القائدُ الذي تحتاجُه الأُمَّــة
بقلم | فضل أبوطالب
منذُ فترةٍ طويلةٍ والأمةُ تبحَثُ عن قائدٍ عظيمٍ يُعِيدُ لها أمجادَها، ويُعبِّــرُ عن تطلعاتِها، وينتصرُ لكرامتِها، ويدافعُ عن دِينِها وشرفها وكرامتها، قائدٍ يكسرُ كُـلَّ القيود المفروضة على الأُمَّــة، ويتجاوز كُـلّ المخاوف التي أقعدت الأُمَّــةَ عن مواجهة أعدائها، قائدٍ يخترقُ جدارَ الصمت المخزي، ويبدِّدُ سوادَ الليل الحالك المطبِق على هذه الأُمَّــة.
فهذه الأُمَّــة تعيشُ حياةَ الظلم والقهر والإذلال منذ فترة طويلة؛ نتيجة الهيمنة الأجنبية، بقيادة أمريكا و”إسرائيل”، ونتيجة فساد أنظمة الحكم العاجزة والعميلة في أغلبها، وفي كُـلّ يوم تزداد معاناة هذه الأُمَّــة، وتعيش مأساةً جديدةً وظُلماً وبطشاً على أيدي الأمريكيين والإسرائيليين.
وآخرُها ما يجري على غزةَ من عدوان إسرائيلي مدعوم أمريكياً وغربياً، والذي يرتكب بحق الأطفال والنساء في غزة أبشعَ الجرائم والمجازر، فظل الشعبُ الفلسطيني يتطلع إلى من يدعمه وينتصر له في مواجهة هذا العدوان، وجاءت القمةُ العربية الإسلامية لعدد ٥٧ دولةً إلا أن القمة خرجت ببيان هزيل وضعيف ومهزوم، لم يتجاوز التنديد والمطالبات، ولم يخرج أُولئك القادة بموقف عملي واحد في نُصرة الشعب الفلسطيني، رغم ما يمتلكونه من إمْكَانياتٍ عسكريةٍ واقتصاديةٍ ونفطية وإعلامية وغيرها، يستطيعون وقفَ العدوان على غزة بسلاح واحد، وهو سلاح النفط، والذي سيجعل أمريكا و”إسرائيل” تتوقفان عن هذا العدوان في اليوم الأول منه، والحقيقة أن الشعوب العربية والإسلامية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني لم تكن تتوقع من أُولئك الـ٥٧ زعيماً غيرَ الضعف والعجز، وتَرْكِ الشعب الفلسطيني بمفرده في مواجهة آلة القتل الوحشية الإسرائيلية والأمريكية.
وفي خضمِّ هذه الأحداث الرهيبة، وفي ظل هذه المآسي وخيبات الأمل المتكرّرة، برز موقفُ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، على الساحة العربية والإسلامية؛ باعتباره القائدَ العربيَّ المسلمَ الأكثر صدقاً ووفاءً وإخلاصاً للأُمَّـة وقضاياها المصيرية، والأكثرَ شجاعةً في مواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية بشكل عام، وفي نصرة الشعب الفلسطيني بشكل خاص، وهذا بالتأكيد لا يعني التقليلَ من دور حركات الجهاد والمقاومة، لكننا عندما نتحدث عن السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، فَــإنَّنا نتحدث عن موقف بمستوى دولة وشعبٍ جعله في مقدمة دول العالم في نُصرةِ الشعب الفلسطيني، وهذا ما أثبتته الأحداثُ والوقائع.
فهل هناك دولةٌ أعلنت الحربَ على العدوّ الإسرائيلي؛ نُصْرَةً للشعب الفلسطيني، وقصفت بالصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة مواقِعَ العدوّ الإسرائيلي؟! وهل هناك دولةٌ منعت رسميًّا استيرادَ البضائع الأمريكية والإسرائيلية؟! وهل هناك دولة طالبت بفتح ممرات برية لعبور مئات الآلاف من المقاتلين من الشعب اليمني؛ للمشاركة الفعلية في الاشتباك والقتال المباشر مع العدوّ الإسرائيلي؟! وهل هناك دولةٌ توعَّدت باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وغير ذلك من الشواهد؟!
وهذا كُلُّه جعل السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في نظر شعوب الأُمَّــة المستضعَفة المقهورة قائداً ملهماً ورمزاً إسلامياً عظيماً تُعقَدُ عليه الآمال، وتتطلع إليه القلوب، وتهفو إليه النفوس، ليس فقط؛ لأَنَّه وقف مع فلسطينَ وغزةَ ووقف ضد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية بالكلام، ولكن وهو يتقطَّعُ ألماً وأسفاً وكَمَداً على هذه الأُمَّــة يتحَرّك أَيْـضاً في نُصرتِها في الواقع العملي، من خلال الخطوات العملية، وعلى كُـلِّ المستويات، وبكُلِّ الإمْكَانيات الممكنة.