الأمّة التي تعشق الشهادة هي التي تخوض غمار الموت
عدنان علي الكبسي
من يتأمل القرآن الكريم ويتدبر آيات الله في كتابه العزيز، والله سبحانه يتحدث عن الجهاد ويحث عليه، وهو سبحانه يتحدث عن الشهادة يجد فعلًا أن الله أراد للأُمَّـة أن تبني نفسها من خلال القرآن الكريم لتكون أُمَّـة قوية عزيزة، أُمَّـة ذات منعة تواجه أعداءها، تواجه كُـلّ التحديات والأخطار، تتصدى لقوى الشر والإجرام، وليس لتبقى أُمَّـة مستكينة ضعيفة تخاف من سطوة المستكبرين وترتجف أمام الطغاة.
الله سبحانه وتعالى أراد لعباده المؤمنين أن يكونوا أعزاء في واقع حياتهم، في علاقتهم بالآخرين، في معركتهم مع الآخرين، (وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلمُؤمِنِينَ)، لا يريد الله للأُمَّـة أن تعيش حالة الذل والهوان لصالح الأعداء، لا تعيش حالة التبعية والارتهان والخنوع لهم والاستسلام لهم، بل الله يريد للأُمَّـة أن تعيش حالة من العزة والمنعة والكرامة؛ وبالتالي تتحرّر من كُـلّ حالات الذلة والهوان والاستسلام والخنوع لأعداء الأُمَّــة.
والأمَّة التي تريد العزة والقوة والمنعة لا بُـدَّ أن تتشبع بثقافة القرآن الكريم وتتحمل مسؤوليتها أمام الله وتلتزم بتوجيهات الله، لا بُـدَّ أن تجاهد في سبيل الله، أن تنذر حياتها وموتها لله، لا بُـدَّ أن تحمل ثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، لا بُـدَّ أن تحمل روحية البذل والعطاء وعندها استعداد أن تقدم التضحيات لمعرفتها بالواقع البشري أن فيه التظالم، التحديات، الأخطار، أن فيه الصراع قائماً في الواقع البشري، وأمام هذه التحديات والمخاطر لا بُـدَّ أن تكون أُمَّـة قوية قادرة على مواجهة الطغاة والمستكبرين، ولن تكون الأُمَّــة أُمَّـة قوية إلا إذَا حملت الشهادة ثقافة وعقيدة وتوجّـهاً وسلوكًا.
ولا يمكن للأُمَّـة أن تعلي كلمة الله، ولا أن تكون من أنصار الله، ولا أن تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولا يمكن لها أن تنتصر للمستضعفين في الأرض إلا إذَا حملت ثقافة الشهادة في سبيل الله، إلا إذَا لديها الاستعداد بأن تستشهد في سبيل الله، إلا إذَا عشقت الشهادة وتريد بل وتسعى للشهادة في سبيل الله.
فالأمَّة التي تعشق الشهادة هي الأُمَّــة العزيزة الأبية، هي التي تمتلك قوة الإرادَة، هي الأُمَّــة الحاضرة في كُـلّ الميادين في مواجهة الأعداء مهما كانت إمْكَانيتهم، ومهما كان جبروتهم، ومهما كانت الوسائل التي بيد العدوّ.
الأمَّة التي تعشق الشهادة لا يمكن أن تتراجع في مواقفها، ولا يمكن أن يكبلها الأعداء بمخاوفهم، بتهديداتهم، بإرجافهم، بتهويلهم، لا يمكن أن تذهب إلى تحليل توازن القوى كما ذهب إلى ذلك علماء الوهَّـابية -أن الجهاد في هذا الزمن لا يجوز لكثرة إمْكَانية العدوّ، ومن يقاتل العدوّ الصهيوني اليوم فَــإنَّه يذهب إلى الانتحار- متناسيين قول الله سبحانه وتعالى: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ اللَّهِ كَم مِّن فِئَة قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَة كَثِيرَةَ بِإِذنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
الأمَّة التي تعشق الشهادة في سبيل الله هي التي تقف على قدميها لتخوض غمار الموت، هي التي دخلت خط معركة “طُـوفان الأقصى”، فشاركت حركة الجهاد والمقاومة في فلسطين في التنكيل بالعدوّ الإسرائيلي بالصواريخ البالستية والطيران المسيَّر، وأخذ سفن تابعة للكيان الصهيوني، لا يبالون بتهديدات أمريكا وإسرائيل والغرب، وكيف لهذه الأُمَّــة أن تخاف من بطش وجبروت أمريكا وإسرائيل وهي من ذابت في مشروع الشهادة في سبيل الله.
فالشعب اليمني فوّض السيد المولى -حفظه الله- في التنكيل بالعدوّ الصهيوني؛ لأَنَّه شعب عشق الشهادة، ولديه الاستعداد الكامل للتضحية بكل ما يملك نصرة لإخوتنا الفلسطينيين، ولم ولن يبالي بجبروت الشيطان الأكبر أمريكا وربيبتها إسرائيل، وقائد المسيرة القرآنية السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- سرعان ما لبى لرغبات الشعب اليمني المضحي والعاشق للجهاد والاستشهاد في سبيل الله فنكل بالعدوّ الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، ونحن كيمنيين مُستمرّون في البذل والعطاء؛ مِن أجل القضية الفلسطينية، وعلى جهوزية عالية للقتال في الأراضي الفلسطينية المحتلّة لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب المجرم المحتلّ.