هُــدنة “غزة”.. ساعاتٌ حاسمة أمام اتّفاقٌ بشروط المقاومة
المسيرة- متابعات
تتسارَعُ التطوُّراتُ فيما يتعلَّقُ بالمفاوضات الهادفة إلى إتمام هُدنة في قطاع غزةَ، تتخللها عمليةُ تبادل للأسرى بين العدوّ الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
الأجواءُ المحيطة بالمفاوضات تتخذ منحىً إيجابيًّا، عكسته تصريحاتٌ صادرةٌ عن أكثرَ من جهةٍ؛ إذ أعلن رئيسُ المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في بيان نشرته مِنصة حماس على تليغرام، الثلاثاء، أن التوصلَ إلى اتّفاق هُدنة “بات قريباً”، مُضيفاً أن الحركة “سلمت ردَّها للإخوة في قطر والوسطاء”، دون الادلاء بمزيد من التفاصيل.
من جهته، عضو المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق، أكّـد أنّ “فصائلَ المقاومة موحَّدةٌ في الميدان والسياسةِ، واتّفاق الهدنة سيشمل جميع الفصائل، وأنّ الإفراج عن أسرى الاحتلال سوف يقابلُه إفراجٌ عن أسرى فلسطينيين من سجون الكيان”. وقال الرشق إنّه “إذا تم الإعلانُ عن اتّفاق فسيكون مقبولاً ومُرْضياً لنا، وسيعبِّرُ عن مطالب المقاومة”، موضحًا أنّ الإعلانَ عن تفاصيله “سيكونُ من قبل الأشقاء في قطر والوسطاء”.
أما إعلام العدوّ فذكر، أمس الثلاثاء، أنه “من المتوقَّع أن تعلِنَ الحكومة القطرية اليوم عن التوصل لاتّفاق حول هُدنة مؤقَّتة بين “إسرائيل” وحماس”. هذا التصريح سبقه أَيْـضاً إعلان لـ “هيئة البث الإسرائيلية” بأن العدوَّ “أعطى الضوءَ الأخضر لصفقة (تبادل)، بانتظار ردِّ حماس”، فيما أعلن البيت الأبيض “العملَ على مدار الساعة؛ مِن أجل التوصّل إلى اتّفاق بشأن الرهائن”، مُشيراً إلى “أننا أقرب إليه من أي وقت مضى”.
وفي السياق، قالت مصادرُ مطلعة: “إن العدوّ الإسرائيلي “خضع لشروط المقاومة في ما يتعلق بصفقة التبادل التي سيعلن عنها قريباً، وذلك بعد إنجاز التفاصيل الفنية”.
وبحسب المصادر نفسها، فَــإنَّ “الهُدنة ستستمر 5 أَيَّـام أَو 4 أَيَّـام وليس أقلَّ من ذلك مع تقييد الحركة العسكرية الإسرائيلية في الجو (وقف الغارات)، وعلى الأرض لمعظم الوقت (عمل الدبابات)”، إضافة إلى ذلك، فسيتم إدخَال شاحنات مساعدات إلى قطاع غزة بما فيه الشمال”.
وعن الجزء المتعلق بتبادل الأسرى، “فسيتم إطلاقُ سراح معتقلين فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، خُصُوصاً نساء وأطفال، مقابل إطلاق سراح إسرائيليين “مدنيين” لدى المقاومة”، مع الإشارة إلى أن ذلك سيكون بشكل تدريجي بحيث “يتم إطلاق سراح 10 أسرى لدى المقاومة يوميًّا مقابل دخول المساعدات وإطلاق سراح النساء الفلسطينيات والأطفال”، بحسب المصادر.
والاتّفاقُ في حال تنفيذِه دونَ حدوث عرقلة أَو مماطلة من قبل العدوّ، الذي سبق أن مارَسَ هذه الألاعيبَ في مفاوضات سابقة مؤخّراً؛ في محاولة لكسب المزيد من الوقتِ؛ علَّه يحقّق أي إنجاز ميداني يستطيعُ من خلاله فرضَ شروطه على المقاومة، هذا الاتّفاق سيشكِّلُ كسراً لواحدٍ من أهم الأهداف المعلنة للعدوان على غزة، وهو إعادةُ الأسرى بالقوة من دون التفاوض مع المقاومة الفلسطينية.
تفاصيلُ الاتّفاق والتفاصيل المتعلقة بآلية تنفيذه، تؤكّـدُ نقطةً هامةً بأنه بعد 45 يوماً على بدء الحرب التي تشنّها “إسرائيل” بكل هذا الدعم الغربي والأميركي على كافة الصعد، مع الحصار المطبق وكمية النار الملقاة على القطاع والقتل الوحشي والتدمير والتهجير، بعد كُـلِّ ذلك تثبت المقاومة أنها لا تزال قادرةً على العمل بحرفية وبشكل متوازٍ على المسارَينِ: العسكري والسياسي، وهي تصُدُّ التوغل البري وتحقّق إصاباتٍ مباشرةً في صفوف العدوّ بزخم كبير وتستطيع في الوقت عينه التواصل والتنسيق مع جناحها السياسي الذي يتواصل مع الوسيط القطري لإتمام المفاوضات.
إلى جانب ذلك، تثبت المقاومة “قدرتَها على تولِّي مراحل تنفيذ الاتّفاق المتوقَّع خطوةً مقابل خطوة، وهذا يدل على تعافي المقاومةِ وامتلاكها القيادة والسيطرة”.
الأهمُّ من ذلك كله، وفي وقت عرقل فيه العدوُّ الاتّفاقَ الأخيرَ بانتظار ما سينتج عن “إنجاز مشفى الشفاء” الذي ظهر بعد كُـلّ الضخ الإعلامي الذي سبقه، كمسرحيةٍ هزيلة العناصر؛ إذ لم يستطع العدوّ تقديم أية إنجازات حقيقية مقنعة، ويعكس مضمون الاتّفاق المتداول إجبارَ المقاومة العدوَّ على الرضوخ والموافقة على شرطها المتمثل “بالفصل بين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين”، وهو ما رفضه العدوُّ سابقًا.
معنى ذلك أنه سيكونُ مجبراً على العودة مجدّدًا إلى طاولة المفاوضات لدفع الثمن الكبير مقابل حصوله على الأسرى العسكريين.