من أي نصرٍ إلهي نبدأ الحمد؟!
بشرى خالد الصارم
من بين تاريخ حكام العصا الغليظة إلى تاريخ القشة..
يمن الإيمَـان ينفض غباره ويعود ليتقدم بكل ثبات وعزة وبكل نخوة وشهامة كما عُرف عنه، عودة عَزّ الوصول إليها فيما قد مضى في ظل تواطؤ المستكلبين والغزاة والمحتلّين عليها، وتقاسموها رقعةً رقعة، مرحلة تَكبّل فيها ويل الأزمات، وَويل الحروب الداخلية المُهاجمة في ليلٍ مُظلم بخناجر غادرةٍ مسمومةٍ غُرست في ظهر الشرفاء والقُرناء واحداً تلو الآخر، وكذلك حربٌ خارجية وعدوانٌ ظالم مستبد وضع يده الخسيسة مع تلك الأيادي الغادرة الغارقة بدمِ الشرفاء الأحرار، فغَرس في نفوس الشعب نظامًا ودينًا وهَّـابيًّا، طغى وأفسد بياض وقلوب هذا الشعب المعروف بفطرته النظيفة والسليمة والإيمانية، الفطرة التي فطره الله عليها، فتمادى هذا الطغيان ومد جذوره إلى العمق اليمني، وغزى جيلَه بشتى الفتن، ما ظهر منها وما بطن، بدايةً بدخول ما يُلهي ويَفسد الشعب رجالاً وأطفالاً وكان نصيب النساء هو الأكبر من هذا الغزو، غَرس ثقافات مغلوطة في الدين، منها التشكيك في وحدانية الله وذاته -حاشاه من كُـلّ نقص وعيب-، وفي التنقيص من أخلاق ونزاهة نبيه محمد -عليه صلوات ربي وسلامه وعلى آله-، ثم توجّـه إلى نواة المجتمع ومركزه وهي (المرأة)، فغرس ثقافات باطلة عن الحجاب والاختلاط والتحرّر وحرية التعبير المنبطح للأخلاق، وحرية العيش والخروج من غير محارمها، ومساواتها مع الرجل بما يخالف أوامر الله ونواهيه ولأنه يعلم أن فساد الأُمَّــة الإسلامية هي من فساد نسائها.
ثم بَث سمومه عبر الحرب الناعمة وما تحتويها من أسلحة متمثلة بـوسائل العصر والتكنولوجيا والتطور، من قنوات فضائية وَمسلسلات ومواقع تواصل اجتماعي وغزو فكري ومبدئي وعقيدي، لكي يُثمر جيلاً يفصل الإسلام والجهاد عن دينه، وَيُشغل حياته ويشتت تفكيره عن قضايا أمته، لكي يُسهل عليه اقتياده، وجره خلفه وإيقاعه في شباكه، وفي جبروته وطغيانه من غير أن يلفظ حرفاً واحداً للمقاومة، وكيف يقاوم وهو غارق في ملذات حياته الدنيوية والفانية، هذا ما تصورهُ العدوّ لهذا الشعب، إلى أن اشتد الأمر عن حاله المفروض، وأصبح الحال لا يُسكت عنه أكثر من ذلك، فقام شعب الموت لإسرائيل، نهض شعب الصرخة صارخاً في وجوه المستكبرين الطغاة، نفض عن عينيه غبار العجز والخنوع، ونفض من رِدائه غبار الوهن والضعف، ووقف عازماً ليزيل هذا الاستكبار وهذا الذل وهذا العدوان الظالم صارخاً: “هيهات منا الذلة” نحن أحفاد الأشتر، وأنصار الرسول -عليه صلوات ربي وسلامه وعلى آله-، نحن من قال الرسول عنهم: (الإيمان يمان والحكمة يمانية)، نحن من قال عنهم أَيْـضاً: (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة)، فحملوا جراحهم وقضيتهم والدفاع عن وطنهم بأيديهم الأولى، وبندقيتهم وإيمانهم بالله والتوكل عليه بأيديهم الأُخرى، وذهبوا عازمين للجهاد والنصر أَو الاستشهاد، متوكلين على الله جنوداً لقائدٍ قرآني علم مجاهد كرار غير فرار، وانطلقوا في سبيل الله يقاتلون أهل الكفر والطغيان والمرتدين عن دينهم، محقّقين نصرًا بعد نصر، وإنجازًا بعد إنجاز، وتمكينًا بعد تمكين، حتى اضمحلت قوى الطاغوت وتفككت وتمزقت بإذن من الله، وبقوةٍ من الله، وبتأييدٍ من الله سبحانه وتعالى، فيعودوا مدججين بيقين النصر برِكاب السيد القائد العلم المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
ومن بوابة حروبٍ كثيرة كانت ولا زالت ضد هذه المسيرة العظيمة ومشروعها القرآني الذي التحق بها كُـلّ يمني حر شريف غيور على أرضه ووطنه ودينه وقضيته، فهتفَ الملايين بصرخة طالما أراد العدوّ وأدواته داخل اليمن بغلق أفواه قائليها مخافةً من عصاتهم الغليظة، فكسروا تلك العصا على رؤوس أدواتها وصرخوا ودحضوا قوى الكفر والعدوان، ونهضوا بشعبٍ طالما كان مصدر وأصل العزة والكرامة والعروبة لكل الشعوب، نهضوا بشعبٍ قويٍ شامخٍ كما عَهده الغزاة الطامعين السابقين الذين دُفِنوا وقُبِروا في هذه الأرض فأسموها “مقبرة الغزاة”، ونهضوا بشعبٍ مكتفٍ ذاتياً زراعياً، واقتصاديًّا وعسكريًّا، متوكلاً على الله، مستمِدًّا قوته من الله ومن هديه ومن كتابه، ومن هدي آل البيت -سلام ربي عليهم-، وتحت قيادة حكيمة وعظيمة.
فأصبح لديهِ ما يكفي لخوض غمرات الحروب وأشدها وأعنفها، متحدياً أكبر طواغيت الزمن والعقود وهو العدوّ الإسرائيلي والصهيوني، أصبح شعبٌ يهدّد ويَقصفُ كيانه الهش، ويستولي على سفنه ويحاصر تجارته ويدمّـر اقتصاده، وينكل به بكل ما يقدر عليه وفي متناول يده وأنه لن يتوانَى، وبإذن الله هذا العدوّ إنه على زوال.
وما ذلك علينا ببعيد.