليهود للأُمَّـة الإسلامية عامة، والعربية على وجه الخصوص.
ومن الملفت في الأمر، الموقف المخزي والمهين للحكومات العربية، وَالتخاذل الكبير “للكبار” الذين يسمون أنفسهم زوراً وبهتاناً عربًا، فليس لهم من العروبة إلا اسمها، ومن الرجولة إلا رسمها، فقد غربل الله -جل جلاله- الناس بهذه الحرب، “لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جميعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئك هُمُ الْخَاسِرُونَ”، والذين ظهروا أخيراً بلا عروبة، ولا حتى ضمير، فهذه المجازر الوحشية، والمذابح الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي كُـلّ يوم، والتي هي كفيلة بتحريك الجماد، لم تعد تؤثر في الحكام الأعراب -ونقول الأعراب وليس العرب- فليس لهم من العروبة أدنى نسب، ولا بينهم وبينها أية صلة.
ولا شك أن الانتصارات المتتالية التي تحقّقها المقاومة الفلسطينية في كُـلّ المحاور والاتّجاهات، وعلى جميع الأصعدة، والتي تعتبر إنجازاً فريداً يُضاف إلى قائمة الإنجازات ورصيد المقاومة، بمثابة فاتحة خير لهذه الأُمَّــة المغلوبة على أمرها، والتي عاشت لقرون ترزح تحت وطأة الوصاية الغربية، في ظل حكومات وقادة وعلماء بلاط ومطبعين شرعنوا لها حياة الذل على طبقٍ من حديد، وليس من ذهب كما يقولون، بل بالحديد والنار حكم طواغيت هذه الأُمَّــة، وأحكموا قبضتهم على شعوب مستضعفة، جاهلة، دجنها علماء البلاط لطاعة سمو الأمير وإن جلد ظهرك وأخذ مالك!!
وعلى الصعيد الآخر، وفي إطار ما وعد الله سبحانه وتعالى به عباده المجاهدين الصادقين، فهَـا هو العدوّ الصهيوني المغتصب المجرم يذوق أشد وأقسى أنواع العذاب النفسي والجسدي، على أيدي “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.
وإن كان ثمة إنجاز للعدو الصهيوني الهش وَالمذهول فهو يتمثل وباختصار شديد في المجازر والمذابح البشعة التي لا يتورع عن ارتكابها كُـلّ يوم في حق المدنيين الأبرياء، وَكفى بهذا إنجازًا وإجرامًا وحشيًّا يحرك عالَمًا بأكمله، “لِـمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ”.
ومهما تمادى كيان الإجرام، وأمعن في شرب دماء المستضعفين فَــإنَّه كان وما زال أوهى من بيت العنكبوت، وما هذا التخبط الواضح، إلا طائر شؤم، ونذير هلاك يبشر بزوال المحتلّ في القريب العاجل، ودخوله مزبلة التاريخ، ولعنة الدهر، وما مصير فرعون عنهم ببعيد.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، والعاقبة للمتقين..