غزة أيتها الجريحة أخبريهم
مرتضى الجرموزي
غزة أيتها الجريحة، أيتها الصابرة الصامدة منذ الزمن الطويل، أيتها الوجع الموجوع، والحرق المكتوي بنيران الطغاة والظالمين، صهاينة ومطبعين، جعلوا ملاجئكِ ومشافيك ومدارسك للملتجئين محرقة!! والقاصد إليكِ مقتولاً لا محالة، واقتلعوا أشجار الزيتون، وأحرقوا أرضك، قتلوا نساءك ورجالكِ وأطفالك، قتلوا كُـلّ شيء فيك.
الغازات والسموم ملأت سماءكِ، أضاءوا ليلكِ بنار القذائف الفسفورية وحمم الصواريخ والقنابل الفتّاكة، وجعلوا نهاركِ عرضاً لجثثكِ وأشلائكِ من النساء والأطفال والمدنيين العُزّل.!
ما بال الظالمين، ما بال الصهاينة يهودهم وعربهم يحاربوكِ بعد أن حاصروك أعواماً واليوم يتفننون بالإجرام، ويتباهون بجرائم، أعمقوا جرحكِ بالطعن والقتل والهدم والتهجير بعد أن عجزوا بالأباطيل والأكاذيب لتشويهكِ بالإرهاب، واقتحام المشافي بالمظاهر العسكرية.!
غزة هاشم أيتها الحزينة، أيتها الجريحة ما طاب جرحكِ، وما انتهت آلامكِ وما تلاشت أحزانك، رآكِ قاسي القلب، فَـ رَقَّ قلبُه، ودمعت عيناه.
كيف أصبحت أرض الحب والسلام، كيف أضحت ديارُ العروبة والإيمان من الشاطئ المحاصر إلى الغلاف المحتلّ أكوامًا من الخراب؟!
ما بال الشمال يُدمّـر، وما بال الجنوب يُهدّم، ما بال الوسط والمخيمات بأشكالها ومسمياتها وجغرافيتها أنقاضاً هُدّمت على رؤوس أطفال ونساء ومدنيين لا ذنب لهم سوى عروبتهم وإيمانهم وعزيمتهم وتوقهم للحرية والاستقلال والعيش الكريم.
أي خراب حَـلّ بمساجدك العامرة بذكر الله، الساجدة فيها جباهٌ ما خضعت إلّا الله، مدارس الأونروا تنصل عن حمايتها القانون الدولي والمنظمات الأممية التي لطالما تغنت بالحياد والدفاع عن الإنسانية.
أطفالك الصغار وحديثي الولادة (الخدّج) وحتى الأجنة في أرحام الأُمهات متهمين بالإرهاب والتطرف.
غزة أيتها الوجع الدامي والجرح النازف، أأنتِ الإرهاب الذي دمّـر ذاته وقتل كيانه!! وكيف لي تصديق تُرّهات وذرائع قوى الاستكبار والصهيونية العالمية وحديثهم عن الإرهاب وهم ذات الإرهاب، وكلّ الشر ومحور الشر.
إلى أي خراب ودمار يلتفت إليه بصرك لتلك الطرقات التي نخلتها الصواريخ، أم لتلك الأسواق الخالية التي تقف وحيدة على ركامها وكأنك تسمع الأنين من تحت الأنقاض، أم لتلك المقابر وروضات الشهداء الجماعية التي خطفت أراوحهم قذائف الموت وصواريخ كانت هي حديث الصناعات العسكرية الأمريكية والعالمية عبر الطائرات الحربية أَو عبر القطع البحرية المحاصرة للقطاع من الجهة الغربية.
أيتها الجريحة حاربوك، وأحرقوك، جرعوك المنية، قطّعوا أجزاءَكِ وقتلوكِ ثم قتلوكِ بعد أن فصلوك عن جغرافيا القدس والضفة الغربية ولم تمُت القضية الفلسطينية.
لم تموتِي، لا زلتِ مقاومة مجاهدة محتسبة، لم تنكسر إرادتك فما تزالين صابرة مجاهدة مرابطة، ولم تُهزم عزيمة أبناءك في حركات المقاومة والفصائل الجهادية، أخبريهم عن أية معجزة تتقدسين بها.
أخبريهم عن أي طريقٍ مضيتِ عليه، وعن أي نهج استقيتِ منه الصبر والعزيمة والإيمان والإصرار والتحدي ومواصلة السير رغم وعورة الطريق والأمل في نهايتها هو الانتصار ودحر الأقزام من كُـلّ شبر بأرض فلسطين العروبة.
أخبريهم عن سر هذا الصبر والصبر المعطاء، أخبريهم عن طوفانك المدمّـر والساحق الهائج ناراً وبأساً من بأس الله وقوته، أخبريهم أن هذا الطوفان مُستمرّ ولن يتوقف ما دُمت وفلسطين تُثخن فيكم الجراح وتتمزّق الجثث أشلاءً متطايرة بفعل الحقد والعربدة الصهيونية.
ومع تمادي وبغي الكيان الصهيوني والأمريكي واستمرار جرائمهما بحق أبناء غزة إلّا أن الثقةَ بالله ملءُ السماء والأرض أن النصر في نهاية المطاف هو لك، هو لأبنائك، لأهلك، لمقاومتك لمجاهديك الشرفاء وقادتك العظماء، يرافقه الخزي والعار والشنار لقوى العدوان المباشر والداعم والممول والصامت، ولن يفلح اليوم من خان وطبّع.