غزّة.. حيتُ لا دورَ لمنظمات حقوق الإنسان ولا بصمةَ لمجلس الأمن الدولي

 

أمة الملك قوارة

عن النساءِ أم عن الأطفال أم عن حديثِي الولادة عن أشلاء لا نعرف لمن ولا لأي واحدٍ منهم، ولا نعرف أذاك الحبل السري لتلك الأم أم لأية واحدة منهن يمتد! وقد أفقدها أمومتها صاروخٌ حاقد غادر وهي على مشارف الطلق، وكذا ذاك الرأس لا يُعرف أهو لذاك الجذع أم لتلك الأطراف وحال البقية من النساء والرجال والشيوخ لا يختلف، وصورة أُخرى لأُمهات نائمات لن يستيقظن بينما أطفالهن ينتظرون استيقاظهن ويقفون بصمت على رؤوسِهن متلهفون لذلك الحضن عله يمدهم بشظفٍ من أمان لا يدوم سوى برهة حتى يعاود مصاص الدماء وحشيته وقصفه، غزة، حَيثُ الرعب ألا متناهي الذي جعل أعضاء الأطفال ترجُف دونما أن تعلم ما الذي يحدث وماذا جرى، وحيث عُمر الثامنة هو الأب وتلك هي الأم على من هم أصغرهم عمرا يؤثرونهم على أنفسهم بما تبقى لهم من وهمِ الحياة، وحيث لا ماءٍ ولا غذاءٍ ولا دواءٍ فكلها مُنعت وما تبقى منها أفسدوه عمداً وحيث الهواء المشبع بمخالفاتِ قنابل الفسفور ومختلف أنواع القنابل الغازية والصوتية وتلك التي لا يُعرف اسمها غير أنها محرمة دوليًّا، غزة، حَيثُ الدمار الذي ابتلع كُـلّ شيء من الحجر حتى البشر، وحيث أوضح صورة لحقوق الإنسان طُبقت على أرض الواقع، ووصفت إنسانية الغرب بإسهاب واطِنّاب الذي اتَّكأ عليه الكيان الصهيوني وبات يستلذ بسفك الدماء بينما ذاك يربت عليه بلطفٍ ويتقاسمان بعضهما بودٍ كأسهما الفاشي بنكهته النازية، غزة، حَيثُ تجسدت هنالك أهداف المنظمات الإنسانية ووظيفتها العظيمة في سحل حقوق الإنسان، وهناك، حَيثُ وبكل وضوحٍ وضع مجلس الأمن الدولي بصمته وتوقيعه وَأَضَـافَ للتأكيد ختمه!

من ذا الذي يستطيع أن يصف ما يحصل في غزة وفلسطين وهل القلم أبلغ مما تراه أعيننا، تباً لغربٍ بات ليل نهار يوهم العالم بالسلام وبالسراب، وتبا لمجلس يقال أنه دولي وجلب لنفسه صفة الأمن بينما وضعته مجموعة من الفاشية ونصبوه على رِقاب الضعفاء من الدول والأشخاص ليصادر حقوقهم ويستعبدهم، ويلتهم ما تبقى لهم من صور الحياة، تبا لمنظمات وصِفت بأنها وجدت لتنصف الإنسان بينما هي فروع للسياسة الإجرامية العالمية تتحَرّك ضمن سياسات مرسومة لها لا تخدم الإنسان بقدر ما تلبي رغبات المستعمر وتطلعاته وطموحاته، وإنما هي وكالة استخباراتية عالمية اتخذت من جثث البشر عناوين لها، وتباً لمن لا زال موهوما بتلك العناوين وتلك المسميات، وإنما إجرامية وفاشية الكيان الصهيوني عَرت سلامه وسلام الغرب وفضحت نفسيته ونفوس الغرب المتعطشة للدماء وحب التملك مهما كانت الوسائل والأعذار! ومتى كان للمحتلّ حقوق حتى وضعوا على رأس قائمة تبريرهم أنه يدافع عن حقوقه ولما تلك العناوين التي تستهزئ بعقول البشر! وَإذَا كان المجتمع الغربي تسيئه حقيقته فليقف أمام دموية أنظمته، وَإذَا ما تساءلنا: ما الذي يحصل في غزة وفلسطين ولماذا؟! على سبيل التوضيح لا التعريف، ما يحصل هناك هو نتيجة لتمادي أنظمة غربية في دعم الكيان الصهيوني الذي تتطلع من خلاله إلى استعمار الشرق الأوسط والوطن العربي فهناك ثروة ترغب في الحصول عليه وهناك مجموعات من المقاومة ستستمتع بالحرب معهم ومجموعة من الحمقاء ستستعبدهم، وهذا ما يدور ضمن فلك تفكير الصهاينة والغرب وعلى رأسهم أمريكا، وعلى ذلك فلتتحول الأرض إلى فيضان من الدماء لا يهم بقدر تحقّق تلك المصالح، أنها الحضارة المعاصرة حضارة السلام وما تحويه من حقائق!

لا خاتمة قد تُكتب ولا خلاصة لأي مقال قد يصف ما يحدث في فلسطين، إنها الصورة التي وضِحت والتي رسمتها الدماء المتدفقة في غزة وفلسطين لنساء وأطفال ورجال وشيوخ لصغار وكبار ونحتتها أشلائهم المرمية على الأرض وثبتتها المباني المنهارة من جذورها وهي الصورة التي قدمها العالم الغربي تحدياً وتمادى فيها الكيان الصهيوني استعماراً واحتلالاً وسكتت عنها الأنظمة العربية والإسلامية ذلاً وهوانا، وثار عليها الأحرار مسؤوليةً أمام الله وإباء وإنسانية، وكل المعطيات تقول لمن أراد أن يحمي عرضه فليحمل السلاح ليقول لأية قوة متكبرة لا وهو مَثَلٌ قد سبقنا إليه الأمريكان “من أراد السلام فليحمل السلاح”، وليحمل منهج الإيمان بالله بصدره ليحمي حريته وسيادته؛ لأَنَّ ما سواه من مناهج إنما وجدت لتستعبده، والأمثلة موجودة وتلك فلسطين اليوم تُخبر العرب عن معنى السلام الذي وقعوا في شِراكه، وتضع المطبعين على سن ورمح الحقيقية التي تغافلوا عنها، وتعيد الجميع إلى هُــوِيَّتهم التي انحرفوا عنها، وبقدر ما هناك من ألم بقدر ما هنالك من أمل وإن كانت فلسطين وغزة هي من تدفع الثمن، فإما وجود محترم يحمي الإنسان ويثبت له أحقيته وكرامته أَو عدمٍ أولى، وبقدر ما في قلوبنا من حزن بقدر ما تحويه من عزة وذلك التضارب أوجدته فلسطين فينا ويا له من عمق وجميل الأثر، أثر يحدثنا عن ثمن الحرية بوافر من الدماء وثمن السيادة بمزيد من التضحيات وشدة قهر العدوّ بقوة الصبر واستمرارية المواجهة وعنفوانية الرد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com