لمن تدّخرُ الأنظمةُ العربية جيوشَها؟!
فهد الرباعي
أسموها طارئة، وحشدوا لها ما حشدوا من الإعلام قبل أن تُعقد، تزاحمت الخطوط الجوية السعوديّة بالطائرات التي تُقلُّ إلى الرياض أكثر من ٥٠ رئيساً، ينتمون جمعيهم لمنظمة التعاون الإسلامي، ويعتنقون جميعهم ذات الديانة التي يعتنقها الفلسطينيون، جاؤوا إلى الرياض لعقد قمة عربية إسلامية طارئة، وقد استحالت غزة أثراً بعد عين.
أسموها طارئة، بعد أحداث ٣٤ يوماً دامياً في غزة، وتسمرت الشعوب العربية وراء الشاشات ما بين متفائلٍ بخياراتٍ قاسية في جعبة الساسة ستضع حداً للمذابح، وبين متكهن باتِّخاذ الدول المجتمعة سلاح المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية لكبح جماح النزعة الإجرامية الإسرائيلية، وآخرون كان سقف توقعاتهم عاليًا بالقدر الذي جعلهم يتوقعون أن يحمل البيان الختامي لقمة الرياض خياراتٌ عسكريةٌ تردع الهمجية الإسرائيلية عن قتل الفلسطينيين وتشريدهم.
وتوقع المحللون الاستراتيجيون أن تحاكي قمة الرياض في عنفوان بيانها ومخرجاتها قمة شرم الشيخ المنعقدة في ٢٨ مارس/ آذار من العام ٢٠١٥م “أي بعد يومٍ واحد من العدوان على اليمن”، والتي تضمن بيانها الختامي آنذاك “إنشاء قوة عسكرية عربية، تشارك فيها الدول اختيارياً، وتتدخل هذه القوة عسكريًّا لمواجهة التحديات التي تهدّد أمن وسلامة أَيٍّ من الدول الأعضاء.
وجاء البيان مؤيداً وبلغةٍ شديدة اللهجة لما أسماها بالإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعوديّة ضمن عملية ما أسموه بعاصفة الحزم (العدوان على اليمن) مطالباً الحوثيين «بالانسحاب الفوري من العاصمة صنعاء والمؤسّسات الحكومية وتسليم سلاحهم للسلطات الشرعية».
ذلك حزم العرب على العرب!
فماذا عن حزم العرب على إسرائيل؟!
لا شيء من ذلك حدث، لا قوة عسكرية شُكلت لحماية سكان غزة من الإبادة الجماعية، لا المقاطعة الاقتصادية تمت، ولا الدبلوماسية أوقفت نزيف الدم، لم تتمخض قمة الرياض عن عاصفة حزمٍ كتلك التي شنّها العرب بالأمس على اليمن، ولم تخرج القمة بموقفٍ حازم مع الفلسطينيين، كموقف الغرب الحازم مع إسرائيل، لا شيء من ذلك حدث.
فبيان قمة الرياض لم يخرج عن سياق المطالبة، والمطالبة في لغة الضاد تعني الهوان والضعف والخنوع، وهو بيانٌ هزيل لا يرقى لمستوى الجرائم الصهيونية بحق شعبٌ عربيٌ مسلم، بيانٌ أثار حفيظة الشعوب العربية، وعلّق عليه السيد القائد ساخطًا بالقول إن مدرسةً ابتدائية تستطيع أن تصدر مثل ذلك البيان.
لقد انفضَّ الساسة عن القمة وتفرق شملهم، وتفشى السؤال في أوساط الشعوب لا سِـيَّـما العربية منها!
لمن تدّخر الأنظمة العربية جيوشها؟!
لعلّ الإجَابَة تكمن في العدوان على اليمن وحصاره، والتآمر على سوريا وحروبها، تكمن في الفوضى التي تضرب ليبيا والعراق ولبنان والسودان، وإلى ما شاءت دول النفط من فوضى في بلاد العرب.
فمن يا ترى يدل القادة العرب على طريق غزة، لعلهم أضاعوه يوم أن سلكوا طريق اليمن؟!
ومن يا تُرى! يتصدق عليهم بنصيحة أن القدس المحتلّة وغزة المحاصَرة، وكلّ الأراضي الفلسطينية المغصوبة في حاجة مُلحة إلى الحضن العربي، وليس سوريا العروبة، ولا العرب الأقحاح “اليمن”!